الاخبار المحلية
الغارات الإسرائيلية الأمريكية على ميناء الحديدة وتداعياتها الجيوسياسية

ميناء الحُديدة تحت النار: تفكيك استهداف المنشآت الحيوية
شهدت محافظة الحُديدة اليمنية مساء الإثنين أعنف موجة غارات جوية منذ بداية العام، نفذتها مقاتلات إسرائيلية وأمريكية بشكل تنسيقي، مستهدفةً ميناء الحُديدة الاستراتيجي ومصنع إسمنت باجل الحكومي. وفقًا لبيانات متضاربة:
- قناة المسيرة (الحوثية): أكدت تعرُّض الميناء لـ6 غارات أدت إلى تدمير أرصفة الشحن الرئيسية.
- صحيفة “يسرائيل هيوم”: زعمت تنفيذ 8 موجات قصف باستخدام 48 قنبلة موجهة، منها 32 قنبلة “JDAM” عالية الدقة.
- وزارة الصحة التابعة للحوثيين: أعلنت إصابة 16 مدنيًّا في غارات سابقة على صنعاء ومأرب، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية بسبب تدمير البنية التحتية للكهرباء والمياه.
الأهداف الخفية وراء الضربات:
- شلّ القدرات اللوجستية للحوثيين: يُعد ميناء الحُذية – الذي يُشكل 70% من واردات اليمن – شريانًا حيويًّا لتمويل الحوثيين عبر تحصيل رسوم الشحن.
- ضرب الصناعات الدفاعية: يُنتج مصنع إسمنت باجل مواد بناء تُستخدم في تحصين المواقع العسكرية، وفقًا لتقرير استخباراتي أمريكي مسرب.
- الرد على الهجمات الصاروخية: جاءت الغارات ردًّا على استهداف مطار “بن غوريون” بصواريخ باليستية من نوع “صاروخ-1” ذات المدى المتوسط (1,200 كم).
ميناء الحُديدة: بوابة اليمن الاقتصادية التي تحوّلت إلى ساحة حرب
يُعتبر الميناء – الذي أُنشئ عام 1961 بالتعاون السوفيتي – نقطة ارتكاز للاقتصاد اليمني بسبب:
- موقعه الاستراتيجي: عند تقاطع خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر (14.50°N, 42.56°E).
- القدرات التشغيلية: يستقبل سفنًا تصل حمولتها إلى 31 ألف طن، بعمق 9.75 متر.
- الأهمية الإقليمية: يُشكل 40% من إيرادات اليمن قبل الحرب، وفقًا لبيانات البنك الدولي.
تداعيات التدمير على المدى الطويل:
- أزمة إنسانية متصاعدة: يعتمد 26 مليون يمني على واردات الميناء للحصول على الغذاء والدواء.
- تصدُّع شبكة الكهرباء: تدمير محطات “رأس كثيب” و”حزيز” يُهدد بانقطاع التيار عن 5 محافظات.
- ارتفاع أسعار المواد الأساسية: تتوقع منظمة “الفاو” زيادة أسعار القمح بنسبة 300% مع توقف شحنات الحبوب.
استراتيجية الحوثيين: من الدفاع إلى الهجوم.. “حصار جوي” على إسرائيل
ردًّا على التصعيد، أعلن الحوثيون فرض “منطقة حظر جوي” فوق إسرائيل عبر:
- استهداف المطارات: تكثيف إطلاق الصواريخ الباليستية والمسيّرة (مثل “صياد-3” بمدى 2,000 كم).
- تحذير شركات الطيران: ألغت 12 شركة طيران دولية (بما فيها “لوفتهانزا” و”يونايتد إيرلاينز”) رحلاتها إلى “بن غوريون”، مما يُكبد إسرائيل 5 ملايين دولار يوميًّا، بحسب تقديرات وزارة السياحة الإسرائيلية.
تحليل القدرات العسكرية للحوثيين:
- ترسانة صاروخية متطورة: امتلاك صواريخ “صاروخ-2” المُطوّرة محليًّا بمساعدة إيرانية، قادرة على الوصول إلى إيلات.
- حرب نفسية: استخدام التصريحات المكثفة (مثل تصريح العميد يحيى سريع) لخلق حالة من الرعب الاستراتيجي.
- تحالفات إقليمية: تعزيز التعاون مع “محور المقاومة” (إيران – حزب الله – الفصائل العراقية) لنقل الخبرات العسكرية.
الردود الدولية: صمت مُريب وتحذيرات محدودة
- الأمم المتحدة: اكتفت بـ”التعبير عن القلق” دون إدانة صريحة، في إشارة إلى انقسام مجلس الأمن حول الملف اليمني.
- الجامعة العربية: دعت إلى “ضبط النفس”، بينما طالبت السعودية – بشكل غير مباشر – بوقف التصعيد في البحر الأحمر.
- الولايات المتحدة: هددت بـ”رد ساحق” إذا استهدفت مصالح حيوية، بينما تُراجع البنتاغون نشر حاملة الطائرات “يو إس إس أيزنهاور” قرب السواحل اليمنية.
سيناريوهات المستقبل: هل تشتعل حرب إقليمية شاملة؟
- السيناريو الأول: تصعيد متبادل
- زيادة استهداف البنى التحتية الحيوية (مثل منشآت النفط السعودية).
- تدخل إيراني مباشر عبر إرسال منظومات دفاع جوي متطورة (مثل “بافار-373”).
- السيناريو الثاني: وساطة دولية
- تدخل روسي أو صيني كطرف ضامن لوقف إطلاق النار.
- السيناريو الثالث: حرب استنزاف طويلة
- تحوُّل اليمن إلى “فيتنام جديدة” تُستنزف فيها القوى العظمى.
- تصاعد الهجمات السيبرانية على المنشآت الإسرائيلية (مثل التي تعرضت لها شركة “ميكروتيك” في مايو الماضي).
الخلاصة:
المعركة الدائرة في اليمن لم تعد مجرد صراع محلي، بل تحولت إلى جزء من حرب بالوكالة تُعيد تشكيل تحالفات الشرق الأوسط. بينما تُحاول إسرائيل فرض “نظرية الردع المطلق”، يبدو أن الحوثيين – بدعم إقليمي – يعيدون كتابة قواعد الاشتباك عبر استراتيجية “الرد غير المتماثل”. في خضم هذا، يدفع المدنيون اليمنيون الثمن الأكبر، في مشهد يُذكِّر العالم بأن الحروب الحديثة لا تُنتج سوى الخراب.