الإعلام الالكتروني المفهوم والخصائص

رندا باعشن – دراسات وابحاث
مفهوم الإعلام الالكتروني
يشهد عصرنا الحاضر مرحلة من التحولات التكنولوجية, التي يعد من أوضح سماتها ثورة المعلومات التي جاءت ثمرة لاختراع الكمبيوتر الالكتروني, الذي كان بدوره حصيلة “التعاون المعلوماتي بين العلم والتقنية” وقادت عملية الاتصال بين هذه الحاسبات الالكترونية وبنوك المعلومات إلى ما يسمى بــ (بتكنولوجيا المعلومات), وبدورها فإن هذه الأخيرة أدت إلى التحول في تكنولوجيا الاتصالات بما تتسم به من الفورية في الأداء والتنوع في الأشكال ([1]).
و أثرت تلك المتغيرات مجتمعة في المجال الإعلامي الدولي والمحلي على حد سواء، وأفرزت مظاهر إعلامية جديدة على مستوى العالم، ووفرت قنوات وممارسات ومضامين إعلامية جديدة، تسهم بدورها في حراك المتغيرات المعاصرة في المجتمعات المختلفة، منتجة في الوقت نفسه متغيرا إعلاميا مستقلا من حيث المظهر، وجامعا لآثار المتغيرات الدولية المعاصرة وعوائدها، ومتداخلا معها في علاقة تفاعل وأثر متبادل ([2]).
نشأ الإعلام الالكتروني نشأة عشوائية اثر مراحل تطور الشبكة المعلوماتية العالمية (الانترنت) وتزايد استخداماتها, ويأتي مفهوم الإعلام الإلكترونيElectronic Communication ليعبر عن مرحلة من مراحل التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال التي تعتمد على الوسائط الإلكترونية في تزويد الجماهير بالأخبار والمعلومات، ويعبر عن المجتمع الذي يصدر منه ويتوجه إليه فهو يشترك مع الإعلام بشكل عام في الأهداف والمبادئ العامة، بيد أنه يتميز باعتماده على وسائل تكنولوجية جديدة، المتمثلة في استخدام الحواسب الآلية أو الأجيال المتطورة من الهواتف النقالة وتصفح شبكة الإنترنت، وهو يركز على الوسائل المستخدمة في هذا النوع من الإعلام ([3]).خصائص الإعلام الالكتروني
ترى أميرة عبد الله الجاف أن الإعلام الالكتروني يتميز بخاصية التطور السريع والمتواصل وأصبح ظاهرة عالمية لا يمكن الاستغناء عنها بحيث أصبح الأداة الأساسية في تسيير الاقتصاد الرأسمالي والإدارة الحكومية وذلك بفضل الانترنت الذي يعد وسيلته الأساسية، فالإحصائيات والدراسات العالمية تشير إلى أن استخدام الانترنت في العالم يتزايد بشكل كبير جدا, بالإضافة إلى خاصية البناء الثقافي إذ يساهم في انتشار الثقافة الالكترونية بين أفراد المجتمع وخاصة في مجال التعليم الالكتروني (Electronic learning)، والحقيبة الالكترونية للطالب، وزيادة استخدام التسويق الالكتروني أو التجارة الالكتروني (Electronic Commerce) وهي عملية ترويج الأعمال والبيع للعملاء من خلال استخدام الانترنت.
بالإضافة إلى خاصية توفيره للوقت والجهد والمال، فالإعلام الالكتروني لا يحتاج إلى مقر واحد ثابت يحوى كل الكادر الإعلامي لأنه يبث عبر الانترنت فهو لا يحتاج إلى توفير المباني والمطابع والورق ومستلزمات الطباعة ومتطلبات التوزيع والتسويق، والعدد الكبير من الموظفين والمحررين والعمال، مما يقلل ذلك من حجم التكاليف المالية مقارنة بالإعلام التقليدي, وغالبا ما يعتمد الإعلام الالكتروني على التمويل من خلال الإعلانات، وقد أصبح الإعلان المتكرر على كل موقع أو صفحة في الصحف والمجلات الالكترونية المسمى بإعلان اليافطة (Banner) هو مصدر الدخل الرئيسي له ([4]).
ومع كل مميزات وقدرات الإعلام الالكتروني ترى الباحثة أن أهم خاصية يمكن أن يتمتع بها أنه إعلام العصر وسيكون إعلام المستقبل أيضا, فهو يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والتي تتطور بشكل كبير وسريع ومستمر بدون توقف. وهذا ما يؤكده انتشار أجهزة النشر الالكتروني ووسائل الاتصال الالكترونية المحمولة في كف اليد والتي يستطيع حاملها الدخول على الانترنت ومطالعة موقعه الالكتروني المفضل أو قراءة صحيفته المفضلة من أي مكان وفي أي زمان.- مميزات الإعلام الالكتروني
فرض الإعلام الإلكتروني واقعا إعلاميا جديدا بكل المقاييس، حيث انتقل بالإعلام إلى مستوى السيادة المطلقة من حيث الانتشار، واختراق كافة الحواجز المكانية والزمنية والتنوع اللا متناهي في الرسائل الإعلامية والمحتوى الإعلامي، لما يملكه من قدرات ومقومات الوصول والنفاذ للجميع، وامتداده الواسع بتقنياته وأدواته واستخداماته وتطبيقاته المتنوعة. فهو إعلام مفتوح تخطى الحدود وهو يعتمد على التكنولوجيا الحديثة بما يخفض من تكاليفه ويوسع من دائرة مستخدميه ([5]).والإعلام الإلكتروني استفاد من ثورة عالم الإنترنت وطوعها لتكون وسيلة مناسبة لنقل الرسالة الإعلامية إلى جمهور واسع، وشكل التطور المتواصل في عالم البرمجيات المستخدمة من إكساب هذا النوع الجديد من الإعلام بعدا تفاعليا مع الجمهور ربما غاب في وسائل الإعلام التقليدية, ذلك أن هذا النوع من الإعلام يستخدم الصور, والصور المتحركة والأشكال والرسومات بطريقة تجعل القارئ يتفاعل بشكل أكبر مع الموضوع، وتميزت سهولة التعليق على الأخبار في هذا النوع من الإعلام في سرعة التغذية الراجعة من الجمهور والتي تسهم في معرفة القائمين على الإعلام الإلكتروني بما يطلبه جمهور المتلقين، وبالتالي سرعة تطوير المحتوى الإعلامي بما يجذب المزيد من الجمهور ([6]). كما تمثل شبكة الويب فضاء جماعيا يشترك المستخدمون في إنتاجه، وهو بهذا المعنى يمكن النظر إليه على انه نموذج تواصلي جديد، لا يتعلق بعملية بث مركزية، ولكن يتفاعل داخل حالة ما، يسهم كل فرد (مرسل – مستقبل) في اكتشافها بطريقته أو تغييرها أو الحفاظ عليها كما هي، لقد أحدث الإنترنت، بوصفه العنصر الرئيس في هذه المنظومة، تغييرات بنيوية في خريطة الإعلام بشكل عام، وفسح المجال على وفق ذلك – بقيام تعددية إعلامية افتراضية ([7]).
المراجع
[1] تيسير أبو عرجه, الإعلام والثقافة العربية – الموقف والرسالة. عمان : الأردن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع, ط1 ,2003, ص 107.

