أحمد الغباري
أولا: المفاعل المعروف باسم “فوردو” أو “طنزو” تم بناؤه داخل جبل بارتفاعات شاهقة قرب مدينة قُم، ويُعد من أكثر المنشآت تحصينًا في العالم. المفاعل مدفون على عمق يصل إلى 80 مترًا تحت الأرض، ويحيط به أكثر من طبقة حماية: طبقة أولى من الخرسانة المسلحة بسُمك 2.5 متر، تليها طبقة فولاذية سميكة، ثم طبقة إضافية من الخرسانة والحديد. هذا التصميم جعله محصنًا أمام القنابل التقليدية والصواريخ الخارقة للتحصينات، بما في ذلك قنابل GBU-57 الضخمة المعروفة باسم “MOP” والتي حملتها قاذفات B-2 الأمريكية خلال الضربة.
ثانيا: رغم أن الولايات المتحدة استخدمت طائرات من طراز B-2 Spirit الشبحية، وانطلقت من قواعد في قطر وقاعدة دييغو غارسيا، ونفذت الضربة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57A/B زنة 13 طنًا، فإن الضربة لم تحقق هدفها في تعطيل البرنامج النووي أو تدمير منشآت التخصيب الأساسية. السبب يعود إلى أن أجهزة الطرد المركزي الحساسة قد نُقلت إلى أعماق أكبر داخل الجبل، كما تم تزويد الموقع بنظام امتصاص صدمات وتدعيم داخلي يمنع حدوث انهيار داخلي شامل.
ثالثا: بعد الضربة، وعلى عكس التوقعات، لم تُوقف إيران برنامجها النووي، بل اعتبرت أن الضربة فشلت في ردعها، وأن المجتمع الدولي أصبح في موقف ضعف. بعض المراقبين يرون أن الضربة أعطت إيران الغطاء السياسي والمبرر للانتقال من التخصيب المدني إلى العسكري، وربما امتلاك القدرة على إنتاج قنبلة نووية، إن لم تكن قد امتلكتها بالفعل.
رابعا: هذا الفشل يُعد نقطة تحول استراتيجية في ميزان القوى، حيث أصبح من الواضح أن أي هجوم جوي محدود لن يستطيع إيقاف إيران، ما لم يتم استخدام تكتيكات أشد خطورة، وهو ما تخشاه الولايات المتحدة بسبب تداعياته الإقليمية والعالمية، وردود الفعل من روسيا والصين وحزب الله.
خامسا: الضربة التي كانت تهدف لإظهار القوة، كشفت في الحقيقة حدود القوة، وأظهرت أن امتلاك التكنولوجيا العسكرية لا يكفي ما لم يكن الهدف قابلًا فعليًا للتدمير. فمفاعل فوردو ليس هدفًا عسكريًا تقليديًا، بل قلعة تحت الأرض تم تصميمها خصيصًا لهذا اليوم.
منقول