قبيلة الجوابرة في الأردن: دراسة في الأصول والتوزع الجغرافي لعشيرة بدوية عريقة

تُعد قبيلة الجوابرة، أو بني جابر كما يُطلق عليها أحيانًا، من كبرى القبائل البدوية التي استوطنت أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، تاركةً بصمات واضحة في تاريخها ونسيجها الاجتماعي. تتميز هذه القبيلة بامتدادها العشائري وتوزعها الجغرافي الواسع في مناطق مختلفة من الأردن، مع احتفاظها بعاداتها وتقاليدها الأصيلة التي تعكس عمق جذورها في المنطقة.
الاستقرار التاريخي والهجرات اللاحقة:
تشير المصادر التاريخية إلى أن قبيلة بني جابر تُعتبر امتدادًا للقبائل الأردنية التي استقرت في منطقة الطفيلة الواقعة في جنوب الأردن، وذلك في أواخر القرن الثاني للهجرة. وقد شهدت القبيلة لاحقًا تحركات وهجرات لبعض من أبنائها إلى مناطق أخرى، حيث نزحت فروع منها إلى فلسطين وجنوب سوريا. يُعزى هذا النزوح جزئيًا إلى نزاع نشب بين أبناء العمومة بقيادة عواد الصدقي الجابري، الذي شغل منصب سنجق دار في منطقة يعبد وأم الفحم في فترة لاحقة. تُعد هذه الهجرات دليلًا على الديناميكية التي اتسمت بها القبائل البدوية في المنطقة وتأثرها بالظروف الاجتماعية والسياسية المختلفة.
أصول النسب: الارتباط بقبائل قضاعة الحميرية القحطانية:
تنتسب قبيلة الجوابرة إلى نسب عريق يربطها بقبائل قضاعة الحميرية القحطانية. وتحديدًا، يعود نسبهم إلى جابر بن كعب بن عليم بن جناب بن هُبَل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب. هذا التسلسل النسبي يوضح انتماء الجوابرة إلى قبيلة قضاعة الكبيرة التي تُعد من القبائل العربية الجنوبية ذات التاريخ الممتد. وقد تداخلت مع قبيلة الجوابرة عبر التاريخ عشائر أخرى ذات أصول جذامية وغسانية، مما أثرى تركيبتها العشائرية.
المنازل الأصلية والتوزع الحالي:
كانت المنازل الأصلية لقبيلة الجوابرة تتركز في جنوب الأردن، وتحديدًا في منطقة الطفيلة. وعلى إثر الخلافات التي نشبت بينهم وبين أبناء العمومة، تفرقت فروع من القبيلة، حيث رحل جزء منهم إلى فلسطين، وجزء آخر إلى جنوب سوريا، بينما استقر الجزء الأكبر في مناطق مختلفة من الأردن، بما في ذلك شمال الأردن.
فروع قبيلة الجوابرة في الأردن:
تتوزع عشائر قبيلة الجوابرة في الأردن في عدة مناطق، مع وجود مركز ثقل رئيسي لها في محافظة الطفيلة. وفيما يلي تفصيل لفروع القبيلة في مختلف مناطق المملكة:
عشائر الجوابرة في الطفيلة (المركز الرئيسي):
تضم الطفيلة النسبة الأكبر من عشائر الجوابرة، وتنقسم إلى عدة فخوذ رئيسية هي:
- الحميدات: وتضم العشائر التالية: العوران، الحوامده، العطيوي، الجرابعه، الحناقطة، المهايره، الجرادين، الزريقات، الخطبا، الزغاليل، القيسيه، السعايدة.
- العبيديين: وتضم العشائر التالية: المحاسنه، الشحاحده، القطاطشه، القرعان، البدارين، الزرقان، الفلايله، الداودية، القراقرة، الحجاج، التويجر، الزنانين، العميلات، السعايده، الرواجفه، الجقاقمه، الوحوش.
- البحرات: وتضم العشائر التالية: المرافي، الجفوت، السودان، العمايرة، العزارات، القوابعة، العتايقه، الهريشات، الطرمان، القيسيه، الدلابيح، السواريس، الضباعيين، العواديين، النظاميين، العرضان، الشول، الحجاج، الخطبا، الفصول.
- الهلالات: وتضم العشائر التالية: الشبيلات، السبول، الزغايبه، القطيطات، السقرات، الفراهيد، السهارين، السبايله، الحداريس، الحليسي، المراحلة، الصوأوية، الطرمان.
- الكلالده: وتضم العشائر التالية: المحيسن، البدارين، الخمايسه، الزحيمات، القواسمه، الخلفات، العدينات، العواجين، القطيمات، السميرات، البدور.
- القطيفات: وتضم العشائر التالية: المرايات، العجارمة، الحجوج، العطالرين، الخريسات، الغبابشه، الفريجات، الرباعنه، المعابره، المراشده.
- الوهيبات: وتضم العشائر التالية: الربابعه، الشقارين، الشرايده، الزغاميم، الرخامين، الطرشان.
- الشوابكة: وتضم العشائر التالية: الهلول، الشوابكه، الطواهي، التويجر، السعايده، السكور، الرفاعين.
يعكس هذا التقسيم العشائري الدقيق التنظيم الاجتماعي المتجذر في قبيلة الجوابرة في منطقة الطفيلة، حيث لكل فخذ وعشيرة تاريخها الخاص وروابطها الداخلية.
جوابرة اربد:
تتواجد فروع من قبيلة الجوابرة أيضًا في محافظة اربد شمال الأردن، وتضم العشائر التالية: الشطناوي، الحوامده، السقرات، الشلول، السكاكرة، عيال جابر. يُشير هذا التواجد إلى امتداد القبيلة وتوزعها في مناطق مختلفة من المملكة.
جوابرة البلقاء:
تضم محافظة البلقاء عشيرة الخرابشة التي تُعتبر جزءًا من قبيلة الجوابرة.
جوابرة الرمثا:
في منطقة الرمثا الواقعة في أقصى شمال الأردن، تتواجد عشيرة الذيابات التي تنتمي إلى قبيلة الجوابرة.
الأهمية الاجتماعية والثقافية:
تُعد قبيلة الجوابرة من القبائل البدوية التي حافظت على العديد من العادات والتقاليد الأصيلة، مثل الكرم والضيافة والشجاعة والنجدة. ولعبت القبيلة دورًا هامًا في تاريخ المنطقة، سواء في العلاقات القبلية أو في التفاعلات مع السلطات المختلفة التي حكمت الأردن على مر العصور. كما ساهم أبناء القبيلة في مختلف المجالات الحياتية في الأردن، بما في ذلك الخدمة العسكرية والأمنية، والعمل الحكومي، والتجارة، وغيرها.
التحديات المعاصرة والمستقبل:
تواجه قبيلة الجوابرة، كغيرها من القبائل البدوية في الأردن، تحديات معاصرة تتعلق بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور الحضري. ومع ذلك، فإن القبيلة تسعى جاهدة للحفاظ على هويتها الثقافية وتراثها الأصيل، مع الانخراط في التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة.
خلاصة:
تُعتبر قبيلة الجوابرة في الأردن مثالًا للقبائل البدوية العريقة التي استطاعت الحفاظ على امتدادها وتوزعها الجغرافي في مناطق مختلفة من المملكة. بتاريخها الممتد إلى قبائل قضاعة، وفروعها العشائرية المتعددة، ودورها الاجتماعي والثقافي، تظل قبيلة الجوابرة مكونًا هامًا من مكونات النسيج الاجتماعي الأردني، وشاهدًا على تاريخ وتراث المنطقة. إن دراسة هذه القبيلة تُقدم لنا نافذة لفهم أعمق لتاريخ القبائل البدوية في الأردن ودورها في تشكيل الهوية الوطنية.