في ظل استمرار الاشتباكات الحدودية بين الهند وباكستان على مدار الأيام الماضية، تحركت المملكة العربية السعودية دبلوماسيًا لاحتواء الأزمة المتفاقمة وتهدئة التوترات بين الجارتين.
وكشفت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن قيام وزير الدولة للشؤون الخارجية ومبعوث شؤون المناخ، عادل بن أحمد الجبير، بزيارة رسمية إلى كل من جمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية خلال يومي الثامن والتاسع من مايو الجاري.
وأوضح البيان الصادر عن الوكالة أن هذه الجولة الدبلوماسية تأتي “في إطار مساعي المملكة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية، والعمل على حل كافة الخلافات من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسية”.
وفي سياق متصل، أكدت وزارة الخارجية الباكستانية وصول الوزير الجبير إلى العاصمة إسلام أباد يوم الجمعة في زيارة رسمية تهدف إلى نزع فتيل التوتر المتصاعد بين باكستان وجارتها الهند.
وتأتي هذه الزيارة المفاجئة في وقت حرج يشهد دعوات إقليمية ودولية للطرفين لخفض حدة الهجمات المتبادلة عبر الحدود، وذلك على خلفية أحدث تصعيد عسكري بينهما بشأن منطقة كشمير المتنازع عليها، والتي تعتبر بؤرة نزاع تاريخي وتطالب كل من الدولتين النوويتين بالسيادة الكاملة عليها، وفقًا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
ونقلت الشبكة عن مصدر حكومي باكستاني رفيع المستوى تأكيده أن إسلام أباد “تفسح المجال للدبلوماسية” في الوقت الراهن قبل اتخاذ أي رد فعل محتمل على الهجوم الهندي الأولي الذي وقع في وقت مبكر من صباح الأربعاء.
وكان الوزير السعودي قد وصل إلى نيودلهي حيث التقى بوزير الشؤون الخارجية الهندي، س. جايشانكار، يوم الخميس. وذكر الأخير في منشور له على منصة “إكس” أن المباحثات تناولت “وجهات نظر الهند بشأن مكافحة الإرهاب بحزم”.
تحليل:
يمثل التحرك الدبلوماسي السعودي خطوة هامة في محاولة إقليمية لاحتواء التصعيد الخطير بين الهند وباكستان. وتوقيت الزيارة وأهمية شخصية المبعوث السعودي يعكسان قلق الرياض العميق إزاء تدهور الأوضاع وتأثيرها على استقرار المنطقة.
ويبدو أن باكستان، وفقًا لتصريحات مصدرها الحكومي، تتبنى في الوقت الحالي خيار إعطاء فرصة للدبلوماسية قبل الانزلاق إلى مواجهة عسكرية أوسع نطاقًا. ويشير لقاء الجبير مع المسؤولين في كل من نيودلهي وإسلام أباد إلى سعي الرياض لتحقيق توازن في جهود الوساطة والاستماع إلى وجهات نظر الطرفين.
يبقى التحدي الأكبر في مدى استجابة الطرفين المتنازعين لهذه المساعي الحميدة ورغبتهما في التهدئة وتغليب لغة الحوار في ظل التوتر والاحتقان الحاليين. ومع ذلك، فإن تدخل قوة إقليمية مؤثرة كالمملكة العربية السعودية يمثل بارقة أمل في إمكانية نزع فتيل الأزمة وتجنب المزيد من التصعيد الذي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.
الرياض تتدخل دبلوماسيًا لاحتواء تصاعد التوتر بين الهند وباكستان
