العوامل الداخلية للتغير الاجتماعي

النظام السياسي
يلتقي العامل السياسي والأيديولوجي فيما يمكن تسميته بدور العامل الذاتي في التغير الاجتماعي، فالفئة الحاكمة المتواجدة على رأس السلطة تحاول من خلال موقعها السياسي فرض أيديولوجيتها على المجتمع ككل، في حين تحاول الفئة أو الفئات المعارضة أن تتسلح بأيديولوجية مضادة من أجل الوصول إلى السلطة، وبهدف التحكم في عملية التغير الاجتماعي بما يخدم مصالحها، ويقوم النظام السياسي بتنظيم العلاقات الخارجية ويقوم بوضع استراتيجيه عامة تستهدف تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الاستقرار والأمن، كلما حقق النظام السياسي درجة من القوة استطاع أن يكون فاعلاً في إحداث التغيرات الداخلية وضبطها، ويلعب النظام السياسي دوراً في إحداث التغير ويرتبط ذلك بظرفين:
- أن يكون النظام عميلاً متواطئ ضد شعبه.
- أن يكون النظام عدوانياً يمارس التهديد العسكري للدول الأخرى. العوامل التكنولوجية يقصد بالعوامل التكنولوجية العوامل التي هي من ابتكار الإنسان، فاكتشاف أية وسيلة من شأنها أن تشبع حاجات الفرد والمجتمع تؤدي إلى إحداث تغيرات اجتماعية، وتشمل التكنولوجيا الآلات الحديثة والقديمة والمبتكرات التصنيعية والصناعية والمعرفة العلمية المتعلقة بها وبأسرارها وبالمهارات والخبرات المزاولة في نطاقها، فالسيارة أحدثت انقلابا في البيئات الصغيرة والمنعزلة، فيسرت وسائل التبادل وأوسعت من دائرة العلاقات الاجتماعية، والهاتف والانترنيت وكل وسائل الاتصال الحديثة جعلت من العالم قرية صغيرة فتزاوجت الثقافات، واختلطت الأجناس والقيم، ومن هنا كان لكل ظاهرة من هذه الظواهر انعكاساتها وردود أفعالها على العلاقات الاجتماعية التي يتكون منها البناء الاجتماعي، ومن هنالك تغيرت العلاقات الاجتماعية وتطورت من نمط إلى آخر، حيث شمل التغير كثيرا من الاتجاهات والتقاليد والمعتقدات، وتحولت أوضاع اجتماعية كانت تعد ظواهر ثابتة وراسخة ولا تقبل التغيير أو حتى التعديل.
ويرى شندر أن معظم التغيرات الاجتماعية ليست ناتجة عن التغير في العمل أو في الدولة، ولكن نتيجة للتغيرات التكنولوجية، ويقول أنه باستمرار التغير التكنولوجي يستمر التغير الاجتماعي.
والتغير التكنولوجي ليس عاملاً وحيداً في إحداث التغير الاجتماعي وإنما هناك عوامل أخرى تعمل على إحداثه.
العوامل الفكرية والإيديولوجية
تشكل العوامل الفكرية والإيديولوجية عادة دافعا مهما للتغييٌر، وقد تشكل الأرضية الأساسية للمطالبة بتغييٌر جذري وشامل لما هو قائم من نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي ، فهي تعمل على تطوير النماذج الاجتماعية الواقعية طبقا لسياسة تكاملية ووسائل هادفة، وتساندها في ذلك تبريرات اجتماعية ونظريات فلسفية وربما أحكام عقائدية وأفكار تقليدية، من هنا ترتبط الايديولوجيا بالحركات الاجتماعية، فهي ليست مجرد مجموعة من الأفكار والمعتقدات والاتجاهات التي تصور جمعا معينا من الناس ـ سواء كان هذا طبقة اجتماعية، أو مذهباً من المذاهب، أو حزبا من الأحزاب، أو مجتمعاً ككل، أو أمة من الأمم ـ إنما هي فكرة هادفة لها فعالية إيجابية في البيئة الاجتماعية، وفي العلاقات الاجتماعية، كما تنعكس روحها على التنشئة الاجتماعية، مما يؤدي إلى حدوث تغيير في القيم الاجتماعية، والتدرجات الطبقية، والعمليات الاجتماعية المختلفة. كما يؤدي انتشار المذاهب والتيارات الفكرية إلى تشريعات جديدة، وتنميط لأساليب حياة اجتماعية جديدة، وتقدير لعلاقة الفرد بغيره وبالجماعات التي يعيش فيها، والمؤسسات الاجتماعية التي يتعامل معها، ومن هنا يكون انبثاق الأفكار والآراء المحركة من الوضعيات والفئات الاجتماعية الصادرة عنها عاملا محركا لكثير من التغيرات في المجتمع.