الكارثة الخفية: لماذا يغرق مدينة عدن في ظلام 16 ساعة يومياً؟

محطات توليد تلفظ أنفاسها الأخيرة
المشهد أشبه بغرفة إنعاش لمحطات الكهرباء. محطة “الرئيس” الوحيدة التي ما زالت تقاوم تعمل بـ85 ميجاوات فقط، بينما تحولت باقي المحطات إلى هياكل خرسانية صامتة. جميع محطات الديزل والمازوت خرجت من الخدمة كلياً، ليس بسبب أعطال فنية، بل لأن خزانات الوقود أصبحت أجوف تماماً. هذه الكارثة تجعل إجمالي الطاقة المتاحة للمدينة لا يتجاوز 8% من احتياجها الأساسي!
المعادلة الصادمة: 700 ميجاوات تختفي في الهواء
الأرقام تكشف فجوة مرعبة:
- احتياج المدينة اليومي: 700 ميجاوات لتشغيل المستشفيات والمدارس والمنازل
- الطاقة الفعلية: 85 ميجاوات فقط
- العجز المهول: 615 ميجاوات (ما يعادل اختفاء طاقة 7 مدن متوسطة!)
لماذا 16 ساعة ظلام؟ السر في “دوران الموت”
هذه ليست صدفة.. بل مخطط إجباري لإدارة الكارثة:
القدرة الهزيلة (85 ميجاوات) تُوزَّع كـرشفة ماء في صحراء عبر أحياء المدينة. كل حي يحصل على ساعتين فقط من الكهرباء (ما يسمى محلياً “لاصي”)، بينما يغرق في الظلام 16 ساعة متواصلة (“طافي”). هذه الدورة القاسية هي السبيل الوحيد لمنع انهيار الشبكة بالكامل!
“المدينة تدور في حلقة مفرغة: ساعتان من الحياة تتبعها 16 ساعة من السكون القسري!”
الإنقاذ الوحيد: شريان وقود إلى محطات التوليد
المخرج من هذه الكارثة ليس معقداً تقنياً، لكنه يحتاج إرادة سياسية:
⛽ إعادة إحياء المحطات النائمة
توفير الديزل والمازوت فوراً للمحطات المتوقفة التي تحتاج فقط للوقود لتعود إلى العمل. هذه المحطات جاهزة للتشغيل لكنها تحتضر بسبب الجفاف الوقودي.
🛢️ ضخ الحياة في “محطة الرئيس”
تزويد المحطة بـ25 قاطرة نفط خام يومياً لتعمل بطاقتها القصوى (264 ميجاوات). هذه الخطوة وحدها يمكن أن تضاعف الطاقة المتاحة ثلاث مرات!
الساعة تدق: كل يوم تأخير = معاناة إضافية
هذه الأزمة ليست لعنة قدر، بل نتيجة أزمة وقود يمكن حلها. استمرار الوضع الحالي يعني:
- تفاقم الأزمات الإنسانية في المستشفيات والمرافق الحيوية
- خسائر اقتصادية فادحة تتجاوز تكلفة توفير الوقود
- انهيار اجتماعي متسارع
“الوقود المتوفر اليوم يمكن أن يحوّل 16 ساعة ظلام إلى نور دائم.. السؤال هو: أين الإرادة لتحقيق هذه المعجزة؟”