تصعيد دامٍ في اليمن: غارات أمريكية تستهدف ميناء نفطيًا وتخلف عشرات الضحايا وسط تبادل للاتهامات
في تصعيد خطير للعمليات العسكرية، أفادت قناة “المسيرة” التابعة للحوثيين عن مقتل ما لا يقل عن 38 شخصًا جراء غارات جوية أمريكية استهدفت ميناء نفطيًا يقع غرب اليمن.
ويُعد هذا الهجوم من بين الأعنف منذ أن كثفت الولايات المتحدة حملتها الجوية ضد الجماعة المدعومة من إيران خلال الأسابيع الأخيرة.
في المقابل، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” مسؤوليتها عن الغارات التي استهدفت ميناء رأس عيسى للوقود في محافظة الحديدة، مؤكدة أن الهدف من العملية هو تجفيف مصادر تمويل الحوثيين.
وأوضحت “سنتكوم” في بيان رسمي أن الميناء كان يُستخدم كقناة لتحقيق مكاسب غير مشروعة للجماعة، مشددة على أن “الهدف من هذه الضربات هو إضعاف مصدر القوة الاقتصادية للحوثيين، الذين يواصلون استغلال وإيذاء مواطنيهم، ولم يكن الهدف إلحاق الضرر بالشعب اليمني”.
بيد أن قناة “المسيرة” نقلت عن مصادرها أن جميع الضحايا هم من العاملين في الميناء، مشيرة إلى إصابة 102 شخص آخرين وفقًا للمكتب الإقليمي لوزارة الصحة التابعة للحوثيين.
يأتي هذا الهجوم في سياق حملة جوية أمريكية متصاعدة بدأت منذ منتصف مارس الماضي، استهدفت مواقع للحوثيين في اليمن شملت مصافي نفط ومطارات ومواقع إطلاق صواريخ.
وتأتي هذه العمليات عقب تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستخدام “قوة ساحقة” لتحقيق هدف الولايات المتحدة المتمثل في ردع الحوثيين عن استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وكان الحوثيون قد أطلقوا عدة صواريخ باتجاه إسرائيل وعطلوا حركة الملاحة في البحر الأحمر، معلنين أن هذه الأعمال تأتي في إطار التضامن مع الفلسطينيين في مواجهة الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023.
وقد بثّت قناة “المسيرة” لقطات مصورة تظهر مصابين يتلقون العلاج في أحد المستشفيات عقب الهجوم، وبدت على العديد منهم آثار حروق واضحة.
ونقلت القناة عن رجل عرّف نفسه بأنه من الدفاع المدني، وكان يخضع للفحص وهو يعاني صعوبة في التنفس، قوله: “استهدفت عدة غارات جوية المنطقة، ووجدت نفسي أسقط أرضًا إثر سقوط صاروخ”. كما وصف ناجٍ آخر لحظات القصف قائلاً: “ضربة تلو الأخرى، اشتعلت النيران في المنطقة بأكملها. وعندما تمكنا من المغادرة، رأينا المكان الذي كنا نختبئ فيه يتعرض للقصف أيضًا”.
في المقابل، ترى الولايات المتحدة أن حملتها العسكرية تحقق أهدافها، حيث أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، عن مقتل العديد من قادة الحوثيين.
وكانت شبكة CNN قد ذكرت سابقًا أن التكلفة الإجمالية للعمليات العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين تقترب من مليار دولار خلال ثلاثة أسابيع، وفقًا لمصادر مطلعة، إلا أن تأثير هذه الهجمات على قدرات الجماعة لا يزال محدودًا حتى الآن.
وبينما تشير تقديرات المحللين إلى مقتل ما يصل إلى 80 ضابطًا عسكريًا حوثيًا، يبدو أن القيادات العليا العسكرية والسياسية للجماعة لم تتأثر بشكل كبير، وكذلك بعض مواقع إطلاق الصواريخ التابعة لها.
وكانت وزارة الصحة التابعة للحوثيين قد ذكرت في وقت سابق عن مقتل 123 شخصًا على الأقل، بينهم نساء وأطفال، وإصابة 247 آخرين منذ 15 مارس، وفقًا لوكالة “سبأ” اليمنية للأنباء التابعة للحوثيين، علمًا بأن شبكة CNN لم تتمكن من التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل.
في غضون ذلك، استمر الحوثيون في إطلاق صواريخ باليستية على إسرائيل، بالإضافة إلى وابل من الطائرات المسيرة والصواريخ على سفن البحرية الأمريكية.
ورغم أن هذه الهجمات لم تسفر عن أضرار جسيمة، إلا أن التهديد الذي تمثله الجماعة لا يزال قائمًا. وفي وقت مبكر من يوم الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن، فيما أفادت خدمة الطوارئ الإسرائيلية بعدم ورود تقارير عن وقوع إصابات.
وقد أظهرت صور أقمار اصطناعية حللتها وكالة أسوشيتيد برس دبابات ومركبات مدمرة في الميناء اليمني الذي تعرض للغارات الأمريكية، بالإضافة إلى تسرب نفطي في مياه البحر الأحمر. وكشفت الصور الصادرة عن شركة “بلانت لابز بي بي سي” حجم الأضرار التي لحقت بميناء رأس عيسى، الخاضع لسيطرة الحوثيين في اليمن. وكانت تقارير سابقة للحوثيين قد أشارت إلى مقتل 74 شخصًا وإصابة 171 آخرين في الهجوم.
معلومات أساسية عن ميناء رأس عيسى:
يقع ميناء رأس عيسى على ساحل البحر الأحمر في محافظة الحديدة، ويُعد خزانًا عائمًا مخصصًا لتحميل وشحن النفط الخام لأغراض التصدير. ويستقبل الميناء النفط الخفيف من حقول مأرب والجوف وبعض الحقول المجاورة عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 439 كيلومترًا. بدأ تشغيل الميناء في عام 1985/1986 وتشغله شركة صافر اليمنية للنفط.
وتبلغ طاقته التخزينية ثلاثة ملايين برميل، ويتراوح معدل الضخ فيه بين 15 ألفًا و60 ألف برميل في الساعة. ويرسو الخزان العائم “صافر” على بعد حوالي 4.8 ميل بحري عن شاطئ رأس عيسى، الذي يقع على بعد 60 كيلومترًا شمال مدينة الحديدة.
ويضم الميناء 34 خزانًا بأحجام مختلفة. وتسمح قوانين الميناء برسو ناقلات نفط بأبعاد محددة، بما في ذلك طول أقصى يبلغ 350.6 مترًا وحمولة ساكنة لا تزيد عن 307 آلاف طن متري.