محَمَّد صالح فَرحان الشميري (1941 – 1968م)

كتب: توفيق السامعي
ثائر وقائد عسكري من رجال الثورة وأبطال الجمهورية
قائد سلاح المشاه وقائد المحور الغربي، عضو مجلس الدفاع الوطني الأعلى.
وُلد ونشأ في قرية (العَروض)، في (مِيراب)، مديرية (مَقْبَنَة)، محافظة (تَعِـز)، عام (1941م/ 1360هـ). توفّيت والدته وعمره عامان، فأحاطه أبوه بالرِّعايَة، وحين بلغ السّابعة من عمره، التحق بكُتّاب القرية، ثم رافق أباه وأخاه الأكبر (حاجب صالح) لأداء مناسك الحجّ، فالتقوا في رحلتهم تلك بأحد تجار مدينة عَدَن من أصل هندي، جاورهم في مخيّم الحجّ، وتوثّقت علاقتهم به. وبعد أداء مناسك الحجّ، أحس والد صاحب التَّرْجمة بدنو أجله، فأوصى ذلك التَّاجر بولديه خيرًا، ومات في مكّة المُكَرّمة عن عمر ناهز السّبعين عامًا، فأخذ التَّاجر صاحب التَّرْجمة وأخاه المذكور، وسافر بهما إلى مدينة عَدَن، وعملا لديه، والتحقا بالدّراسة. ولمّا قوي عودُه، التحق بإحدى الشّركات التّجارية في قسم صيانة السَّيّارات، وكذلك بشركة أخرى في (المُعلا)، وكان يدرس بعد الظهر في المعهد الفني. ثم التحق بنقابة عمّال الميناء، وانتخب ليكون المندوب الرّسمي في المجلس التّنفيذي العام للنّقابة سنة 1380هـ/ 1960م. وبعد مدّة، عاد إلى بلده، فتزوّج ومكث مدّة قصيرة، ثم عاد إلى مدينة عَدَن لتصفية حقوقه في مكان عمله، ثم سافر إلى مدينة صَنْعَاء، والتحق بالحرس الوطني في الأيام الأولى للثورة، إذ قامت الثَّورة الجمهورية التي أطاحت بالنّظام الملكيّ، سنة 1382هـ/ 1962م، وعمل سائقًا لسيارات الجيش وكان يقوم بنقل الجنود والسلاح والعتاد ليلاً ونهاراً وبكلّ شجاعة وبطولة إلى كافة جبهات القتال للدفاع عن الثورة، وحماية الجمهورية، بالإضافة إلى الأعمال والمهام التي كان يُكلّف بها من قبل القيادة. ثم التحق بالكلية الحربية الدفعة الأولى، ودرس مدّة ستة أشهر وتخرّج في سبتمبر سنة 1383هـ/ 1963م برتبة ملازم ثان، ثم ابتعث مع زملائه إلى مصر، والتحق بمدرسة (المشاة)، وتخرّج منها في العام التالي.
ثم عاد إلى اليَمَن ضمن لواء الثَّورة مشاة الكتيبة الخامسة، وتنقّل في مواقع الدِّفَاع عن الثَّورة والجمهورية على امتداد الجبهات الشّمالية والغربية، وتولّى العديد من المهام العَسْكريّة، فعُيّن قائدًا لفصيلة الهاون في الكتيبة الخامسة من لواء الثَّورة في منطقتَي (رازِح) و(الخَوْبة)، شمالي صَعْدَة، وقرب الحدود اليَمَنيّة السّعوديّة، ثمّ في محافظة حجّة، ثم عُيّن قائدًا للكتيبة الخامسة في منطقة (المصانع) في ناحية (ثُلا)، وقائدًا لموقع (مَدَع) في عمران، ثم عُيّن قائدًا لقطاع (كَوْكَبان) في المَحْوِيت. وخلال ذلك برز كقائد شجاع ومحنك، وقاد العديد من المعارك الحربية ضد القوات الملكيّة، ونجح مع زملائه من الضباط وأفراده من الجنود في كل المعارك سواءً التي قادها أو التي خطط وأشرف عليها. وكان له دور بطولي وريادي وعلاقة طيّبة مع قيادات الدولة العليا من عسكريين ومدنيين، وعندما حُوصرت مدينة صَنْعاء من قِبَل القوات الملكيّة وكانت أن تسقط بأيدي الملكيين، ولمواجهة الارتباكات التي تسبب بها ترك بعض القيادات العسكرية لمواقعهم القيادية ومغادرة العاصمة أثناء حرب السّبعين يومًا سنة 1387هـ/ 1968م، تمّت الدعوة إلى اجتماع عام حضره عدد كبير من ضباط القوات المسلّحة، ثم اجتماع آخر عقد في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وكانت هذه الاجتماعات بمثابة مؤتمر وشكل من أشكال العمل لقيادة المعركة في ظروف استثنائية مصيرية، وانتخبت قيادة عسكرية لإدارة المعركة من أوساط الضّباط المشهود لهم بالولاء والإخلاص والشجاعة والكفاءة ويحظون بثقة مرؤوسيهم، تم انتخاب مجلس الدفاع وانتخب النقيب محمد صالح فرحان قائدًا لسلاح المُشاة، وقائدًا للمحور الغربي، وعُيّن عضوًا في مجلس الدِّفَاع الوطني الأعلى، فأبدى النقيب (فرحان) بسالة وشجاعة حتى تحقق النّصر.
رقّي عسْكريًّا إلى رتبة (نقيب)، وتعرض لكثير من محاولات الاغتيال.
كان متواضعًا، كريمًا، شجاعًا، وكان- إلى جانب ذلك- شغوفًا بالمعرفة والاطِّلاع.
وقد أشار إلى تضحياته الرئيس المشير (عبدالله السّلّال)، وكذلك أشاد به الرّئيس القاضي (عبدالرَّحمن الإِرْيانيّ)، وتحدّث عنه الرّئيس (علي عبدالله صالح) ووصفه بأنه “كان من أشجع القادة”.
بعد انتصارات حرب السّبعين يومًا ببضعة أشهر نشب صدام دام بين فصيلين من الجيش الجمهوري، تسبب به القادة العسكريون الذين تركوا مواقعهم أثناء الحرب، حيث عادوا ليزاولوا مواقعهم القيادية السابقة بالقوة وإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمناطقية البغيضة، وتحالفوا مع التيّار القَبَلي والقادة العسكريين الموالين لهم، حتى تفجرت أحداث أغسطس الدامية.
أستشهِد في مبنى قيادة سلاح المشاة في حي باب اليَمَن في مدينة صنعاء يوم 23/8/1968م/ 1388هـ.





