مدينة مارب حيث يجتمع التاريخ والحرب والتنمية

تقع محافظة مارب في جغرافيا تبدوا متناقضة فهي مزيج بين الجبال الشاهقة والصحاري المترامية الاطراف، ومثلما تجمع مدينة مارب بين الجغرافيا المتناقضة فإنها تجمع بين الحرب والتنمية في واحدة من أعقد المشاهد البشرية التي لا تتكرر كثيرا.
في مارب يجتمع التاريخ القديم لمملكة سبأ والمعابد المتعددة ل الديانات السابقة فمارب كانت قبلة للعرب قديما للحج اليها، واليوم هي قبلة للاستثمار والنزوح بحثا عن الأمن.
مدينة مأرب القديمة
في الألف الثاني قبل الميلاد تشكّلت بمأرب الواقعة شرقي صنعاء عاصمة واحدة من أقدم الحضارات في المنطقة العربية، فكانت عاصمة لملكة سبأ، وعرفت بعاصمة الملكة بلقيس، ولا تزال معابدها وقصورها قائمة حتى اليوم شاهدة على عظمة هذه الحضارة، التي كان سد مأرب رمز ازدهارها، حيث نسج حوله الرواة رحلة الشتات العربي الأولى، التي انطلقت من جنوب الجزيرة العربية، وتوزّعت على خريطة الوطن العربي من مغربه إلى مشرقه.
تقع مدينة مأرب القديمة في عزلة الأشراف بمديرية مدينة مأرب، ويحيط بها سور ذو شكل شبه منحرف يبلغ طوله 5.4 كم، وبنيت عليه أبراج ضخمة تتوزع بشكل منتظم؛ وقد اكتشف مؤخراً سبع بوابات للمدينة موزعة على مختلف الاتجاهات.
تقول المصادر التاريخية: إن مارب القديمة هي عاصمة دولة سبأ التي ورد ذكرها في الكتب السماوية العهد القديم والقرآن الكريم “ونبأ زيارة بلقيس ملكة سبأ لسليمان عليه السلام”حوالي 950 ق.م. واقترنت مارب باسم سبأ أهم الممالك اليمنية القديمة وأقدمها وأعظم رموز تاريخها وحضارتها وهي أشهر المدن القديمة وأكبرها وسميت محافظة مارب بهذا الاسم نسبة إلى مدينتها التاريخية مارب وحاضرة مملكة سبأ القديمة وهي موطن السبئيين.
وتضم مارب بين جنباتها أهم رموز التاريخ اليمني والحضارة اليمنية القديمة التي يرجع تاريخ ازدهارها إلى الألف الأول قبل الميلاد. ومدينة مارب الجديدة هي عاصمة المحافظة وتقع على مسافة 172 كم شرق صنعاء.
وتقع على الضفة اليسرى لوادي “ذنــة” عند مشارف صحراء صيهد التي تتحكم بطريق التجارة القديمة “طريق اللبان” وتقع قرب قرية مارب فوق جزء صغير من المدينة المطمورة التي تقدر مساحتها بأكثر من مائة هكتار وكانت مسورة بسور حجري ولها ثلاثة أبواب من الجهات الشمالية والغربية والجنوب الشرقي. ويعتقد أن القرية الحالية مبنية بالطين فوق أطلال قصر سلحين التاريخي كما يوجد في المدينة القديمة أربعة معابد اثنان في الجزء الشمالي وواحد في الجزء الجنوبي من المدينة أما الأعمدة الحجرية الضخمة البارزة بجوار البئر في الأجزاء الظاهرة فهي المعبد وقد شهدت مارب ذروة ازدهار الحضارة اليمنية القديمة طوال المرحلة الأولى والثانية للدولة السبئية ويرجح البعض أن مارب لا بد أن تكون قد بنيت في وقت ما من الألف الثاني قبل الميلاد إذ لا يعرف تاريخ نشأة المدينة على وجه الدقة بالرغم من ورود أسماء عدد من الملوك السبئيين الذين أسهموا في بناء المدينة وشيدوا بعض مرافقها خلال العصر السبئي الأول في بداية الألف الأول قبل الميلاد, على أن نشأة المدينة ربما تكون قد بدأت مع بداية ازدهار الحضارة اليمنية القديمة في الألف الثاني قبل الميلاد.
…….
مدينة مأرب الاثرية
تضم المدينة عدداً من المعابد وقصر الحكم المعروف باسم «سلحين»، الذي ورد ذكره في أحد النقوش عام 685 قبل الميلاد، واستمر ذكره حتى القرن الثالث بعد الميلاد، حينها انتقل مركز الحكم إلى مملكة حِميَر، التي اتخذت مدينة ظفار في منطقة المرتفعات الوسطى التابعة لمحافظة إب حالياً عاصمة لملكها.
ويوجد في المرتفعات القريبة من المدينة بقايا المعبد القديم، وعلى الامتداد نفسه للتل الأول توجد التلال الـثلاثة الأخرى، وجميعها تلال صغيرة، ربما كانت مواقع لقصور قديمة وأبنية كبيرة مهمة. كما تم التعرف على أربعة معابد أخرى، ثلاثة منها تقع في الجزء الجنوبي الغربي للمدينة.
أرض سبأ في الأصل هي منطقة مأرب، وتمتد إلى الجوف شمالاً، ثم ما حاذاها من المرتفعات والهضاب إلى المشرق، وكانت دولة سبأ في فترات امتداد حكمها تضم مناطق أخرى، بل قد تشمل اليمن كله. الخرائب والآثار المنتشرة في قرية مأرب الصغيرة اليوم على الضفة اليسرى من وادي أذنة على جلال المدينة القديم وكبرها، ويرجح أن التل الذي تقع عليه قرية مأرب اليوم هو مكان قصر سلحين الذي ذكره العلامة الحسن بن أحمد الهمداني قبل ألف عام، والذي ورد ذكره بالاسم نفسه في النقوش اليمنية القديمة.
من أهم معالمها السياحية سد مأرب القديم ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب. و لقد أثبتت الدراسات والأبحاث الأثرية أن الإنسان قد أستوطن أراضي مأرب منذ عصور غابرة، فهناك بقايا مواقع العصور الحجرية في شرق مدينة مأرب في صحراء رملة السبعتين، وهناك المقابر البرجية في منطقة الرويك والثنية والتي يعود تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، أما بالنسبة للمواقع التاريخية والتي يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من مطلع الألف الأول قبل الميلاد وحتى فجر الإسلام فهناك الكثير منها يأتي في مقدمتها موقع مدينة مأرب القديمة والسد.
وقد شهدت هذه الأراضي قيام واحدة من أعظم الدول اليمنية القديمة هي مملكة سبأ التي بدأت في الظهور في مطلع الألف الأول قبل الميلاد، وقد شهدت في القرون الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السابع قبل الميلاد نشاطاً معمارياً واسعاً، شيدت خلالها المدن والمعابد، وأعظم منشآتها سد مأرب العظيم الذي وفر للدولة ومنحها صفة الاستقرار.
نشأت الدولة السبئية نتيجة لاتحادات قبلية كانت تقطن أراضي صرواح ومأرب ووادي رغوان … وبعض أجزاء من الهضبة، وقد تزعمت وهيمنت قبيلة سبأ الكبيرة على بقية القبائل الصغيرة بالمقارنة معها، وضمتها تحت جناحها، فأعطت للدولة اسمها (سبأ).
…………
مدينة مارب الجديدة
تقع مدينة مارب الجديدة جنوب مدينة مأرب القديمة وأبرز مناطقها المجمع والروضة والمطار وسوق بن عبود والجفينه وجو النسيم.
وتقع مدينة في مارب في الناحية الشرقية لسد مارب التاريخي، بين صحراء مأرب وجبالها ذات الابداع الهندسي الجميل.
وبنيت مدينة مارب عاصمة محافظة مارب على مقربة من معالم مارب الاثرية والذي يعد عرش بلقيس ومعبد الشمس من أبرز تلك المعالم والآثار الذي لازال شاهد على الحضارة السبئية اول حضارة عرفتها الجزيرة العربية.
تحيط بمدينة مأرب من الشمال جبال الكسارة والميل، ومن الغرب صرواح والمشجح وجبل البلق الغربي، ومن الجنوب جبل البلق الأوسط وجبل البلق الشرقي، ويحدها من الشرق مديرية الوادي او مايعرف بوادي عبيدة.
……..
مارب الآن
تعاقب على حكم هذه المحافظة عددا من المحافظين من خارج محافظة مأرب، وفي العقدين الأخيرين تولى اثنين من أبناء محافظة مارب حكم هذه المحافظة الاول هو ناجي الزايدي الذي جاء بانتخاب عبر المجالس المحلية، والثاني هو سلطان بن علي العراده الذي عينه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي في العام 2012 ولازال في منصبه حتى بعد توليه عضوية مجلس القيادة الرئاسي.
وحاليا يسيطر الحوثيون على المديريات التي تتسم بجغرافيتها الجبلية، فيما تسيطر الشرعية على المديريات الصحراوية الغنية بالنفط والغاز.
واليوم مأرب مدينة عامرة، وهي حاضرة محافظة كبيرة وقد شهدت تطوراً ملحوظاً منذ منتصف الثمانينات، وأقيم على واديها سد جديد سعته 400 مليون متر مكعب، بغرض سقي مساحة زراعية تجاوز عشرة آلاف هكتار. وفي أقاصي أسفل الوادي بمنطقة صافر أقيمت منشآت استخراج النفط، ومدت أنابيبه إلى ساحل اليمن الغربي على البحر الأحمر. وربطت مأرب بالعاصمة صنعاء فشقت طريق حديثة طولها160 كيلومتراً، وامتدت الطريق من مأرب إلى صافر.
…….
لماذا سميت مارب بهذا الاسم
سميت مارب في النقوش اليمنية القديمة باسم ( مريب )
مأرب بهمزة ساكنة، وكسر الراء، والباء الموحدة، اسم المكان من الأرب وهي الحاجة، ومأرب باليمن بين حضرموت وصنعاء وهي على نحو97 كيلومتراً تقريباً إلى الشرق من صنعاء عاصمة المملكة، على علو 136متراً فوق سطح البحر، وكانت ملتقى الخطوط التجارية التي وصلت بلدان اللبان بمرافىء البحر المتوسط.
…………
عدد مديريات مارب
تتكون محافظة مارب من أربعة عشر مديرية هي كالتالي:
الجوبة
العبدية
بدبده
جبل مراد
حريب
حريب القرامش
رحبه
رغوان
صرواح
مأرب ( وادي عبيده )
ماهليه
مجزر
مدغل الجدعان
مدينة مأرب
