هل تعرف ماهو سبب نزول ايه “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ”

(مقدمة شاملة: جوهر الآية وسياقها الوجودي)

في صميم العقيدة الإسلامية، وفي عمق التصور الإيماني للعلاقة بين الخالق والمخلوق، تقف آية كريمة تُشكِّلُ عاصماً للقلوب المؤمنة من اليأس، وحاجزاً للعقول المتأملة من الوهم، وتذكيراً أبدياً بسنن الله الثابتة في كونه. تلكم هي قول الله تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (إبراهيم: 42). هذه الآية ليست مجرد جملة في سياق سورة، بل هي مفتاح لفهم مشهد عظيم من مشاهد الصراع بين الحق والباطل، وبين العدل والظلم، في دار الامتحان والابتلاء التي نعيشها. فهي تلامس شغاف قلب المؤمن المكلوم، وتُزلزل كيان الظالم المغرور، وتكشف عن حكمة بالغة وسنن إلهية محكمة تحكم مسار هذا الوجود. إنها صياغة دقيقة لواقع قد يبدو ملتبساً على الناظر السطحي، حيث يرى الظالمين يصولون ويجولون، يتمتعون بقوة ومال وجاه، ويبطشون بالمستضعفين دون رادع ظاهر، فيخال البعض – خطأً ووَهْماً – أن الله غافل عن مشاهد الظلم، أو غير مبالٍ بما يفعله الطغاة. فجاءت هذه الآية لتصحح هذا الوهم الجسيم، وتكشف الستار عن حقيقة الموقف الإلهي من أفعال الظالمين، وتُسلِّي قلوب الصابرين المظلومين.

(أولاً: النهي عن الوهم: لماذا ينهى الله عن هذا الحسبان؟)

يبدأ الخطاب الإلهي بالنفي القاطع والنهي الجازم: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا. هذا النهي في ذاته دليل قاطع على وجود من يقع في هذا الحسبان الخاطئ، وإلا لما كان هناك داعٍ للنهي عنه. فالإنسان بطبيعته، إذا رأى الظالم ينعم بثمار ظلمه، ويُمدّ بالصحة والمال والسلطان، ويتقلب في نعم الله وهو مُصِرٌّ على كفره وطغيانه، دون أن يُصاب بعقوبة فورية، قد يخالج قلبه شك أو يسيطر على عقله وهم بأن الله قد غفل عنه أو أهمله أو رضي بأفعاله. وهذا الوهم هو ما تنفيه الآية نفياً باتاً. فالله سبحانه وتعالى منزه عن الغفلة والسَّهو والنوم، {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255). علمه محيط بكل شيء، وسمعه يدرك كل صوت، وبصره يرى كل حركة وسكنة، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (يونس: 61). فكيف يُظن به الغفلة؟! إن النهي هنا ليس مجرد تحذير من خطأ فكري، بل هو تأكيد على حقيقة يقينية: استحالة انفكاك علم الله تعالى وإحاطته عن أي فعل، مهما دق أو عظم، يصدر عن أي ظالم في أي زمان أو مكان.

(ثانياً: المشهد المربك: ما الذي يُوهم بالغفلة؟ مصدر الوهم)

فما الذي يدفع بعض الناس إلى هذا الظن الفاسد؟ ما المشهد الذي يبدو للعين فيعطي انطباعاً خادعاً بالغفلة؟ الجواب يكمن في سنّة الله تعالى في إمهال الظالمين وإمدادهم، وهي سنّة ثابتة ورد ذكرها في مواطن كثيرة من القرآن الكريم. إن الله يُمهل للظالم، يُمده بالصحة والمال والبنين والسلطان، {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ} (المؤمنون: 55-56). يفتح عليهم أبواب كل شيء من رزق ومتاع، {حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} (الأنعام: 44). ويوضح سبحانه الحكمة من هذا الإمداد في قوله على لسان إبراهيم عليه السلام: {رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ… وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ} (إبراهيم: 35-36، جزء من الآية). هذا الإمهال والإملاء والإمداد – وهو ما يُسمى أحياناً “التغافل التربوي” – هو مصدر الوهم الرئيسي. فالناظر السطحي يرى الظالم في أوج قوته ونعمته، فيظن أن هذا دليل رضا أو غفلة، غافلاً عن أن هذا كله هو جزء من الامتحان والابتلاء، وتمهيد لعاقبة أشد وأفظع.

(ثالثاً: الحكمة الإلهية: لماذا الإمهال والإملاء؟)

هنا يتجلى سؤال محوري: ما الحكمة العليا من إمهال الظالم وإمداده مع علم الله المسبق بظلمه وكفره؟ الحكمة تتجلى في عدة أبعاد عميقة:

  1. إظهار الحقائق وكشف السرائر (الابتلاء والتمحيص): لو عاقب الله كل ظالم فور ظلمه، أو عاقب كل كافر فور كفره، لما تحقق الابتلاء الحقيقي الذي من أجله خلق الله الحياة والموت: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (الملك: 2). الإمهال يمنح الفرصة للظالم ليُظهر حقيقة ما في نفسه، ولينغمس في طغيانه، فيكون هلاكه أبلغ حجة عليه يوم القيامة. كما يُمكّن للمؤمن الصابر أن يُظهر صدق إيمانه وصبره وثباته. وكما أن الصانع الأمين لا يظهر إلا إذا أُتيحت له الفرصة دون رقابة مباشرة، فكذلك لا يظهر كفر الكافر وفسق الفاسق وطغيان الظالم إلا في جو من الإمهال. فـ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا، بل هو الحكيم العليم الذي يُظهر للناس حقيقة أنفسهم وحقيقة غيرهم.
  2. إعطاء الفرصة للتوبة والإنابة: رحمة الله وسعت كل شيء. فالإمهال هو أيضاً مجال رحمة يتيح للظالم أن يراجع نفسه، ويتوب إلى ربه، ويندم على ما فعل، قبل أن يفوت الأوان، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ} (التوبة: 115). فمهلة الظالم قد تكون فرصة لخلاصه.
  3. تحقيق العدل الكامل (الكلمة السابقة): ثمة حكمة عليا أخرى تُشير إليها آيات أخرى، مثل قوله تعالى: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} (طه: 129). فالكلمة السابقة هي رحمة الله وإرادته أن يُعطي الخلق فرصة للوجود والامتحان، وأن يُحقق العدل الكامل الشامل الذي لا يقتصر على الدنيا، بل يتجلى في أبهى صوره يوم الحساب، حيث تجتمع الخليقة كلها، وتُعرض الأعمال، ويُقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. لو عُوقب كل ظالم فوراً في الدنيا، لدخل النار كافراً مُصراً على كفره دون أن تتاح له فرصة كاملة للاختيار أو التوبة، ولاختل ميزان العدل الشامل الذي يقتضي أن يُجازى كل إنسان على ما اكتسب في مدة حياته كاملة. فالإمهال تحقيق لحكمة العدل الإلهي المطلق. وهنا ندرك أن وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا هو تأكيد على اكتمال حكمته وعدله.
  4. تثبيت المؤمنين وامتحان صبرهم: مشهد الظالم المنعم وهو يبطش ويجور، يمتحن إيمان المؤمنين ويختبر صبرهم ويقينهم. فالثبات على الحق مع مشاهدة الباطل مُنتعشاً، هو دليل الإيمان الصادق. واليقين بأن النصر آتٍ، وأن الظلم زائل، وإن طال الزمن، هو من أعلى درجات الإيمان. فالإمهال وسيلة لتربية المؤمنين ورفع درجاتهم.

(رابعاً: النهاية المحتومة: اليوم الموعود)

لكن هذا الإمهال والإملاء ليس أبدياً، وليس دليلاً على الغفلة، بل هو مؤقت إلى أجل محتوم، إلى يوم عظيم مُرهب، هو اليوم الذي أخره الله لهؤلاء الظالمين: لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. إنه يوم القيامة، اليوم الذي تتحقق فيه العدالة الإلهية المطلقة، ويُجازى كل إنسان بعمله. ووصف هذا اليوم بأن الأبصار “تشخص” فيه هو تصوير بليغ لهوله وجلاله. فـ “الشخوص” هو ارتفاع البصر وثباته وعدم طَرْفه من شدة الفزع والرعب مما تراه العين من أهوال ذلك اليوم. إنه اليوم الذي يندم فيه الظالمون أشد الندم، ويتمنون العودة إلى الدنيا ليتوبوا ويعملوا صالحاً، {حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون: 99-100). وهو اليوم الذي يُختم فيه على أفواه الكافرين، وتشهد عليهم جوارحهم، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (يس: 65). وهو اليوم الذي يُصلى فيه الظالمون ناراً حامية، ووجوههم خاشعة عاملة ناصبة، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً} (الغاشية: 1-4). فـ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا، بل إن تأخير العقاب هو إلى يوم يكون فيه العقاب أشد وأفظع، وأبلغ في الزجر والعبرة.

(خامساً: العبرة والعظة: النظر في عواقب المكذبين)

وتأتي الدعوة الربانية للتأمل والاعتبار: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (الأنعام: 11). فالتاريخ الإنساني حافلٌ بشواهد على صدق هذه الآية. الأمم السابقة التي طغت وتجبرت، وتمتعت بقوة ومال، وظنت نفسها في منعة من الله، مثل عاد وثمود وفرعون وقوم لوط، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (العنكبوت: 40). إن سُنّة الله في إهلاك الظالمين لا تتخلف، ولكنها قد تتأخر لحكمة. فالبطش الإلهي شديد، {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (البروج: 12)، ولكنه يأتي في الوقت المحدد الذي تقتضيه الحكمة الإلهية. النظر في هذه العواقب يقطع الطريق على وهم الغفلة، ويُثبت اليقين بأن وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.

(سادساً: خطاب التثبيت والتسلية: مواساة للمؤمنين ووعيد للظالمين)

إن خطاب الآية وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا موجه في أصله – كما ذكر المفسرون كالقرطبي وابن كثير – لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهة أذى وظلم مشركي قريش، الذين كانوا يصدون عن سبيل الله ويؤذون المستضعفين من المؤمنين، وهم ينعمون بالقوة والجاه. فهي تسلية عظيمة له وللمؤمنين معه، بأن ما يرونه من تمكين الظالمين مؤقت، وليس نهاية المطاف. وفي الوقت نفسه، هي أشد وعيد للظالمين، تحذيراً من عاقبة طغيانهم، وتذكيراً بأن كل ما هم فيه من نعمة هو استدراج لهم، وتمهيد لعذاب أليم. كما قال ميمون بن مهران: “هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم”. إنها تزرع الطمأنينة في قلب المظلوم بأن حقه لن يضيع، وأن الظالم لن يفلت من عقاب الله، سواء أدركه في الدنيا أم أخره الله ليوم تشخص فيه الأبصار. وتغرس الخوف في قلب الظالم من عاقبة ظلمه. إنها كلمة جامعة بين الرحمة للمؤمنين والعدل على الظالمين.

(سابعاً: شمولية المعنى: الظلم بجميع أشكاله)

والمقصود بالظلم في الآية ليس فقط الكفر بالله وشركه، بل يشمل كل أنواع الظلم التي يرتكبها الإنسان: ظلمه لنفسه بالمعاصي والآثام، وظلمه لغيره بالاعتداء على الأموال والأعراض والدماء والحقوق، وظلمه لله بالخروج عن أمره ونهيه. فالله سبحانه وتعالى لا يغفل عن شيء من ذلك كله. وهذا ما أكده قول سفيان بن عيينة: “هي تسلية للمظلوم وتهديد للظالم” بمعناه الواسع. فكل من اعتدى على حق، أو جار على خلق، أو استبد برأي، أو أفسد في الأرض، فهو داخل تحت طائلة هذه الآية. فـ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ شاملة لكل ظالم في الأرض.

(ثامناً: دعوة المظلوم وسرعة الاستجابة: ارتباط وثيق)

ويأتي هنا ربط مهم بين هذه الآية الكريمة وبين ما ورد في السنة النبوية من أن دعوة المظلوم مستجابة، وليس بينها وبين الله حجاب. فقد قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» (رواه البخاري ومسلم). فكيف نوفق بين سرعة استجابة دعوة المظلوم في بعض الأحيان، وبين تأخير عقاب الظالم إلى يوم القيامة كما في الآية؟ الجواب يكمن في حكمة الله المطلقة. فالله يستجيب لدعوة المظلوم بحسب ما تقتضيه حكمته: فقد يستجيب له في الدنيا فينتقم له من ظالمه سريعاً، أو يعوضه خيراً مما أُخذ منه، أو يصرف عنه شراً أكبر. وقد يؤخر عقاب الظالم لحكمة – كالتي ذكرناها كالابتلاء أو إعطاء فرصة للتوبة أو تحقيق العدل الشامل يوم القيامة – مع حفظ حق المظلوم وضمان نيله كامل حقه في الآخرة. فعدم نزول العقاب الفوري بالظالم لا يعني عدم استجابة دعوة المظلوم، ولا يعني أن الله غافل، بل يعني أن حكمة الله اقتضت التأخير لحكمة عظيمة، مع ضمان تحقيق العدل الكامل في الوقت والمكان المناسبين. وهذا يزيدنا يقيناً بأن وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ.

(تاسعاً: التطبيق العملي: تدبر الآية في واقع الحياة)

إن تدبر هذه الآية العظيمة وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ يفرض على المسلم مواقف عملية في حياته:

(خاتمة مؤثرة: رسالة أمل وتذكير)

فالآية الكريمة وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ هي نور في ظلمات الظلم، ويقين في زمن الشك، وأمل في أوقات اليأس، وعدل في عالم الجور. هي تذكير دائم بأن مشيئة الله نافذة، وحكمته بالغة، وعلمه محيط، وعدله قائم. إنها تقطع الطريق على كل وهم بالغفلة، وتؤسس لقلب المؤمن ثقة لا تتزعزع بأن الله معه، وبأن نصر الله آتٍ، وبأن الظلم إلى زوال، مهما علا صاحبه أو طال به الزمن. فسبحان من حرَّم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرماً، ووعد بنصرة المظلوم، وانتقاماً من الظالم، في الدنيا أو في الآخرة، أو فيهما معاً، تحقيقاً لكمال عدله ورحمته وحكمته. فهنيئاً لمن اتقى وعمل صالحاً، وويل لمن طغى وتجبر وظن أن الله غافل، فإن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون.

Exit mobile version