رندا باعشن – دراسات وابحاث
كما للأعلام الالكتروني مزايا تجذب الاهتمام إليه فله أيضا سلبيات تؤثر في حياه الفرد لعل من أبرزها تفتيت الاتصال, بالإضافة إلى الغزو الثقافي وهذا بسبب فضائه المفتوح.
تفتيت الاتصال
أن تكنولوجيا الإعلام الالكتروني بكل تطورها وتنوعها وتعدد وسائلها تصل إلى المنازل مباشرة لكي يستخدمها الأفراد بالكمية والكيفية التي تناسبهم, ويخشى أن يوثر وصول هذه التقنية إلى كل أو معظم المنازل إلى نقصان الاتصال الشخصي بين الناس, سواء في ممارستهم لأعمالهم أم في حياتهم الخاصة.
وتؤدي زيادة استخدام هذه الوسائل أيضا إلى قله التعرض لوسائل الاتصال الجماهيري التقليدية مثل الصحف والراديو والتلفزيون, وقد يسبب ذلك عزلة نفسية واجتماعية لدى الأفراد حيث أن هناك العديد من المهام الاجتماعية التي اعتاد الأفراد على تأديتها من خلال اللقاء المباشر مع أفراد آخرين, سوف يتم إنجازها بمجرد استخدام بعض الأزرار والمفاتيح من داخل المنزل, وبدون أن يتحركوا خطوة واحدة. وسوف تزداد هذه العزلة عمقا واتساعا مع انخفاض كلفة المعالجة الالكترونية للمعلومات ([1]).
عيوب تفتيت الاتصال
يؤدي إلى تضيق اهتمامات الأفراد, حيث يميل الأفراد إلى تجنب المعلومات أو مواد الترفيه التي لا يألفها, أو لا يهتم بها, وبالتالي يكون من السهل تجنب مثل هذه المواد.
بسبب أتاحه المزيد من الاختيارات للأفراد نتيجة تفتيت الاتصال سوف ينقسم الجمهور الواحد العريض إلى عدد كبير من الجماعات الصغيرة ذات الاتجاهات المتباينة, ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليص أرباح المنتجين والناشرين نتيجة قلة عدد الأفراد الذين يخاطبونهم.
يؤدي تفتيت الاتصال إلى تقليص الخبرات المشتركة إلى تتيحها وسائل الاتصال الجماهيري مع معظم أفراد المجتمع, ليحل مكانها خبرات مشتركة مع أفراد الطبقة المتجانسة نفسها التي تشترك في السمات والخصائص نفسها.
ما ينطبق على المجتمعات ينطبق على الأسر, فنتيجة التعامل الشخصي مع وسائل التكنولوجيا الحديثة, يمكن أن تقل الخبرات المشتركة بين الزوج والزوجة, أو بين الأبناء والآباء, مما يؤدي إلى صعوبة التفاهم والاشتراك في القيم.
وسائل التكنولوجيا الحديثة التي نجحت في غزو منازلنا بأشكال لا حصر لها من المعلومات والترفيه, تستطيع أيضا أن تنتهك خصوصيتنا, وتتلصص على ما يحدث داخل منازلنا ([2]).
الغزو الثقافي
إن ما توفره ثورة المعلومات وتقنياتها من انفتاح عالمي يجعل الإنسان العربي قادرا على الوصول إلى المعلومات, والتواصل مع الأفراد من الشعوب الأخرى, وخصوصا عبر ما توفره شبكات الانترنت من إمكانيات هائلة من المعلومات والبيانات والآراء المتباينة ([3]).
ويبدو أنه أصبح مقدرا لوسائل الإعلام الحديثة والعابرة للحدود أن تنمو وتتطور مستقبلا في العالم العربي, خاصة وأنها وسائل اتصال ارتبطت في نشأتها وتطورها بالثورة التكنولوجية المتسارعة التي شملت في نتائجها وتأثيراتها العديد من قطاعات العالم البشرية والجغرافية ([4]).
كما هو معروف من استعراضنا للتطور التاريخي لشبكة المعلومات الدولية المحسوبة "الانترنت" فإن الإدارة الأمريكية هي وراء مشروع الشبكة من بدايتها, كما أن تقنية الحواسيب الالكترونية وصناعتها مصدرها أمريكا أو اليابان. وترى الباحثة أن الدول العربية مازالت تقوم بدور المستورد ليس للأجهزة الالكترونية فقط, ولكن للمواد والمضمون الإعلامي في أغلب الأحيان وعلى ذلك تتمثل ملامح العصر الإعلامي الحالي في بروز القيم والاتجاهات التي تروج لها وسائل الإعلام الغربية, بالحض على الرذائل ونشر الإباحية, وبالتالي ليس غريبا أن يصور ذلك الإعلام إنسان العالم الثالث والعربي خاصة, أما بالتخلف أو السطحية بقصد التحقير والسخرية.
ويقودنا ذلك إلى تقديم رؤية حول آليات وسبل مواجهة تأثيرات الغزو الثقافي وهي :
أن الإعلام العربي مطالب بالانطلاق إلى الفضائيات, والأخذ بأحدث تطورات التكنولوجيا الاتصالية والمعلوماتية والمبتكرات الالكترونية والرقمية, واستيعاب ثقافة الحاسبات الآلية والانترنت, بحيث يكون مالكا لمقدراته يديرها ويتحكم فيها كجزء من سيادة القرار الوطني.
ضرورة العناية بمتطلبات تدريب وتأهيل الكوادر البشرية لتنمية قدراتها ومهاراتها على التعامل مع مبتكرات العصر ([5]).
التعامل مع التقنيات الالكترونية والمتطورة يستدعي وعي الأفراد والأجهزة الإعلامية في كل الدول العربية بأهمية الإلمام ولو بإحدى اللغات التقنية الأربع ” الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية”, كما توجب إتباع إستراتيجية إعلامية واضحة المعالم, في إطار من التكامل والتنسيق بين مختلف سياسات الدول العربية, تتبنى أهداف تلقين الناشئة للمبادئ والقيم الأخلاقية المستمدة من شريعة الإسلام كضمانة لا غنى عنها, لتحصينهم من الأفكار المعادية الوافدة من الخارج ([6]).
إضافة إلى ما سبق نؤكد على أنه لا بديل عن إرساء أسس سياسية إعلامية محددة في إطار مبادئ ميثاق الشرف الإعلامي. كونه من المتعذر استخدام أساليب المنع والمواجهة لذلك السيل من المواد والبرامج الوافدة, والتي لا تقف أمامها حدود, ولا تعترضها موانع أو حواجز, كسمة مميزة لعصر السماوات المفتوحة, دون الالتزام بالمعايير الأدبية والسلوكية والأخلاقية من جانب القائمين بالاتصال ([7]).
