دعاء ابطال السحر والعين والحسد مكتوب

يستعرض هذا المقال الشامل موضوع دعاء ابطال السحر والعين والحسد ، موضحًا حقيقتها وتأثيرها بإذن الله. كما يقدم للقارئ باقة مختارة من الآيات القرآنية والأدعية النبوية الصحيحة التي تُعد حصنًا واقيًا وعلاجًا شافيًا لمن ابتُلي بشيء من ذلك، مع التأكيد على أهمية التوكل على الله واللجوء إليه وحده في دفع الضر وجلب النفع.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد، فإن الإنسان في هذه الدنيا معرض للابتلاءات والمصائب، ومن ذلك ما قد يصيبه من أذى الآخرين، سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد، كما في حالات العين والحسد، أو بفعل خبيث كالسحر. ولذلك، فإن المؤمن الحق يلجأ إلى الله تعالى، ويحصن نفسه بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فهو خير حافظ وهو أرحم الراحمين.
حقيقة السحر والعين والحسد: ابتلاء بقضاء الله وقدره
لا شك أن السحر من الأمور الثابتة في الشرع، وهو من الكبائر لما فيه من ضرر بالآخرين واستعانة بالشياطين. ومع ذلك، فإنه لا يقع ولا يؤثر إلا بقضاء الله وقدره. وعلى المؤمن أن يحسن الظن بالله ويتوكل عليه حق التوكل، لعلمه اليقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. فلو اجتمع الإنس والجن على أن يضروه بشيء لم يقدره الله عليه، لما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. لذلك، ينبغي على المسلم إذا أصابه شيء من السحر أو العين أو الحسد أن يلجأ إلى الله بالدعاء والرقية الشرعية.
وقد ابتُلي النبي صلى الله عليه وسلم بالسحر وتأذى منه، وهذا دليل على حقيقته وتأثيره، ولكنه صلى الله عليه وسلم استعان بالله وتداوى بالرقية الشرعية حتى شفاه الله. ولهذا، حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم تحذيرًا شديدًا من السحر، فقال: «اجتنبوا السبع الموبقات»، وذكر من بينها «السحر». وعلى المسحور أن يلجأ إلى الله بقلب صادق ويقين تام بأن الله وحده القادر على فك السحر وإبطال أثره، ولا يجوز له أن يستعين بسحر مثله، لأن ذلك من عمل الشياطين.
الرقية الشرعية من القرآن الكريم: شفاء ورحمة للمؤمنين
تشتمل الرقية الشرعية على آيات مباركات من كتاب الله تعالى، وقد ورد جواز واستحباب الرقية بها بنية الشفاء والتحصين. ومن أهم هذه الآيات:
تلاوة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين: فهذه السور لها فضل عظيم في الشفاء والتحصين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي بها نفسه وأصحابه. فالفاتحة هي أم الكتاب والشفاء التام، وسورة الإخلاص فيها توحيد خالص لله تعالى، والمعوذتان فيهما استعاذة بالله من شرور المخلوقات ومن شر الحسد والسحر.
آيات سورة البقرة لطرد الشياطين: تتضمن سورة البقرة آيات عظيمة لها تأثير قوي في طرد الشياطين وتحصين الإنسان من السحر والحسد وعلاجهما أيضًا، وأبرزها آية الكرسي والآيات (102) من سورة البقرة. فهذه الآيات لها فضل عظيم وبركة كبيرة في حفظ المسلم من كل سوء.
آيات من سورة آل عمران للتحفظ والحماية: تحمل بعض آيات سورة آل عمران معاني عظيمة في طلب الحفظ والحماية من الله تعالى، ويمكن الاستعانة بها في الرقية الشرعية، مثل الآيات (26-27) التي تتحدث عن ملك الله وقدرته وتصريفه للأمور.
آيات من سورة يونس لدفع الضر وجلب الخير: تتضمن سورة يونس آية عظيمة تُستحب قراءتها في الرقية الشرعية، وهي الآية (107) التي تؤكد على أن الضر والنفع بيد الله وحده، ولا كاشف للضر إلا هو ولا راد لفضله.
آيات من سورة الإسراء للشفاء والنصر: وردت في سورة الإسراء آيات مباركات يمكن أن تُتلى في الرقية الشرعية، منها الآيات (80-82) التي تتضمن الدعاء بدخول ومخرج صدق وطلب سلطان نصير، وبيان أن القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين.
الرقية الشرعية من السنة النبوية الشريفة: أدعية مباركة للتحصين والشفاء
بالإضافة إلى آيات القرآن الكريم، فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم أدعية عظيمة كان يستخدمها في الرقية الشرعية للتحصين والحفظ والحماية والشفاء. ومن أبرز هذه الأدعية:
- (أذهب الباس رب الناس، اشفِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا).
- (أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة).
- (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق).
- (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) (ثلاث مرات).
- (باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك).
- (باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين).
- (بسم الله أعوذ بعزة الله، وقدرته من شر ما أجد، وأحاذر) (سبع مرات).
- (أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن).
- (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه).
- (باسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا).
- (اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجره إلى مسلم).
- (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت) (ثلاث مرات).
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على جواز الرقية ما لم تكن مشتملة على شرك بالله تعالى.
شروط الرقية الشرعية وآدابها: طريق الشفاء المستجاب
لكي تكون الرقية الشرعية نافعة ومؤثرة بإذن الله، لا بد من توافر شروط معينة والالتزام بآدابها. فأولًا، يجب أن تكون الرقية بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته أو بما ورد في السنة النبوية من الأدعية المشروعة. ثانيًا، ينبغي أن يكون الراقي والمرقي على يقين بأن الشفاء من عند الله وحده، وأن الرقية هي مجرد سبب من الأسباب. ثالثًا، يجب أن لا تشتمل الرقية على أي نوع من أنواع الشرك أو الاستعانة بغير الله.
وقبل البدء في الرقية، يُستحب للمسلم أن يتوب إلى الله من جميع الذنوب والآثام، وأن يراقب الله في السر والعلن، ويحرص على أداء الطاعات والصلوات في أوقاتها. كما ينبغي عليه أن يتوكل على الله ويعتمد عليه اعتمادًا كليًا، مع الاعتقاد الجازم بأن القرآن شفاء ورحمة، واستحضار نية الاستشفاء وتدبر معاني الآيات والأدعية. والمواظبة على قراءة الرقية وعدم الالتفات إلى وسوسة الشيطان من الأمور المهمة في تحقيق الشفاء بإذن الله.
فضل الرقية الشرعية: منحة إلهية ووقاية من الشرور
للرقية الشرعية فضل عظيم ومنح إلهية لعباد الله المؤمنين، فهي سبب للشفاء من الأمراض والأسقام، ومخرج من مصائب الدنيا والآخرة. كما أنها تحمي وتحفظ من السحر وكيد الساحرين، وتعالج وتقي من شر العين والحسد. ولذلك، ينبغي للمسلم أن يحافظ على قراءة الرقية الشرعية بانتظام، فهي حصن حصين له من الشر والأذى بإذن الله تعالى، وتساعد في الوقاية والعلاج من الأمراض الروحية والنفسية والعضوية التي قد تنجم عن الحسد وغيره.
العين والحسد: نظرة قد تُهلك وقلب قد يتمنى الزوال
كثيرًا ما نسمع عن تأثير العين، وهي عبارة عن نظر إلى شيء جميل أو فيه خير دون التبريك، وقد تصيب الإنسان بالضرر بإذن الله. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين». أما الحسد، فهو شعور سيء وخلق مذموم، حيث يكره الحاسد ما أنزل الله على غيره من الخير ويتمنى زواله، وقد يسعى لذلك. وقد أمرنا الله بالاستعاذة من شر الحاسد، ونهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التحاسد والتباغض.
علاج العين والحسد: اللجوء إلى الله والتحصين بالذكر
يكون علاج العين والحسد باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والرقية الشرعية، وتحصين النفس بالذكر وقراءة القرآن الكريم والمعوذات وأذكار الصباح والمساء والنوم. وقد ورد في السنة النبوية طريقة للاستشفاء بماء اغتسال العائن إذا عُرف، ولكن مع الحذر والأدب في طلب ذلك. كما يُستحب قراءة الأدعية المشروعة على المصاب، مثل: «بسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك»، و «اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي».
طمأنينة من الله: إرادته فوق كل شيء والتحصن بالذكر خير وقاية
إن كل ما يجري في الكون هو بمشيئة الله وإرادته، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فعلى المسلم أن يكون على يقين بذلك ويتوكل على الله في كل أموره، ولا يجعل وسواس الخوف من العين والحسد يسيطر عليه. وإذا أنعم الله على عبد بنعمة، فعليه أن يشكر الله ويحدث بها دون خوف، مع الحرص على ذكر الله وقول «ما شاء الله لا قوة إلا بالله» وقراءة المعوذات لتحصين نفسه.
مواضيع ذات صلة: