Site icon تداوين

وطن ينزف وقيادات غائبة عن الوعي

محمد احمد الطالبي

نعيش اليوم في وطن جريح، وطن أنهكته الحروب والنكبات، وطن أصبح أبناؤه يتذوقون مرارة الفقر والقهر والضياع، فيما قياداته تعيش في عالم آخر، معزولة عن الألم والمعاناة، فاقدة لأبسط معاني المسؤولية والضمير.

تتساقط أوراق المسؤولية كما تتساقط أوراق الخريف، فلا أحد يسمع صرخات الجياع ولا أنين المظلومين. قيادات لم تعد ترى في مناصبها إلا ألقابًا فارغة من المضمون، ومجرد أزياء رسمية تحجب عيونهم عن مأساة هذا الشعب.

الخدمات تنهار يوماً بعد يوم، الاقتصاد يحتضر، والمعيشة باتت فوق طاقة البشر. القرار الوطني انتزع من جذوره، ولم تعد للسيادة ولا للهوية وزن أو اعتبار. وطن بلا قوة، بلا إرادة، بلا منعة، وكل ذلك لأن قياداته باتت مبتورة عن شعبها، مقطوعة الحبل السري الذي يربطها بالوطن ومعاناته.

لقد تحولت هذه القيادات إلى أجساد خاملة، وكأنها تخضع لتأثير مخدر قاتل، أفرغها من كل شعور بالمسؤولية، وجعلها تهذي بأحاديث لا تمت لواقع البلاد بصلة. لا يحسون بجوع فقير، ولا يسمعون بكاء أرملة، ولا يبالون بمستقبل أجيال تنهار تحت وطأة الانهيار الشامل.

إنهم هناك، في أبراجهم العالية، تحت تأثير الغيبوبة السياسية، يتبادلون خطابات جوفاء بينما الوطن ينهار شبراً شبراً. شعبٌ يموت قهراً، وهم في غفلتهم يهنأون.

أيها السادة، الوطن ينزف. والمخدر الذي يعمي بصيرتكم لن يدوم إلى الأبد. سيتذكر هذا الشعب من خذله، ومن تخلى عنه، ومن فرّط في كرامته وسيادته. ستكتب الأجيال القادمة عن خيانة المسؤولية، كما تكتب اليوم بدموعها تاريخ وطن خذلته قياداته.

Exit mobile version