ينابيعينابيع المعرفة

قصة أغنية شدت خيول العوالق

محمد حسين العمري

تتربع أغنية “شدت خيول العوالق” على عرش الأغنية اليمنية التراثية، ليست مجرد كلمات ولحن، بل هي قصة شعب وتاريخ يمتد عميقًا في جذور الزمن. تتجلى في هذه الزامل القديم حكايا الأجداد، وبطولات الفرسان، وصدى الحياة في قمم الجبال ووديانها الخصبة. هي نبض اليمن الأصيل الذي يسري في عروق الأغنية، شاهدةً على مرونة التراث وقدرته على البقاء حيًا، متجددًا في كل جيل.
“شدت خيول العوالق”: زامل يمني يعانق التاريخ بصوت الأجداد
“شدت خيول العوالق” ليست مجرد أغنية؛ إنها أيقونة تراثية يمنية، وزاملة عريقة تنبض بروح الأصالة وتحمل في طياتها عبق التاريخ. يتردد صداها عبر الأجيال، لتحكي قصصًا من عمق الجزيرة العربية، وتُجسد فخر الأجداد وبسالتهم.
يعود أول تسجيل رسمي لهذه الأغنية الخالدة، بلحنها الذي أسر القلوب، إلى عام 1939. كان ذلك على يد فنان اليمن الرائد، صالح العنتري، الذي أبدع في أدائها ضمن تسجيلات “اسطوانات التاج العدني”. لم تكن مجرد أغنية، بل كانت وثيقة فنية توثق جزءًا هامًا من التراث الغنائي اليمني. ومنذ ذلك الحين، صدحت بها حناجر فنانين عمالقة من الرعيل الأول، منهم الفنان القدير محمد أبو نصار، والفنان محمد حمود الحارثي، ليضيف كل منهم لمسته الخاصة، محتفين بخلود هذه التحفة الفنية.
ولعل من أبرز القصص التي ارتبطت بهذه الأغنية، الجدل حول نسبة لحنها للفنان السعودي الكبير محمد عبده في أغنيته الشهيرة “لو كلفتني المحبة”. هذه الرواية لم تزد الأغنية إلا عمقًا وشهرة، لتؤكد مكانتها ككنز فني عابر للحدود.
كلماتٌ تروي التاريخ:
تتألف الأغنية من أبيات شعرية آسرة، تُصور حياة البدو والفرسان، وتُعبر عن الشوق للوطن والانتماء للأرض:
شدت خيول العوالق ليتني عولقـي
من عولق البحر لا تشرب ولا ترتعي
ياريت لي حصن في ذاك الجبل يبتني
ياريت مولاه بايبيعه ونا له باشتري
شفنا قبيلي وشيخي بن حمد السنـدوي
ياريت مانا قبيلـي ريتنـا الا صبـي
باشل صميلي وبـاروح مـع الاولي
يالقبيله على باصـرة سعيـد انشـدي
وعلى ابراهيم وصالح يالرشيد احزني
ومحمد بن سعيد ذي يهتري من بايجي
ولا فزع من الموت قد لاقاه لا خوعلي
وتقابلوا بالحديـد الرطـب لمـا روي
وبيت الذيب في شعفور يعوي عـوي
ياريت للراس راحه وسط وادي النبي
المبعد باشوفه ومن حدّر ومن بايجـي
يالله عسى في مجيئك في السلب محتبي
بانجني المـوز والرمـان والمغربـي
إن “شدت خيول العوالق” ليست مجرد إرث غنائي؛ إنها مرآة تعكس الروح اليمنية الأصيلة، وشهادة على فن يعيش ويتنفس عبر الأزمان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock