عوامل التغير الاجتماعي

ان التغير الاجتماعي لا يحدث بشكل مفاجئ وانما تسبقه عوامل او مصادر تؤدي الى التغير في هذا المجتمع او ذاك بنسب متفاوتة خلال فترة زمنية بطيئة او سريعة.
ولهذا فان التغير الاجتماعي له مصدران اساسيان هما:
1-المصدر الداخلي: هي عوامل داخلية نابعة من المجتمع ذاته كالجانب السياسي والتقدم التكنلوجي والقيم والأخلاق والأفكار.
2-المصدر الخارجي: هي عوامل خارجية لا دخل للإنسان بها كالتغير البيئي والسكاني والثقافي.
ان هذان المصدران في نظر الباحث مترابطان ومتداخلان في بعض العوامل؛ فالجانب السياسي المتمثل في الثورات والحروب عامل داخلي الا اننا رأينا الكثير من الدول العربية انتفضت كلها وأعلنت الحرب على قادتها وبات ما يعرف بثورة الربيع العربي تغير اجتماعي للمنطقة العربية ككل فتحول العامل الداخلي الى عامل خارجي وهذا ابسط مثال ضربنا به.
المصدر الخارجي والمتمثل في العوامل التالية:
أ-عوامل ديموغرافية
وهي متغيرات تؤثر في التغير الاجتماعي، مثال: حجم السكان وكثافتهم، ومعدل الوفيات والمواليد، والهجرة الخارجية والداخلية. الهجرة ومشاكلها في انتقال الفرد من مجتمعه إلى مجتمع آخر، بسبب كسب لقمة العيش، أو الاضطهاد السياسي، أو بسبب الاحتلال، أو الحريات المعدومة. السلوك الإنساني ودوافعه. عوامل جغرافيا، أي المكان الذي يقطن فيه الإنسان، مثال: الموقع، والمناخ، ومستوى المعيشة في المجتمع… وغيرها.
ب-عوامل بيئية (فيزيقية)
المتمثلة في الزلازل والبراكين والامطار والرياح والبترول والغاز، وما تحدثه من تغيرات في نفوس السكان؛ فالأنسان يحدث تغيرا في البيئة التي يتواجد او يعيش فيها والبيئة هي من تحدد شكل النشاط الاقتصادي هل هو زراعي او رعوي او تجاري.
ج-عوامل ثقافية:
المتمثلة في الأنماط السلوكية والثقافية في المجتمع مثل العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي تظهر او تختفي في المجتمع وهذا العامل أصبح من العوامل المهمة وخاصة مع انتشار التكنلوجيا وسهولة الاحتكاك والانتشار الثقافي مع بقية المجتمعات وهذا سهل لعملية تقليد عادات بلدان أخرى سوء سلباً او ايجاباً.
د- عوامل اقتصادية:
وتشمل جميع النواحي المادية مثل مستوى المعيشة وحالة السوق والوضع الاقتصادي للمجتمع؛ أي من خلال زيادة الثروات او انخفاضها داخل المجتمع.
المصدر الداخلي والمتمثل في العوامل التالية:
أ-عوامل التكنولوجيا والتقدم بها:
إن الاختراعات الجديدة في عصرنا أدت إلى تطور الإنسان ورقيه، أو عزله عن المجتمع، وأثرها في توسيع العلاقات الاجتماعية لأن التكنولوجيا سيف ذو حدين لها إيجابيات وسلبيات.
ب-عوامل سياسية:
المتمثلة في النظام السياسي واليات الحكم ومدى توفر الديمقراطية والحرية والعدالة والحروب والثورات، والزعماء والرؤساء، فهي أحد العوامل التي تؤدي إلى التغير الاجتماعي
ج-عوامل فكرية (أيدلوجية):
وهي تعني الأفكار والمعتقدات والاتجاهات والتيارات الفكرية المنتشرة ونوع الطبقات والفئات الاجتماعية التي تتبناها والتي تؤدي دور فعال في التغير الاجتماعي، وما يفكر به المجتمع، وما تطلعاته.
ونلاحظ ان (هاري جونسون) قد بين لنا أسباباً عديدة للتغير الاجتماعي يمكن حصرها في مجموعات ثلاثة: –
أسباب للتغير كامنة إما داخل النظم الاجتماعية عامة أو في جوانب معينة من النظام الاجتماعي.
أسباب قد ترجع الى بعض التأثير الذي تخلفه البيئة الاجتماعية على نظام من النظم الاجتماعية.
تغير قد يرجع الى أثر البيئة غير الاجتماعية. على انه من المفيد أدراك إن هذه المصادر الثلاثة الأساسية متصلة ومتداخلة بحيث إن واحداً منها قد يؤدي الى الأخر فهناك أثارٌ استرجاعية متبادلة ومستمرة بينها فالتغير قد يكون سببًا أخر وهكذا.
ويحدد العالمان رواسك ووران (Rocek and warren) عددا من المصادر المتنوعة للتغير الاجتماعي منها ما يأتي:
الاختراع والانتشار:
يعد الاختراع من العوامل الأساسية في التغير الاجتماعي حيث ان الاختراع هو عبارة عن تركيب جديد للعناصر المعروفة ويحدث الاختراع في الجانب المادي للمجتمع، وقد يحدث الاختراع في الجوانب غير المادية للمجتمع كاتحاد العمال أو استخدام بعض المفاهيم الجديدة في الفلسفة. وقد يغير الانتشار الثقافي حالة المجتمع ولكن اثر الانتشار يعتمد على مدى التنظيم في المجتمع فيما اذا كان قادرا على الاستفادة من العناصر الثقافية المنتشرة القادمة إليه.
دور العناصر السكانية:
أن نمو السكان يؤدي الى تعقيد أكبر وإيجاد طرق جديدة للمحافظة على استمرارية المجتمع وأساليب جديدة في الضبط الاجتماعي.
دور التغير القيمي:
لقد كان هنالك جدل مستمر ما بين العلماء حول اثر القيم في التغير الاجتماعي ففي الوقت الذي رأى فيه (هيجل) إن التغير ناتج عن التفاعل ما بين المثل، رأى ماركس ان القيم ليس لها اثر على التغير الاجتماعي، على المدى البعيد الذي هو ناتج عن التفاعل ما بين القوى الاجتماعية التي تكشف عن نفسها في الصراع الطبقي.
دور الرجال العظام:
أن ظهور أفكار توماس كارلايل (Carlyle) أدى الى ظهور اتجاه يرى ان التاريخ هو ناتج عن مساهمات عدد قليل من الرجال العظام مثل كولومبوس (Columbus) الذي اكتشف القارة الامريكية فمهد لعهد جديد من الاستعمار أو غاليليو الذي أثر في طرق البحث العلمي أو نابليون الذي غير وجه أوربا.
وتلعب العوامل البيئية دورا مهما في التغير الاجتماعي، فإذا ما تغير المناخ مثلا حاول أعضاء النسق الاجتماعي ان يكيفوا أنفسهم مع الوضع الجديد في مجال الزراعة والصناعة والتجارة والنظم الاجتماعية، وقد تعمل البيئة أو المكان على تقديم الامكانيات وتوفير المطالب للآهلين وقد تكون عديمة الجدوى بالنسبة لهم، كما يمكن ان تحد العراقيل الطبيعية كالجبال والبحار والحواجز الجغرافية عمومًا من فعالية الاتصال بين الشعوب.
اما التغير الاجتماعي عند ابن خلدون هو التغير الذي يمس العناصر الثلاثة (المعاش، الملك، والفنون) التي من خلالها نفرق بين العمران البدوي والعمران الحضري.