يُعد الرئيس اليمني الاسبق علي عبد الله صالح شخصية محورية ومثيرة للجدل في التاريخ اليمني والعربي، فقد جمعت مسيرته بين الإنجازات والإخفاقات، والنجاح والفشل. حكم صالح اليمن لأكثر من ثلاثة وثلاثين عامًا، قبل أن يتنحى عن السلطة إثر ثورة الشباب الشعبية التي اندلعت ضده عام 2011.
وفي تحول سياسي لافت، تحالف علي عبدالله صالح مع الحوثيين ضد خصومه التقليديين ونائبه السابق، الرئيس عبد ربه منصور هادي. إلا أن هذا التحالف لم يدم طويلًا، حيث تخلص منه الحوثيون بعدما استقر لهم الحكم في صنعاء.
مواضيع ذات صلة: أبناء علي عبدالله صالح من هم وماهي مناصبهم
النشأة والمسيرة العسكرية والسياسية
وُلد علي عبد الله صالح في 21 مارس 1942 بقرية بيت الأحمر في منطقة سنحان بمحافظة صنعاء. نشأ في أسرة فقيرة وتلقى تعليمه الأولي في كُتّاب القرية، ثم التحق بالجيش عام 1958. تدرج في الرتب العسكرية بعد مشاركته في ثورة 26 سبتمبر 1963، ليتولى رئاسة اليمن الشمالي عام 1978. أسس حزب المؤتمر الشعبي العام عام 1982، وظل يترأسه حتى بعد خروجه من الحكم.
الوحدة اليمنية وفترة الرئاسة
في 22 مايو 1990، أُعلنت الوحدة اليمنية، ليصبح صالح رئيسًا للدولة الموحدة. إلا أن خلافًا سريعًا نشب بينه وبين نائبه علي سالم البيض، مما أدى إلى حرب صيف 1994 التي انتهت بانتصار قوات الشمال. وفي عام 1999، انتخب رئيسًا لليمن في اقتراع رئاسي.
مواضيع ذات صلة:- علي سالم البيض مسيرته ورحلته السياسية
صراعات وحروب
واجه صالح حروبًا متكررة، أبرزها صراعه التاريخي مع الحوثيين، الذي بدأ بمعارك في صعدة عام 2004 بعد اتهام حكومته للجماعة بإنشاء تنظيم مسلح.
خلال أحداث الربيع العربي عام 2011، أظهر صالح عنادًا في مواجهة الثورة. تعرض لمحاولة اغتيال في مسجد الرئاسة، مما استدعى سفره للعلاج وتسليم صلاحياته الدستورية لعبد ربه منصور هادي. ورغم عودته لاحقًا، وقع على المبادرة الخليجية في الرياض عام 2012، التي مهدت لتسليمه السلطة لهادي بشكل رسمي.
التحالف مع الحوثيين وسقوطه
بعد فشل الثورات في دول عربية أخرى، تحالف صالح مع الحوثيين في 2014 للإطاحة بحكومة هادي، مستفيدًا من حصانته ودوره في تأمين التحالفات القبلية والعسكرية التي مكنت الحوثيين من السيطرة على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.
لكن سرعان ما تصاعدت حدة الخلافات بين صالح والحوثيين. فبعد إعلان صالح استعداده لفتح صفحة جديدة مع التحالف العربي، اندلعت مواجهات عسكرية في صنعاء بين الحليفين السابقين. انتهت هذه المواجهات بإعلان الحوثيين مقتل علي عبد الله صالح في الرابع من ديسمبر 2017.
إرث معقد
وصف مركز كارنيغي للدراسات مقتل صالح بأنه “يُغلق بابًا دمويًا ليفتح أبوابًا أخرى من الدماء والفساد والتمزق”. بينما وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون صالح بأنه “كتلة مكثفة من الشر”، مشيرة إلى تناقضاته الشخصية والسياسية.
على الرغم من إنجازاته كإعادة توحيد شطري اليمن عام 1990، إلا أن فترة حكمه شهدت تعزيزًا لنظام القطب الواحد وهيمنة التحالفات القبلية والعسكرية. كما واجهت اليمن في عهده أزمات اقتصادية كبيرة وصراعات داخلية مثل حروب صعدة الستة، سعيًا لتثبيت أركان حكمه وتقليص نفوذ خصومه، وصولًا إلى محاولته تصعيد نجله أحمد للحكم.
تُظهر مسيرة علي عبد الله صالح تعقيدات المشهد السياسي اليمني، وتأثيراته العميقة التي ما زالت تلقي بظلالها على حاضر ومستقبل اليمن.