أسباب تقرحات الفم وطرق الوقاية والعلاج

تُعد تقرحات الفم، المعروفة أيضاً بالقلاع الفموي، من المشكلات الشائعة والمزعجة التي يمكن أن تصيب الأفراد من جميع الأعمار. على الرغم من أنها غالباً ما تكون حميدة وتختفي من تلقاء نفسها، إلا أن الألم والحساسية التي تسببها تجعل البحث عن طرق فعالة للعلاج والتخفيف أمراً ضرورياً.
يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة حول تقرحات الفم، بدءاً من فهم طبيعتها وأسبابها، مروراً بأبرز طرق العلاج المنزلية والطبية، وصولاً إلى نصائح عملية للوقاية منها.
ما هي تقرحات الفم (القلاع الفموي)؟
تقرحات الفم هي آفات سطحية صغيرة تظهر عادةً داخل الفم، على الشفاه من الداخل، تحت اللسان، أو على غشاء اللثة. تتميز هذه التقرحات بكونها:
- الشكل والحجم: غالباً ما تكون دائرية أو بيضاوية، ولا يتجاوز حجمها سنتيمتراً واحداً.
- اللون: بيضاء أو مصفرة في المنتصف، وتحيط بها هالة حمراء زاهية.
- الأعراض الأولية: قد يشعر الشخص بحكة أو وخز خفيف في المنطقة قبل ظهور التقرح بساعات أو أيام.
- الألم: تُعرف هذه التقرحات بأنها مؤلمة جداً وتسبب إحساساً بالحرقة، خاصة عند تناول الطعام أو الشراب.
- العدوى: من المهم ملاحظة أن تقرحات الفم لا تظهر خارج الفم وليست معدية.
أسباب ظهور تقرحات الفم
لا يوجد سبب واحد ومحدد لظهور تقرحات الفم، ولكنها غالباً ما تكون نتيجة لمجموعة من العوامل، وقد يكون هناك استعداد وراثي لدى بعض الأشخاص. تشير الأبحاث إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالقلاع الفموي من الرجال. تشمل الأسباب الشائعة ما يلي:
- الصدمات الجسدية: العض المفاجئ للشفاه أو الخدين من الداخل، أو الإصابة الناتجة عن تنظيف الأسنان بقوة زائدة.
- الحساسية الغذائية: تناول بعض الأطعمة يمكن أن يحفز ظهور التقرحات، مثل الأطعمة الحارة، الحمضية (كالليمون والطماطم)، أو بعض الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين.
- المنتجات الفموية: استخدام معاجين الأسنان أو غسولات الفم التي تحتوي على مادة كبريتات لوريل الصوديوم (SLS) يمكن أن يثير ظهور التقرحات لدى بعض الأشخاص.
- الإجهاد والتغيرات الهرمونية: فترات التوتر النفسي الشديد أو التقلبات الهرمونية (خاصة لدى النساء أثناء الدورة الشهرية أو الحمل) يمكن أن تزيد من احتمالية ظهورها.
- النقص الغذائي: نقص بعض الفيتامينات والمعادن الأساسية مثل فيتامينات ب (خاصة B12)، الزنك، حمض الفوليك، والحديد.
- ضعف الجهاز المناعي: يمكن أن تكون التقرحات مؤشراً على ضعف مؤقت في الجهاز المناعي.
- حالات طبية معينة: في بعض الحالات النادرة، قد تكون تقرحات الفم المتكررة مرتبطة بحالات صحية كامنة مثل مرض كرون أو الداء الزلاقي.
خيارات علاج تقرحات الفم
معظم تقرحات الفم صغيرة وتلتئم بشكل طبيعي في غضون أسبوع إلى أسبوعين. ومع ذلك، يمكن أن يكون الألم مزعجاً خلال هذه الفترة. تهدف العلاجات إلى تخفيف الألم وتسريع عملية الشفاء.
- العلاجات المنزلية الطبيعية
توفر بعض العلاجات الطبيعية راحة فعالة وتساعد على التئام التقرحات:
- معجون الرمان: أظهرت الأبحاث أن الرمان ومستخلصاته، مثل معجون الرمان، يمتلكان خصائص قوية مضادة للبكتيريا والفيروسات. يُعتقد أن مركبات البوليفينول وحمض الإيلاجيك الموجودة في الرمان، بالإضافة إلى مادة التانين ذات الخصائص المطهرة، تساعد في تعقيم الجروح وتسريع الشفاء.
- كيفية الاستخدام: ضعي كمية صغيرة من معجون الرمان مباشرة على التقرح مرة أو مرتين يومياً، وامسحيه بلطف بقطعة قماش نظيفة بعد دقيقة أو دقيقتين. ستلاحظين تحسناً ملحوظاً خلال أيام قليلة.
- صودا الخبز (بيكربونات الصوديوم): تُعرف صودا الخبز بخصائصها القلوية التي تساعد على تحييد الأحماض المسببة للألم والتهيج في الفم. كما أنها تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا.
- كيفية الاستخدام: أذيبي ملعقة صغيرة من صودا الخبز في نصف كوب من الماء الدافئ، ثم اشطفي فمك بهذا المحلول لعدة دقائق قبل بصقه. كرري ذلك عدة مرات في اليوم.
- العلاجات الدوائية والموضعية
يمكن لبعض الأدوية الموضعية أن توفر راحة سريعة وفعالة:
- المضادات الحيوية الموضعية: في بعض الحالات، قد يصف الطبيب مضادات حيوية موضعية. على سبيل المثال، يمكن استخدام كبسولات التتراسيكلين بتركيز 250 مجم مذابة في محلول ملحي فسيولوجي كغسول للفم لتسريع الشفاء.
- غسولات الفم المخدرة/الملطفة:
- شراب ديفينهيدرامين: يمكن استخدامه كغسول مسكن للألم. ضعيه في الفم لمدة دقيقة واحدة ثلاث مرات يومياً ثم ابتلعيه. يساعد هذا العلاج في تقليل الألم بشكل فعال.
- قطرات غسول الفم المخصصة: توجد قطرات مثل قطرات “ميرتكس” (وغيرها من المستحضرات التي تحتوي على مكونات مهدئة ومطهرة) يمكن وضعها مباشرة على التقرح باستخدام قطعة قطن لمدة نصف ساعة. تُكرر هذه العملية 5 إلى 6 مرات في اليوم لتسريع التئام التقرح.
- المراهم والكريمات الستيرويدية الموضعية: قد يصف الطبيب مراهم تحتوي على الكورتيكوستيرويدات لتقليل الالتهاب والألم، خاصة في حالات التقرحات الكبيرة أو المتكررة.
علاج تقرحات الفم لدى الأطفال في الطب التقليدي
عندما يُصاب الأطفال بتقرحات الفم، يصبح الأمر أكثر إزعاجاً بسبب صعوبة تناول الطعام والشراب. يمكن استخدام بعض العلاجات المنزلية الآمنة والفعالة لمساعدتهم:
- العسل: بفضل خصائصه المضادة للميكروبات والالتهابات، يمكن أن يساعد العسل في تسريع شفاء التقرحات وتخفيف الألم.
- كيفية الاستخدام: ضعي كمية صغيرة من العسل مباشرة على التقرح. مذاقه الحلو يجعله مقبولاً لدى الأطفال. ملاحظة هامة: لا يُنصح باستخدام العسل للأطفال دون سن السنة الواحدة بسبب خطر التسمم السجقي (Botulism).
- الماء والملح: يُعرف مزيج الماء الدافئ والملح بفوائده في تخفيف التهاب الحلق، وهو فعال أيضاً لتقرحات الفم.
- كيفية الاستخدام: أذيبي كمية صغيرة من الملح في كوب من الماء الدافئ. اطلبي من الطفل أن يتمضمض بهذا المحلول ثم يبصقه.
- جل الصبار (الألوفيرا): يشتهر جل الصبار بخصائصه المهدئة والمضادة للالتهابات والمساعدة على التئام الجروح.
- كيفية الاستخدام: ضعي كمية صغيرة من جل الصبار النقي (المستخرج مباشرة من ورقة الصبار أو منتج موثوق خالٍ من الإضافات) مباشرة على التقرح.
نصائح للوقاية من تقرحات الفم
على الرغم من أنه لا توجد طريقة مضمونة لمنع ظهور تقرحات الفم تماماً، خاصة إذا كان هناك استعداد وراثي، إلا أن اتباع بعض الإرشادات يمكن أن يقلل من تكرارها وشدتها:
- تجنب الأطعمة المهيجة: قللي من تناول الأطعمة شديدة الحموضة (مثل الحمضيات والعصائر الحمضية)، الحارة، أو التي قد تسبب حساسية لديك.
- تجنب العادات الضارة: حاولي تجنب عض الشفاه أو الخدين من الداخل بشكل متكرر، وتجنبي مضغ العلكة بشكل مفرط إذا لاحظتِ أنها تسبب لك التهيج.
- العناية بالفم والأسنان:
- استخدمي فرشاة أسنان ناعمة لتجنب إصابة الأنسجة الرقيقة داخل الفم.
- استخدمي خيط الأسنان بانتظام لإزالة بقايا الطعام والبكتيريا، ولكن بلطف.
- ابحثي عن معاجين أسنان وغسولات فم خالية من كبريتات لوريل الصوديوم (SLS) إذا كنتِ تعانين من تقرحات متكررة.
- إدارة التوتر: مارسي تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا، التأمل، أو تمارين التنفس العميق للتحكم في مستويات التوتر، والتي قد تكون عاملاً محفزاً.
- التغذية السليمة: تأكدي من حصولك على نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن، وخاصة فيتامينات B، الزنك، حمض الفوليك، والحديد. قد يوصي الطبيب بالمكملات الغذائية إذا كان هناك نقص.
- الفحوصات الدورية: زوري طبيب الأسنان بانتظام للتأكد من صحة فمك والكشف عن أي مشكلات مبكراً.
خاتمة
يمكن أن تكون تقرحات الفم تجربة مؤلمة ومزعجة حتى تختفي. ولكن بالمعرفة الصحيحة حول أسبابها وخيارات العلاج المتاحة، سواء كانت منزلية أو طبية، يمكنكِ التخفيف من حدة الألم وتسريع عملية الشفاء. الأهم هو الانتباه إلى جسدك، وإذا استمرت التقرحات لفترة طويلة، كانت كبيرة جداً، مؤلمة بشدة، أو مصحوبة بأعراض أخرى مثيرة للقلق، فلا تترددي في استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج المناسب.