في غمرة الحديث عن الوطن والجمهورية وروح 26 سبتمبر المجيد، يغادرُ حياتنا قامات وهامات وطنية رائدة كان لهم الفضل في تأسيس الجمهورية ودحر الكهنوت الإمامي البغيض، وعلى رأس هؤلاء المناضل الوطني الكبير والسبتمبري العتيد اللواء يحيى مصلح مستشار رئيس الجمهورية، صاحب الرصيد النضالي الضخم على أكثر من صعيد، فهو جندي عتيد من مناضلي 26 سبتمبر من أول يومٍ لها ، عرفته قشلة حجة بأول “تنصيرة” جمهورية، كما عرفته تباب وأودية العرقوب والأعروش وصرواح وجحانة، ملاحقًا فلول الإمامة. على الصعيد السياسي عمل وزيرًا للتموين والتجارة في آخر حكومة للقاضي عبدالرحمن الإرياني، كما عمل بعده محافظًا للواء صنعاء، وذمار، وإب، وصعدة، وعلى الصعيد الدبلوماسي عمل سفيرًا مفوضًا فوق العادة لدى جمهورية تشيكوسلوفاكيا. وعلى الصعيد البرلماني كان المناضل يحيى مصلح عضوا في مجلس الشورى مطلع السبعينيات، عن القوات المسلحة، وفي العام 1988م ترشح في محافظة ريمة عضوًا لمجلس الشورى، ثم النواب، ثم عضوًا لمجلس النواب مرة ثانية ما بين 93 و 97م
بعدها عمل مستشارًا لرئيس الجمهورية، وهو صاحب التصريح المشهور: أنا المستشار الذي لا يُستشار..!
كان الفقيد رجل دولة من طراز فريد ونادر، كما كان مضرب المثل في النزاهة المالية، وفي حسن السمعة وحب الجماهير له، لأنه كان منتميًا للسواد الأعظم من الناس، منحازًا لمصالحهم إذا حل في منصبٍ ما فرض هيبة الدولة بقوة، وكان ذلك مما يقلق البعض ويضايقهم. اللواء يحيى مصلح ظل حتى آخر نفسٍ في حياته متوجسًا من خطر الإمامة، ولطالما كان يردد: “لم تقم الدولة بعد”. وينصح الشباب: “انتبهوا لبلادكم”.
