حزب الإصلاح خلاصة نضال اليمنيين في مواجهة الكهنوت والاستعمار

محمد أحمد الطالبي
يحلّ هذا العام (2025) الذكرى الخامسة والثلاثون لتأسيس التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الذي وُلد من رحم التجربة اليمنية في لحظة تحولات كبرى عقب قيام الوحدة المباركة عام 1990. ومنذ لحظة ميلاده السياسي، قدّم الإصلاح نفسه كامتداد طبيعي لنضال طويل خاضه اليمنيون ضد الاستعمار والكهنوت والاستبداد، وكمكوّن وطني أصيل حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قيم الجمهورية والحرية والكرامة الإنسانية.
جذور تاريخية ونضال ممتد
الإصلاح لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة لتجارب متراكمة من العمل الدعوي، الاجتماعي والسياسي الذي أسهم في تحرير الوعي الشعبي منذ فترات مبكرة.
شارك رجال الإصلاحيون في ميادين النضال ضد الحكم الإمامي الكهنوتي شمالاً، وضد الاستعمار البريطاني جنوباً، ليكونوا جزءاً أصيلاً من معادلة التحرر الوطني.
في كل محطة وطنية، ظل الإصلاح يُجدد التزامه بقضية الحرية والعدالة، ويقف في الصفوف الأمامية من أجل تعزيز مبادئ الشورى والديمقراطية.
الإصلاح والوحدة والديمقراطية
تأسس الحزب في ظل أجواء التعددية السياسية بعد الوحدة، فكان من أوائل القوى التي تفاعلت مع الديمقراطية باعتبارها خياراً شعبياً ووسيلة للتداول السلمي للسلطة.
ساهم في صياغة الحياة البرلمانية عبر كتلة برلمانية فاعلة، وقدم برامج انتخابية هدفت إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي، وتحقيق التنمية العادلة.
بقي الإصلاح رافعة للعمل المؤسسي وركيزة في التوازن السياسي، مدافعاً عن الشراكة الوطنية وضامناً لحيوية التجربة الديمقراطية.
الإصلاح في مواجهة الكهنوت الجديد
مع عودة المشروع الإمامي ممثلاً بجماعة الحوثي، كان الإصلاح ولا يزال في قلب المعركة دفاعاً عن الجمهورية، وامتداداً لدوره التاريخي
في مواجهة الاستبداد السلالي
قدّم الإصلاح تضحيات جسام، حيث استُشهد المئات من قياداته وأعضائه، وتعرضت مقراته وممتلكاته للحصار والمصادرة، لكنه بقي ثابتاً على مبادئه.
هذا الموقف الصلب يعيد إلى الأذهان حقيقة أن الإصلاح ليس مجرد حزب سياسي، بل تجسيد لإرادة يمنية رافضة للعودة إلى الماضي الكهنوتي المظلم.
الإصلاح والعمل المجتمعي
على المستوى الاجتماعي والتنموي، أسس الإصلاح شبكة واسعة من المؤسسات التعليمية والخيرية والصحية التي أسهمت في خدمة المجتمع، خصوصاً في الريف والمناطق المهمشة.
لعب دوراً محورياً في رعاية العمل الشبابي والطلابي، وتعزيز قيم العمل الطوعي، بما جعله أقرب إلى حركة مجتمعية واسعة منه إلى حزب سياسي تقليدي.
آفاق المستقبل
في الذكرى الـ35، يقف الإصلاح أمام تحديات جسام، لكنه يمتلك رصيداً نضالياً وتاريخياً كبيراً يؤهله للاستمرار كقوة وطنية فاعلة.
المستقبل يضع أمام الحزب مهمة مضاعفة الجهود في تعزيز الشراكة مع بقية القوى الوطنية، وتجديد أدواته وخطابه بما يتناسب مع متغيرات المرحلة.
الإصلاح، وهو يخطو نحو عقده الرابع، يظل عنواناً لنضال اليمنيين في سبيل الدولة المدنية الحديثة، ودعامة لمشروع اليمن الاتحادي الديمقراطي.
✍️ خاتمة: الذكرى الخامسة والثلاثون ليست مجرد احتفاء بمرور الزمن، بل استدعاء لذاكرة النضال وتأكيد لالتزام مستمر تجاه الوطن. الإصلاح اليوم ليس مجرد شاهد على التاريخ، بل شريك في صناعته، وقوة حية تجدد مع اليمنيين عهد الوفاء للجمهورية والحرية والاستقلال.