عتيبة في الكويت : عمق تاريخي وتأثير معاصر

قبائل عتيبة في الكويت تعد جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي الكويتي، وتشكل عمادًا تاريخيًا وحاضرًا مؤثرًا في الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد. من بين هذه القبائل العريقة، تبرز عتيبة الكويت كإحدى القبائل ذات الحضور البارز، التي أسهمت ولا تزال تسهم بفاعلية في تشكيل الهوية الكويتية. تمثل عتيبة، كغيرها من القبائل، ركيزة أساسية للمجتمع الكويتي، حيث تجسد قيم الترابط، والتكافل، والتعاضد، وتلعب دورًا محوريًا في المشهد العام.

الجذور التاريخية لقبائل الكويت

تضم الكويت عددًا من القبائل العربية التي تعود أصولها إلى جذور عريقة في شبه الجزيرة العربية. تتنوع هذه الأصول بين قبائل تعود إلى حمير، وأخرى إلى قحطان، وثالثة إلى عدنان، مما يعكس الثراء التاريخي والتنوع الجغرافي للهجرات التي شكلت ديموغرافية المنطقة. تُظهر الإحصائيات، مثل إحصائية الناخبين لعام 2008، أن القبائل تشكل نسبة كبيرة من المواطنين الكويتيين، تصل إلى 52%، مما يؤكد مكانتها كمكون اجتماعي وسياسي رئيسي.

لطالما كانت القبيلة هي الأساس الذي بُني عليه المجتمع الكويتي، فهي تشكل نسيجه الاجتماعي المتين، وتؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في الحياة السياسية، خاصة فيما يتعلق بالبرلمان وتشكل الحكومة. إن الحفاظ على السمات والتقاليد الأصيلة للقبائل قد منحها قوة وهيبة ونفوذًا مستمرًا. يحظى شيخ القبيلة، أو مجلس حكمائها وكبارها، باحترام الجميع وطاعتهم، ويُسهم الترابط الاجتماعي القوي بين أبنائها في السراء والضراء، والتكافل في كافة الظروف، في الحفاظ على تماسك القبيلة ولحمتها القوية.

مواضيع ذات صلة: قبائل الكويت

الديوانية: قلب المجتمع الكويتي ومركز النقاش

تُعتبر الديوانية من أبرز السمات المميزة للمجتمع الكويتي منذ نشأته، فهي ليست مجرد مكان ملحق بالبيت يتجمع فيه الرجال، بل هي من لوازم القبيلة وملتقى أبنائها وزوارهم في كل المناسبات. يخصص كل صاحب ديوانية يومًا من الأسبوع لاستقبال ضيوفه من الأقارب والجيران والمعارف. يتميز الاستقبال بالترحاب الحار، حيث تُقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة، مما يخلق جوًا من الألفة والتواصل.

تُعد الديوانية منتدى ثريًا للنقاش على مدار العام، حيث يطول الحديث ويتشعب دون أي سقف للحرية، متناولًا كافة القضايا والمستجدات. فيها تُفرغ أخبار وأسرار المجتمع، وتحتل السياسة جانبًا كبيرًا من المناقشات، خاصة ما يتعلق بالانتخابات البلدية والبرلمانية. في موسم الانتخابات، تتحول الديوانيات إلى غرف عمليات لا تتوقف، تعمل على مساندة المرشح المتفق على دعمه من قِبل القبيلة، مما يؤكد دورها الحيوي في المشهد السياسي.

مواضيع ذات صلة: القبيلة في الكويت النسيج الاجتماعي والقوة السياسية المتجددة

عتيبة الكويت: تاريخ عريق وحضور فاعل

تُنسب قبيلة عتيبة إلى بني سعد بن بكر وبني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن، وبعض الفروع العامرية. وقد ورد اسم عتيبة في جمهرة النسب لمحمد بن هشام بن السائب الكلبي، حيث ذكر “عتيبة بن غزية بن معاوية بن بكر بن هوازن”. كما ورد اسمها في “الطبقات الكبرى” لابن سعد، مشيرًا إلى زواج معاذ بن عبدالرحمن التيمي من زيينة بنت عتيبة من بني سعد بن بكر بن هوازن. هذا العمق التاريخي يؤكد عراقة القبيلة وامتدادها في شبه الجزيرة العربية.

فخوذ عتيبة: تنوع وامتداد

تنقسم قبيلة عتيبة إلى عدة أقسام رئيسية، من بينها عتيبة روق وعتيبة طلحة.

فروع روق:

فروع طلحة:

انتشار عتيبة في شبه الجزيرة العربية:

تسكن قبيلة عتيبة في مناطق متنوعة، من السراة جنوب الطائف، مرورًا ببادية شمال الطائف وشرقه (بنو سعد)، وصولًا إلى نجد وإلى مشارف مكة المكرمة. لم تتغير منازل القبيلة كثيرًا عبر العصور، وقد ذكر العلامة السيوطي في مطلع القرن العاشر الميلادي أن “بني عتيبه قبيلة من العرب مشهورة بوسط أرض نجد إلى قريب من مكة المشرفة والعامة تقول في النسبة إليها عتيبي”.

هجرات عتيبة إلى الكويت وتأثيرها

شهدت قبيلة عتيبة العديد من الهجرات داخل شبه الجزيرة العربية عبر تاريخها. من أقدم هذه الهجرات تلك التي كانت إلى الحفيرة في عهد مؤسس القبيلة، مناحي بن خالد بن حش بن الهيضل، وذلك بسبب توفر المياه والموارد في المنطقة. كما هاجرت القبيلة إلى ساجر في الشمال الشرقي لمحافظة الدوادمي، وإلى الغطغط في عهد الشيخ سلطان بن بجاد بن حميد.

كانت هجرة عتيبة الكويت على فترات متباعدة، سواء بجماعات أو أفراد. بدأت هجرات عتبان الزلفي وبريدة إلى الكويت قبل عام 1900. وفي عام 1900، شهدت الكويت هجرات من الأساعدة والجذعان، الذين استقروا في جنوب الفحيحيل ثم الروسان والثبتان والنفعة. برز منهم نواخذة مشهورون مثل طاحوس العتيبي والملا ساير العتيبي من الرباعين. استمرت هذه الهجرات حتى عام 1920 وما بعده، مما أسهم في ترسيخ وجود القبيلة في الكويت.

فخوذ عتيبة في الكويت:

تتوزع فخوذ عتيبة في الكويت على النحو التالي:

هذا التنوع في الفخوذ يعكس الامتداد الكبير لقبيلة عتيبة وحضورها في مناطق مختلفة من الكويت، مما يعزز من دورها في النسيج الاجتماعي والسياسي.

القبيلة السياسية في الكويت: تطور ومستقبل

على الرغم من أن القبائل في الكويت تُعتبر مكونًا اجتماعيًا كبيرًا ومتنوعًا وقوة سياسية في الوقت نفسه، إلا أن الدراسات والبحوث التي تركز على القبيلة كحركة اجتماعية فاعلة سياسيًا لا تزال قليلة نسبيًا. يُعد كتاب عالم الاجتماع الكويتي خلدون النقيب “صراع القبلية والديمقراطية.. حالة الكويت” من أبرز هذه الدراسات. تركز غالبية الأبحاث على الشق الأنثروبولوجي وعلاقته بالحقول الأخرى، خاصة السياسية.

يشير الأكاديمي الأمريكي ديل إيكلمان إلى أن هوية القبيلة متعددة المعاني؛ فهي تُستخدم لتوضيح جزء من انتماء الفرد، وتُوظف من قِبل الحكومات لأغراض إدارية، كما تسعى جهات أخرى (أحزاب، منظمات، تيارات، رجال أعمال) مناهضة للسلطة إلى توظيفها بما يتوافق مع مصالحها. بالإضافة إلى القرابة والعصبية، تُعد الرابطة السيكولوجية، وفق تعبير محمد عابد الجابري، أحد مقومات التضامن القبلي.

بناءً على ذلك، تُعتبر القبيلة السياسية في الكويت بمثابة حركة اجتماعية تجمعها علاقات قائمة على المصاهرة والنسب، وتسعى إلى أن يكون لديها تمثيل وحجم سياسي في البرلمان والحكومة. يملك هذا الكيان أساليب تنظيمية داخلية، لا تختلف عن التيارات السياسية الأخرى، مثل الانتخابات الفرعية (التي جُرمت قانونيًا)، والتي كانت تُستخدم لاختيار ممثلي القبيلة في الانتخابات البرلمانية، ويلتزم أبناء القبائل بالتصويت لمخرجاتها. كما أن الوصول إلى موارد الدولة يُعد إحدى غاياتها الرئيسية.

يرتبط واقع القبيلة السياسية بطبيعة القرارات السياسية الصادرة عن الحكومة، مما يعني أن مخرجات النظام تلعب دورًا مهمًا في تحديد وتشكيل طبيعة القبيلة ومسارها السياسي. يمكن اعتبار ذلك مؤشرًا مهمًا إلى مرونة القبيلة وقدرتها على التكيف مع المعطيات السياسية. يؤكد خلدون النقيب أن “القبيلة السياسية تنزع في استمرار إلى تعديل نفسها تبعًا للظروف المتغيرة”. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، غانم النجار، أن المرونة القبلية في دولة الكويت يمكن فهمها من خلال تعاطيها مع الاستحقاقات الانتخابية وعلاقتها مع الدولة كسلطة مركزية.

التحولات الداخلية وتأثيرها على القيادة القبلية

أدى تفاعل أبناء القبائل، باختلاف وتطور أجيالهم، مع الحقل السياسي في الكويت، إلى تشكيل خطابات ورؤى سياسية متنوعة، يمكن رصدها من خلال المجالس (الديوانية)، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبيانات السياسية. تؤثر هذه الخطابات أحيانًا في توجهات القبيلة وخياراتها السياسية، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، والمجلس البلدي، والجمعيات التعاونية، وحتى انتخابات اتحاد جامعة الكويت وكلياتها. لذلك، ينطبق تعبير “آلات سياسية نشطة” الذي استخدمته مجلة “إيكونوميست” في وصفها حالة العشائر في العراق على القبائل في الكويت، خاصة إذا ما سلطنا الضوء على تاريخ مشاركتها السياسية منذ بداية ستينيات القرن الماضي. يضفي هذا التاريخ على القبائل خصوصية تميزها عن القبائل الخليجية الأخرى.

أدخلت هذه التفاعلات القبيلة في تغييرات وتحولات داخلية عدة، أبرزها أن وحدة القبيلة لم تعد قائمة على مفهوم القيادة التقليدية. لم يعد أمير القبيلة هو المسؤول الوحيد عن توجهات القبيلة أو المرجع السياسي لها. وخير مثال على ذلك هو الانتخابات الفرعية ومخرجاتها، حتى بعد تجريمها. وهذا يفسر قلة ترشح أمراء القبائل للانتخابات البرلمانية في الآونة الأخيرة، ولعل ذلك يعود إلى تجربة تاريخية اتضحت معها موازين القوى الداخلية لدى القبلية. يمكن القول إن تطور المسألة السياسية زاد من حدة المنافسة على مواقع النفوذ، وهو أحد أهم أوجه الصراع السياسي (وليس القطيعة الاجتماعية) الداخلي بين أفراد القبيلة.

كان للتحولات السابقة دور محوري، إلى جانب أدوار أخرى (كالتعليم والعمل والاقتصاد)، في بروز فاعلين جدد (نواب برلمان، نشطاء سياسيون، قيادات طلابية… إلخ)، ساهموا في إعادة صياغة (وتجديد) خطاب القبيلة إزاء مواضيع الإصلاح السياسي. كانت بداية هذا الاتجاه في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وما زال مستمرًا، وإن لم يكن بنفس الزخم الأولي. إذًا، ليست القبيلة في الكويت مجرد تنظيم اجتماعي بدوي، قائم على استحضار العادات والتقاليد من التاريخ، ولم تعد القيم الصحراوية المصدر الوحيد الذي يشكل الشخصية والتفكير.

القبائل والعائلات الكويتية: الجذور والتأثير

تنتمي القبائل الكويتية في معظمها إلى أصول عربية تعود إلى مناطق نجد والحجاز وشمال الجزيرة العربية. وقد جاءت هذه القبائل إلى الكويت في فترات زمنية مختلفة، بعضها قبل قيام الدولة الحديثة وبعضها بعد اكتشاف النفط. وقد أسهمت هذه القبائل في حماية الأرض، وبناء النسيج الاجتماعي، والمشاركة في القرارات السياسية منذ نشأة الإمارة.

من بين القبائل الكبرى في الكويت:

العائلات الكويتية: الأصول والأدوار

إلى جانب القبائل، تلعب العائلات الكويتية دورًا محوريًا في تاريخ وتطور الدولة. فالكثير من هذه العائلات كانت سبّاقة في المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية، وأسهمت في النهضة الكويتية المعاصرة. وغالبًا ما ترتبط العائلات الكبرى بتاريخ التجارة البحرية التي اشتهرت بها الكويت قبل عصر النفط.

التوزيع الجغرافي والتحولات الاجتماعية

يتوزع السكان في الكويت على عدة مناطق، حيث يظهر بوضوح تأثير التقاليد القبلية والعائلية في هذا التوزيع. تتركز بعض القبائل في مناطق معينة، وهذا التوزيع له دلالة تاريخية وثقافية.

هذا التوزيع الجغرافي يُظهر تماسكًا اجتماعيًا بين مختلف المكونات، ويعزز من روح المشاركة المجتمعية.

شهدت الكويت منذ منتصف القرن العشرين تطورات هائلة نتيجة الطفرة النفطية، مما أثر على البنية الاجتماعية التقليدية. فقد انتقل المجتمع من الاقتصاد البحري والقبلي إلى الاقتصاد النفطي والتحضر، وهذا التحول غيّر من طبيعة العلاقات بين القبائل والعائلات.

رغم ذلك، حافظ الكويتيون على خصوصيتهم الاجتماعية، حيث ما زالت القيم القبلية والعائلية تُحترم وتؤثر في الحياة العامة. بل إن العديد من العائلات أصبحت تزاوج بين الأصالة والحداثة، فتجد أبناء القبائل في أرقى المناصب وأحدث التخصصات، مع تمسكهم بجذورهم وهويتهم.

تتألف الكويت من مكونين رئيسيين: المواطنون الكويتيون، وغالبيتهم من أصول قبلية أو عائلية راسخة، والمقيمون الوافدون من دول متعددة. ويُعد الحفاظ على التوازن بين المكونات القبلية والعائلية أمرًا مهمًا للحفاظ على النسيج الاجتماعي الكويتي. تعمل الدولة على دعم هذا التوازن من خلال تمكين أبناء القبائل والعائلات في الوظائف العامة والتعليم والصحة، وتشجيع التمازج الاجتماعي الإيجابي.

في الختام، تُعد عتيبة الكويت مثالًا بارزًا على الحضور الفاعل للقبائل في المجتمع الكويتي، حيث تجمع بين عراقة التاريخ وحيوية الحاضر. إن دور القبائل في الكويت ليس مجرد إرث اجتماعي، بل هو قوة دافعة تسهم في تشكيل المستقبل وتحدياته، مع الحفاظ على قيم الأصالة والترابط التي تميز هذا المجتمع العريق.

مواضيع ذات صلة:

قبيلة العجمان قبائل الدواسرالعبدلي وش يرجع 
غامد الهيلا قبيلة عتيبة قبائل نجد 
رمز قبيلة غامد قبيلة العجمينسب قبيلة حرب 
قبيلة غامد انسابها وديارهافخوذ قبيلة جهينة نسب قبيلة جهينة 
الحراجين وش يرجعون المطرفي وش يرجع قبيلة بلقرن 
قبيلة الغياثي قبيلة بني مهدي قبيلة يام الهمدانية
الجرفالي وش يرجعقبيلة هذيلاكبر قبائل الجنوب
قبيلة بني مالك قسرقبيلة شهرانالبقوم وش يرجعون
قبيلة اكلب وش ترجعشجرة قبيلة الاشراف كاملةقبيلة بلي نسبها وفروعها
Exit mobile version