سبتمبر.. ميلاد الجمهورية وروح اليمن الخالدة

محمد أحمد الطالبي
تمثل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر محطة فارقة في تاريخ اليمن الحديث، فقد جاءت بأهدافها الستة لتجسد تطلعات الشعب اليمني في الحرية والكرامة والعدالة، ولتفتح أمامه أبواب الأمل بعد قرون من الجهل المطبق، والمرض المستشري، والعيش المذل تحت نير الاستبداد. لقد كانت سبتمبر ولادة جديدة لليمنيين، وانبعاثًا للحياة في وطن أُريد له أن يبقى رهين الظلام.
لقد كان الشعب قبل سبتمبر يعيش في دوامة من الفقر والحرمان والتجهيل الممنهج، وكان يُنظر إليه بازدراء وسخرية من قبل النظام الإمامي الكهنوتي، الذي أدار البلاد بعقلية القرون الوسطى، فحرم المواطن من أبسط حقوقه في التعليم والصحة والمشاركة السياسية
قاد هذه الثورة كوكبة من الرجال الأحرار، منارات للفكر والشجاعة والتضحية، تقدّموا الصفوف حاملين أرواحهم على أكفهم، ليصنعوا فجرًا جديدًا لشعبهم. ومن بين أولئك الأبطال: محمد محمود الزبيري، وعبدالمغني، و الثلايا، و القردعي، وغيرهم من رفاق الدرب الذين سطروا بدمائهم الطاهرة أروع صفحات التاريخ اليمني.
إن ذكرى ثورة سبتمبر ليست مجرد محطة للاحتفاء العاطفي بالماضي، بل هي نداء حيّ لليمنيين جميعًا كي يستلهموا منها روح العزيمة والتكاتف، دفاعًا عن مكتسباتها العظيمة. فالمعركة التي خاضها الأحرار بالأمس ما زالت تتجدد اليوم، مع محاولات المليشيات الحوثية الانقلاب على أهداف الثورة وإعادة اليمن إلى عهود الظلام والكهنوت.
إن الحفاظ على الإرث السبتمبري هو مسؤولية وطنية وتاريخية، وهو واجب كل يمني حر يؤمن بأن الجمهورية ليست مجرد نظام حكم، بل هي هوية وكرامة وحق في الحياة الكريمة. وستبقى سبتمبر شعلة متقدة في ضمير اليمنيين، تُلهمهم في حاضرهم، وترسم ملامح مستقبلهم نحو وطن مزهر، يليق بتضحيات الآباء والأجداد.