وجهات ومعالم

منتجع قنا السياحي

عبدالرحمن أنيس

زرتُ منتجع قنا السياحي بشبوة مراتٍ عديدة، تارةً في نزهات عائلية هادئة، وتارةً أخرى كمحطة إقامة كلما اتجهت شرقًا نحو حضرموت، إذ لا يفصل بينه وبينها سوى ساعتين من المسير على طريق بئر علي.
المنتجع يقع في منطقة نائية بعد عين بامعبد، ورغم ذلك لا تكاد تجد فيه شاليهًا أو جناحًا شاغرًا دون حجز مسبق؛ شأنه في ذلك شأن معظم مشاريع الشيخ أحمد القميشي، مالك مطاعم شواطئ عدن، وصاحب سجل استثماري لافت يعرف كيف يحوّل المواقع النائية إلى وجهات مزدحمة بالحياة.

في قنا كل شيء مدروس بدقة

سوبرماركت يعمل على مدار الساعة، تجد فيه كل ما تحتاجه، من الضروريات اليومية إلى حفاظات الأطفال، وكل طلب يصلك إلى غرفتك بكبسة زر على هاتف الغرفة الداخلي.
المطعم هو الآخر متاح طوال اليوم، ومع كل زيارة ألمس تحسنًا ملحوظًا في جودة الطعام، وقد كانت مفاجأتي الأخيرة وجود الزربيان العدني ضمن قائمة الوجبات المتوفرة.

الرمال البيضاء، وصفاء البحر، ومتعة السباحة، تُكمل المشهد صباحًا، بينما في المساء تُضاء الأنوار على الشاطئ، فتتوزع العائلات في جلسات هادئة، ويتسابق الأطفال نحو المراجيح المنتشرة على امتداد المنتجع.

خيارات الإقامة متعددة:
شاليهات عائلية مطلة على البحر، أجنحة فاخرة، غرف خاصة مزودة بشرفات، وفلل شاطئية.
الإنترنت سريع، الكهرباء مستقرة، والهدوء سيد المكان.

لكن ..
رغم كل هذا الجمال، لا يزال المنتجع في مرحلته الأولى من المشروع، وهي المفارقة المؤسفة الوحيدة؛ فلو تم تنفيذ المراحل اللاحقة، لأصبح قنا بلا منازع قبلة السائح اليمني من الشمال والجنوب، ومن الشرق والغرب.

المساحة متوفرة ، المخطط موجود، واللوحات الإرشادية تشير إليه:
مسابح عامة، فلل VIP بمسابح خاصة، مدينة ألعاب مائية، وأخرى رياضية .. بل إن هناك جزيرة في وسط البحر، خُطط لربطها بجسر وإنشاء مرسى وقوارب لتنظيم نزهات بحرية عائلية.

لكن العقبة الكبرى، كما هي في كل استثمار واعد في هذا البلد، هي الكهرباء والطاقة.
طالما أن الكهرباء مسؤولية المستثمر، ومولداته الخاصة وديزله الخاص هم الضامن الوحيد للاستمرارية، فسيظل الاستثمار هنا مغامرة محفوفة بالمخاطر.

قنا ..
ليست مجرد منتجع، بل درسٌ في كيف تُزرع الحياة في أقاصي الجغرافيا، رغم بؤس الواقع وضيق الإمكانيات.

لكل من يبحث عن فسحة راقية للهروب من صخب المدن، أو لحظة هدوء في حضن البحر، أو حتى تجربة سياحية حقيقية داخل حدود هذا الوطن المُتعب..
أنصحكم بزيارة منتجع قنا.
لأنه يُشعرك أنك ضيف على مشروع حلم، بُني بشغف، وما زال ينمو رغم كل ما حوله من عوائق.
وفوق كل ذلك، فإن تكلفة الإقامة فيه لا تُقارن؛ فسعر الليلة لا يتجاوز ربع ما قد تدفعه في منتجعات عدن، مع جودة وخدمة قد تفوقها أحيانًا.

ستعود منه أخفّ روحًا .. وربما أثقل قلبًا بحب مكان لم تتوقع أن يأسرك هكذا.

من صفحة الكاتب على الفيس بوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock