تساقط الشعر بعد التعافي من كورونا: دليلك الشامل للفهم والمواجهة

في خضم الجائحة العالمية، طغى هاجس الحفاظ على الصحة على كل الاهتمامات الأخرى، بما في ذلك العناية بالمظهر الجمالي. ورغم أن الأعراض الأكثر شيوعاً لفيروس كورونا تركزت في المشكلات التنفسية وفقدان حاستي الشم والتذوق، إلا أن عرضاً آخر بدأ يفرض نفسه تدريجياً بعد التعافي من المرض، ألا وهو تساقط الشعر الكثيف.

مع استمرار انتشار الفيروس، لوحظ تزايد الشكاوى من تساقط ملحوظ للشعر خلال الأشهر التالية للإصابة. فما حقيقة العلاقة بين كورونا وتساقط الشعر؟ تؤكد الدراسات الطبية وجود صلة مباشرة، مما يطرح تساؤلاً مهماً حول إمكانية أن يكون هذا التساقط طويل الأمد أم أنه مجرد عرض عابر.

الآلية العلمية وراء تساقط الشعر

يمر الشعر بدورة حياة طبيعية ثلاثية المراحل:

  1. مرحلة النمو (التنامي): وهي المرحلة الأطول (2-4 سنوات) حيث ينمو الشعر بشكل نشط.
  2. مرحلة التراجع (الكاتاجين): مرحلة انتقالية قصيرة يتوقف فيها الشعر عن النمو.
  3. مرحلة الراحة (التيلوجين): وهي المرحلة الأخيرة (2-4 أشهر) حيث يتساقط الشعر استعداداً لنمو خصلة جديدة.

في الوضع الطبيعي، يفقد الإنسان ما بين 50 إلى 100 شعرة يومياً تكون في طور التيلوجين. لكن عندما يتعرض الجسم لصدمة شديدة، كالعدوى الفيروسية، قد يختل هذا التوازن.

كورونا وتساقط الشعر الكربي

يعرف التساقط المؤقت للشعر الناتج عن الصدمات الجسدية أو النفسية باسم “تساقط الشعر الكربي”. يؤدي الإجهاد الناجم عن مرض كورونا – سواء من حيث الأعراض الجسدية (كالحمى ومشاكل التنفس) أو الضغط النفسي المصاحب للمرض – إلى صدمة لبصيلات الشعر.

نتيجة هذه الصدمة، تتحول نسبة كبيرة من البصيلات (قد تصل إلى 30-50%) prematurely من مرحلة النمو إلى مرحلة الراحة (التيلوجين) قبل أوانها، مما يؤدي إلى تساقط كميات غير معتادة من الشعر بعد بضعة أشهر من الإصابة. ومن المهم الإشارة إلى أن شدة هذا التساقط لا ترتبط بالضرورة بشدة الإصابة بكورونا، فقد يعاني الشخص من تساقط حاد حتى لو كانت إصابته خفيفة.

متى يبدأ التساقط وكم تستمر مدته؟

على عكس الأعراض الحادة للفيروس التي تظهر سريعاً، يبدأ تساقط الشعر عادة بعد شهرين إلى ثلاثة أشهر من تاريخ الإصابة، وقد يبدأ أحياناً في وقت أبكر. مع بداية هذه المرحلة، يلاحظ الشخص زيادة في كمية الشعر المتساقط أثناء التمشيط أو الغسيل، ليصبح الشعر تدريجياً أقل كثافة وأخف حجماً.

الخبر السار هو أن هذه الحالة مؤقتة في الغالبية العظمى من الحالات. يبدأ الشعر المتساقط في النمو مرة أخرى تلقائياً خلال 6 إلى 18 شهراً من بدء التساقط. قد يبدو الشعر الجديد في البداية قصيراً ومنتفشاً، لكنه مع الوقت يستعيد وضعه الطبيعي.

نصائح للتعامل مع التساقط وتعزيز التعافي

لا يوجد دواء محدد لعلاج هذه الحالة، لكن التركيز يجب أن يكون على دعم عملية الشفاء الطبيعية عبر:

  1. التعامل بلطف مع الشعر: استخدمي مشطاً واسع الأسنان، وبلسم مرطب لتجنب التشابك، وتجنبي استخدام مجفف الشعر ومكواة التمليس على درجات حرارة عالية.
  2. حماية الشعر من العوامل الخارجية: ارتداء قبعة في الشمس لحماية الشعر من الأشعة فوق البنفسجية.
  3. تجنب تسريحات الشعر المشدودة: مثل ذيل الحصان الضيق أو الكعكة، لأنها تزيد من الضغط على جذور الشعر.
  4. إدارة التوتر: ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل، نظراً للعلاقة الثنائية بين التوتر وتساقط الشعر.
  5. الاستشارة الطبية: إذا استمر التساقط بكثافة بعد عدة أشهر، أو إذا لم تلحظي تحسناً ملحوظاً، فمن الأفضل استشارة طبيب أمراض جلدية لتقييم الحالة واستبعاد أي أسباب أخرى.

الخلاصة: تساقط الشعر بعد كورونا هو رد فعل طبيعي للجسم تجاه الإجهاد والمرض، وهو غالباً ما يكون حالة مؤقتة وقابلة للزوال. المفتاح هو الصبر والرعاية اللطيفة والثقة في قدرة الجسم على التعافي وإعادة البناء.

Exit mobile version