قبيلة الجميلات : سيرة قبيلة حفرت اسمها في صخور التاريخ وقلاع الصمود

من قلب نجد إلى أطراف المشرق.. رحلة بطولات وصراع من أجل البقاء

أسطورة الصمود: قصر سلمى والصراع مع شريف مكة

في قلب منطقة الأفلاج، حيث تلتقي الرمال بالواحات الخضراء، يقف قصر سلمى شاهداً حياً على فصل مجيد من فصول تاريخ قبيلة الجميلات. لم يكن هذا القصر مجرد مسكن، بل كان حصناً منيعاً ومعلماً استراتيجياً ورمزاً للعزة القبلية. بناه الأمير حماد الجميلي، أحد أبرز زعماء الجميلات في منتصف القرن العاشر الهجري (حوالي القرن السادس عشر الميلادي)، ليس كتحفة معمارية فحسب، بل كملاذ آمن وقلعة دفاعية في زمن الاضطرابات والتهديدات المتكررة من قِبَل شريف مكة، الذي رأى في نفوذ وتوسع القبائل في نجد، ومنها قبيلة الجميلات، تحدياً لسلطته ومصالحه.

تصور هندسة القصر العبقرية الدفاعية: أسوار ضخمة يصل عرض قاعدتها إلى أربعة أمتار، ترتفع شاهقة لتلامس السماء بعشرة أمتار أو أكثر، مصممة على شكل سداسي يتوج كل زاوية منه برج مراقبة حاد البصر، يطل على الفيافي الممتدة. ولم يكن ذلك كافياً في نظر الأمير حماد، فحفر حول القصر بأكمله خندقاً عريضاً يبلغ عرضه وعمقه عشرة أمتار، يُملأ بالماء عند اشتداد الخطر، ليكون حاجزاً مائياً يصعب اختراقه. هذا التصميم المعقد جعل القصر أشبه بجزيرة منيعة وسط الصحراء.

وقد جاءت لحظة الحقيقة عندما أرسل شريف مكة جيشاً جراراً لتأديب الأمير حماد وقبيلته. حاصر الجيش قصر سلمى، وطال الحصار أربعين يوماً كاملة، وهي مدة هائلة في ظروف الصحراء القاسية. حاول المحاصرون بكل ما أوتوا من قوة وحيلة اقتحام الحصن، لكنهم فشلوا أمام مناعة الأسوار ووعورة الخندق وثبات المدافعين من رجال الجميلات. تقول الروايات التاريخية أن قائد الجيش المحاصر، بعد أن أيقن عجز جيشه، عاد إلى شريف مكة خائباً وقال له مقولته الشهيرة التي خلدت صمود القصر: “وجدنا سلمى، أسفلها بالماء وأعلاها في السماء”. لقد تحول القصر من حجر وطين إلى أسطورة ترمز للصمود الجميلي الذي لا يقهر.

لكن الأقدار كانت لها مسار آخر. ففي عام 989 هـ (حوالي 1581 م)، وجد الشريف أبو نمي الثاني فرصة سانحة أثناء توجهه لقمع فتنة في الخرج، ليتحول بجيشه نحو البديع حيث يقيم الأمير حماد. هذه المرة، وربما بحشد أكبر أو بظروف مختلفة، تمكن شريف مكة من إلحاق الهزيمة بقوات الأمير حماد، وإرغامه على دفع الجزية (الأتاوة). ورغم هذه النهاية، ظل قصر سلمى رمزاً خالداً للقبيلة، حتى أن إحدى نخواتهم الشهيرة أصبحت “أخوان سلمى”، نسبة إلى هذا القصر الذي حماهم وأعزهم، ويُعتقد أن التسمية نفسها (قصر سلمى) قد تكون مشتقة من هذه النخوة أو نسبة إلى امرأة مشهورة في القبيلة تدعى سلمى. القصر لا يزال قائماً حتى اليوم في قرية البديع الشمالي، شاهداً صامتاً على ملحمة من ملاحم قبيلة الجميلات وشجاعة الأمير حماد.

الجذور الضاربة في عمق التاريخ: النسب والموطن الأصلي

تعود أصول قبيلة الجميلات (جميلة) إلى كتلة قبائل هوازن العظيمة، التي تنتمي بدورها إلى قبائل قيس عيلان المُضَرية العدنانية، مما يجعلها من القبائل العربية العريقة ذات النسب الواضح والمشهور. مساكنها الأصلية كانت في صميم نجد والحجاز، حيث عُرفت بقوتها وشجاعة رجالها. يُنسب أبناء القبيلة إلى جدهم الجامع، الأمير فيصل الجميلي، الملقب “أبي الكرم”، وهو شخصية محورية في تشكل الهوية القبلية للجميل. وتفصيل النسب كما توارثته كتب الأنساب وكما يؤكده الباحثون من أبناء القبيلة مثل سعيد عايد الجميلي وصادق الجميلي، هو كالتالي:

من هنا تتضح التسميات:

لقد شكلت هذه الأصول النجدية الحجازية الهوازنية الهلالية الهوية الأولى للقبيلة، قبل أن تدخلها فصول الترحال والانتشار التي شكلت واقعها اللاحق.

الرحيل الكبير: في ركاب تغريبة بني هلال

لم تكن قبيلة الجميلات بمنأى عن أحد أعظم حركات الهجرة في التاريخ العربي، وهي تغريبة بني هلال التي حدثت في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي). كانت دوافع هذه الهجرة الضخمة معقدة، تتداخل فيها العوامل السياسية (صراعات مع الدولة الفاطمية في مصر، أو ضغط من قبل حكام الحجاز)، والاقتصادية (الجفاف والبحث عن مراعٍ جديدة)، والاجتماعية. انضم جزء كبير من قبيلة الجميلات إلى موجة الهلاليين المتجهة شمالاً وشرقاً.

سلكت هذه الموجة البشرية الهائلة طريقين رئيسيين:

  1. الطريق الشمالي (نحو الشام): عبرت القبائل، ومنها فروع من الجميلات، شمال الجزيرة العربية إلى بلاد الشام (الأردن وفلسطين وسوريا اليوم).
  2. الطريق الغربي (نحو مصر): ومن بلاد الشام، استمرت أعداد كبيرة منهم في التقدم غرباً نحو مصر، حيث استقر بعضهم هناك، لا سيما في مناطق الصعيد. وقد شاركت هذه الفروع في الأحداث التاريخية اللاحقة في تلك المناطق.

لكن الهجرة لم تعنِ إخلاء الموطن الأصلي تماماً. فقد بقي جزء آخر من قبيلة الجميلات متمسكاً بأرض الآباء والأجداد في منطقة الأفلاج بنجد. شكل هذا الجزء المتبقي النواة الصلبة للقبيلة في الجزيرة العربية، بينما تشكلت من الفروع المهاجرة كيانات جديدة لها امتدادها وتاريخها الخاص في الشام ومصر والعراق لاحقاً. لقد قسم قرار الهجرة مصير القبيلة جغرافيا، لكنه لم يقطع أواصر النسب والانتماء.

الانكسار والتشتت: تداعيات المعركة مع الشريف

على الرغم من صمودهم الأسطوري في قصر سلمى في مواجهة أولى حملات شريف مكة، إلا أن الصراع الطويل مع شريف مكة، الذي بلغ ذروته في الهزيمة التي مني بها الأمير حماد الجميلي وقبيلته عام 989 هـ، كان له تداعيات كارثية على تماسك واستقرار قبيلة الجميلات في موطنها الأساسي في الأفلاج. لم تكن الهزيمة عسكرية فحسب، بل كانت سياسية واجتماعية عميقة الأثر.

أجبرت الضغوط الهائلة، والرغبة في النجاة والحفاظ على كيان القبيلة، أبناء الجميلات على التفرق والتشتت في أنحاء الجزيرة العربية وخارجها. كانت هذه لحظة مفصلة في تاريخهم، رسمت خريطة انتشارهم الحديثة:

  1. الرحيل إلى شرق الجزيرة العربية: توجهت مجموعة كبيرة من القبيلة شرقاً، نحو سواحل الخليج العربي، واستقرت في مناطق مثل الإحساء والقطيف والمنطقة الشرقية بشكل عام، وصولاً إلى دولة الكويت والبحرين وقطر والإمارات وسلطنة عمان لاحقاً. وقد شكل هؤلاء العمود الفقري للوجود الجميلي في الخليج.
  2. التوجه شمالاً: اتجهت مجموعات أخرى شمالاً، نحو منطقة حفر الباطن ورفحاء وطريف ومناطق الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية اليوم، ومنهم من توغل أكثر في عمق العراق.
  3. الانتقال إلى العراق: شكل العراق وجهة رئيسية للكثير من أبناء الجميلات الهاربين من الصراع في نجد. استقر هؤلاء في مناطق مختلفة من العراق، لا سيما في وسط وجنوب البلاد، وتشكلت منهم أفخاذ وعشائر كبيرة أصبحت جزءاً أصيلاً من النسيج الاجتماعي العراقي، حافظت على نسبها ونخوتها الخاصة “أولاد عايد (تلكاهم بالشدايد)”.
  4. البقاء في الأفلاج والاندماج: رغم شدة الضغوط، ظل جزء من القبيلة صامداً في موطنه الأصلي في الأفلاج. إلا أن ضعفهم العددي والسياسي بعد التشتت دفع هذا الجزء للبحث عن حماية وحلف. فاندمجوا مع بعض القبائل النجدية القوية المجاورة، وأبرزها قبيلة بني حسن (من بني خالد سابقاً، ثم من عنزة لاحقاً) في حلف قبل حوالي 300 سنة. ومن المهم التوضيح أن هؤلاء الجميل الذين دخلوا في حلف مع بني حسن هم أبناء عمومة مباشرين للجميل الهلاليين المنتشرين في الخليج والعراق، فهم جميعاً ينتمون إلى علي بن محمد بن الأمير فيصل الجميلي. كما اندمجت أجزاء أخرى مع قبائل أخرى مثل الدواسر (كما سيأتي لاحقاً).

هذا التشتت، رغم مرارته، لم يكن نهاية قبيلة الجميلات، بل كان بداية لفصول جديدة من تاريخها في جغرافيات أوسع، حيث حافظ كل فرع على هويته ونسيجه الاجتماعي الخاص.

التمازج والتحالف: الجميلات وحلف الدواسر

يشير المصدر التاريخي المذكور في نهاية المقال إلى جانب مهم في مسار جزء من قبيلة الجميلات، ألا هو انضمامهم إلى حلف قبائل الدواسر الكبير والمؤثر في جنوب نجد وشرقها. يذكر النص: “الجميلات: يُنسبون إلى قبيلة جميلة الهلالية، التي كانت مساكنها الأصلية في الأفلاج شرق وادي الدواسر. انضمت هذه القبيلة لاحقًا إلى حلف الدواسر بعد هجرة بني هلال التاريخية إلى المغرب وشمال أفريقيا، مما يشير إلى قدرة الدواسر على استيعاب المجموعات الأخرى وتضمينها ضمن كيانها القبلي”.

هذه الإشارة توضح عدة أمور:

  1. الموقع الجغرافي: وجود جزء من الجميلات في مناطق متاخمة لوادي الدواسر (الأفلاج تقع شرق الوادي).
  2. التوقيت: الانضمام جاء بعد هجرة بني هلال الكبرى، أي ربما في فترة متأخرة نسبياً، أو بعد التشتت الذي أعقب صراعهم مع شريف مكة.
  3. طبيعة العلاقة: الانضمام كان في إطار “حلف” قبلي، وهو نظام معروف في الجزيرة العربية يقوم على التحالف والتكافل بين القبائل، غالباً لحماية مصالحها المشتركة أو مواجهة أخطار خارجية. لم يعني الانضمام ذوباناً كاملاً أو فقداناً للهوية، بل اندماجاً ضمن إطار سياسي وعسكري أوسع مع الاحتفاظ بدرجة من الاستقلالية الداخلية في النسب والتنظيم.
  4. قدرة الدواسر: يسلط النص الضوء على سياسة الدواسر الانفتاحية وقدرتهم على دمج القبائل والجماعات الأخرى تحت مظلتهم، مما ساهم في توسع نفوذهم وقوتهم.

من المرجح أن هذا الجزء من الجميلات الذي انضم إلى حلف الدواسر هم من المجموعة التي بقيت في الأفلاج أو مناطق قريبة بعد التشتت، ووجدت في الدواسر حليفاً قوياً يحميها. وقد تشكل منهم أفخاذ معروفة ضمن الدواسر، مثل “النتيفات” و”الغرره” و”الكبرا” كما ورد في قائمة أفخاذ الجميل في السعودية والكويت. هذا التحالف يعد نموذجاً للتفاعل والتمازج بين القبائل العربية عبر التاريخ، حيث تختلط الأنساب وتتشكل التحالفات دون أن تمحو الأصول.

البناء الاجتماعي: أفخاذ وبطون قبيلة الجميلات

حافظت قبيلة الجميلات، على الرغم من تشتتها الجغرافي عبر قرون، على بنيتها الاجتماعية الداخلية القائمة على نظام الأفخاذ والبطون، وهو ما يضمن استمرارية النسب والهوية والتماسك الداخلي. انقسمت القبيلة في موطنها الأصلي وبعد هجراتها إلى مجموعات رئيسية تفرعت منها أفخاذ عديدة. هنا نستعرض أبرز هذه التقسيمات كما هي معروفة ومتواترة:

أولاً: في المملكة العربية السعودية والكويت

تنقسم قبيلة الجميلات الهلالية في هذين البلدين إلى قسمين رئيسيين كبيرين هما الغنيمان والجعاري:

  1. الغنيمان:
    وهو أحد القسمين الكبيرين، وينقسم الغنيمان بدورهم إلى عدد من الأفخاذ البارزة، منها:
    • الدهام: وهم فخذ كبير ومشهور.
    • المنيجل: فخذ معروف.
    • الخليف: من الأفخاذ الرئيسية.
    • المسلم: فخذ له مكانته.
    • البسام: فخذ واسع الانتشار.
    • الجريشان: فخذ مهم.
    • اللويفي: فخذ معروف.
    • النصافية: من أفخاذ الغنيمان.
    • الثنيان: فخذ بارز.
    • العنيزان: فخذ له وزنه الاجتماعي.
    • النتيفات والغرره والكبرا: هؤلاء الأفخاذ، كما ذكرنا سابقاً، دخلوا في حلف مع قبيلة الدواسر، لكن أصولهم تعود إلى الجميلات الهلالية.
  2. الجعاري:
    وهو القسم الرئيسي الثاني، ويتفرع الجعاري إلى عدة أفخاذ قوية، منها:
    • الغنيم: من أكبر أفخاذ الجعاري.
    • المجلاد: فخذ مهم ومشهور.
    • المجلد: فخذ له نفوذه.
    • الدمعان: من أفخاذ الجعاري البارزة.
    • المضيان: فخذ معروف.
    • العريفج: فخذ له مكانته.
    • الجلال: فخذ بارز ضمن الجعاري.

هذه الأفخاذ تشكل العمود الفقري للوجود الجميلي في السعودية والكويت، ولكل فخذ منها مشايخه ورجاله وموروثه الاجتماعي الخاص ضمن الإطار العام للقبيلة.

ثانياً: في العراق

شكلت الهجرة إلى العراق، خاصة بعد أحداث الأفلاج مع شريف مكة، كياناً قبلياً جميلياً قوياً ومتميزاً، توزع على مساحات واسعة من البلاد، لا سيما في المحافظات الوسطى والجنوبية. وتنقسم قبيلة الجميلات في العراق إلى عدد كبير من الأفخاذ والعشائر، من أبرزها:

هذه القائمة توضح الضخامة العددية والانتشار الواسع للجميلات في العراق، حيث أصبحت كل عشيرة أو فخذ منها يشكل وحدة اجتماعية وسكنية مستقرة في مناطقها.

ثالثاً: شجرة قبيلة الجميلات

تشير المشجرة إلى التقسيم الأساسي النسبي للقبيلة، والذي يتفرع عادة من الأبناء الأصليين للجد المؤسس أو الشخصيات المحورية في تاريخهم. وفقاً للمصادر القبلية، تنقسم قبيلة الجميلات من حيث النسب الأساسي إلى فرعين رئيسيين يندرج تحتهما غالبية الأفخاذ المذكورة أعلاه في السعودية والكويت والعراق:

  1. البو عليوي: يمثل هذا الفرع أحد الجذور النسبية الكبرى للقبيلة.
  2. البو محمد الجاسم: وهو الفرع النسبي الرئيسي الثاني.

من هذين الفرعين (عليوي ومحمد جاسم) تتفرع الأفخاذ والعشائر المختلفة المنتشرة في أرجاء الوطن العربي، مثل البو خالد، البو راشد، المرمي، البو صالح، البو داود، وغيرها الكثير المذكورة سابقاً. تمثل المشجرة الخريطة النسبية التي تربط جميع أفراد القبيلة بجذورهم المشتركة، وهي وثيقة اجتماعية بالغة الأهمية للحفاظ على الهوية والانتماء عبر الأجيال المتعاقبة.

أوطان الجميلات وديارهم

نتيجة للهجرات التاريخية القديمة (مع بني هلال) والحديثة (بعد صراع الأفلاج)، بالإضافة إلى التوسع الطبيعي والبحث عن الرزق، انتشرت قبيلة الجميلات في معظم أرجاء الوطن العربي، لتكون حضورها قوياً وملموساً في العديد من الدول:

هذه الخريطة الواسعة تجعل من قبيلة الجميلات نموذجاً للقبيلة العربية التي توزعت أوطانها، لكنها حافظت على روابط النسب والتاريخ والهوية المشتركة.

نخوة الأبطال وألقاب الفخر

تمتلك قبيلة الجميلات، كسائر القبائل العربية العريقة، نخوات (شعارات حربية ومنادات في الشدائد) وألقاباً تختصر تاريخها وتفاخر بنسبها وبطولاتها. من أشهر هذه النخوات والألقاب:

  1. “أخوان سلمى”: هي أشهر نخوة للقبيلة، خاصة في الجزيرة العربية. تعود هذه النخوة مباشرة إلى قصر سلمى في الأفلاج. إنها تذكير دائم بملحمة الصمود ضد شريف مكة، ورمز للوحدة والتلاحم بين أبناء القبيلة في مواجهة الأعداء. عندما ينادي مناديهم “يا أخوان سلمى”، فإنه يستحضر روح التضحية والدفاع عن الحمى التي تجسدها تلك القلعة التاريخية.
  2. “أولاد عايد (تلكاهم بالشدايد)”: هذه هي النخوة الرئيسية لأبناء قبيلة الجميلات في العراق. “أولاد عايد” نسبة إلى جدهم عايد بن جميلة (الذي ينتسب إليه الفرع الأساسي للقبيلة كما في النسب المذكور). ومعنى “تلكاهم بالشدايد” أي “اصطدموا بهم (أي بالأعداء) في الشدائد والمصائب”، مما يعكس شجاعتهم وثباتهم في ساحات القتال وأوقات المحن. هي نخوة تدل على البأس والقوة والاستعداد الدائم لخوض الغمار.
  3. “بني خرص”: هذا لقب نسبي مهم للقبيلة. خرص الجميلي هو أحد أجدادهم البارزين المذكورين في سلسلة النسب (هو ابن جميلة بن فضل). نسبة القبيلة إليه “بني خرص” تذكر بالجذر النسبي القديم وتفاخر به. يعكس هذا اللقب عمق الأصالة والعراقة في نسبهم.
  4. “عيال جامل / عيال الجُميلي”: ألقاب تدل على الانتساب المباشر للجد المؤسس أو للقبيلة بشكل عام، وهي مستخدمة في الدوائر الاجتماعية اليومية.

هذه النخوات والألقاب ليست مجرد كلمات، بل هي شفرات للهوية، وشعارات تحمل في طياتها تاريخاً من البطولة والفخر والانتماء الذي لا يتزعزع.

الخلاصة: إرث يتحدى النسيان

تمثل قبيلة الجميلات (جميلة) نموذجاً حياً لتاريخ القبائل العربية الغني والمعقد. إنها قصة بدأت في عمق نجد والحجاز، حيث جذور هوازن وهلال الضاربة في القدم. قصة شعب شارك في ملحمة تاريخية كبرى هي تغريبة بني هلال، فانقسمت مسيرته بين التمسك بالأرض الأم في الأفلاج وبين الرحيل نحو آفاق جديدة في الشام ومصر. قصة صمود أسطوري تجسد في حجارة قصر سلمى الذي تحدى جيوش شريف مكة، وأصبح رمزاً خالداً للعزة والمنعة. قصة انكسار وتشتت بعد تلك المعركة المصيرية، فرّق أبناءها بين شرق الجزيرة العربية وشمالها والعراق، بينما اندمج من بقي في أحلاف لحفظ الوجود، كحلفهم مع بني حسن ومع الدواسر.

لكن التشتت الجغرافي لم يقوَ على قطع أواصر النسب. فقد حافظت أفخاذ الجميلات المنتشرة من حفر الباطن والكويت إلى البصرة وبغداد، ومن الأفلاج إلى قصر سلمى في صعيد مصر، على بنيتها الاجتماعية المتماسكة عبر مشجرات النسب الواضحة (البو عليوي، البو محمد الجاسم) ونخواتها الموحدة (“أخوان سلمى”، “أولاد عايد”). لقد تحولت القبيلة من كيان جغرافي محدد إلى شبكة واسعة من الانتماء، تربط بين ملايين الأفراد عبر الحدود السياسية الحديثة، بواسطة خيط متين من التاريخ المشترك والدم الواحد والذاكرة الجماعية التي تتغنى ببطولات الأجداد وأمجاد الماضي.

اليوم، يقف أبناء قبيلة الجميلات في طليعة مجتمعاتهم في كل دولة يقيمون فيها، مساهمين في البناء والتنمية، حاملين معهم إرثاً من الشجاعة والكرم والوفاء للعهد، وهو الإرث الذي صنعته قرون من التحدي والبقاء. إن تاريخهم ليس مجرد سرد لأحداث مضت، بل هو هوية حية، وقصة استمرار لقبيلة كتبت، وما تزال تكتب، فصولاً مشرقة في سجل الأمجاد العربية. قبيلة الجميلات… شعب حفر اسمه ليس فقط في الوثائق والأنساب، بل في صخور التاريخ نفسه.

مواضيع ذات صلة:

قبيلة بني خالد قبائل الكويت الهوله وش يرجعون
شجرة مطيررمز قبيلة مطيرفخوذ العتبان
قبيلة العجمان قبائل الدواسرالعبدلي وش يرجع 
غامد الهيلا قبيلة عتيبة قبائل نجد 
رمز قبيلة غامد قبيلة العجمينسب قبيلة حرب 
قبيلة غامد انسابها وديارهافخوذ قبيلة جهينة نسب قبيلة جهينة 
الحراجين وش يرجعون المطرفي وش يرجع قبيلة بلقرن 
قبيلة الغياثي قبيلة بني مهدي قبيلة يام الهمدانية
الجرفالي وش يرجعقبيلة هذيلاكبر قبائل الجنوب
قبيلة بني مالك قسرقبيلة شهرانالبقوم وش يرجعون
قبيلة اكلب وش ترجعشجرة قبيلة الاشراف كاملةقبيلة بلي نسبها وفروعها
Exit mobile version