مقالات واراء

الاتفاق الأميركي – الحوثي.. هل يُعيد إحياء مسار السلام في اليمن؟!

محمد الغباري

استأنف مبعوث الأمم المتحدة الخاصّ باليمن رحلاته المكوكيّة بين عواصم المنطقة مع إبرام الولايات المتحدة والحوثيين اتفاقًا لوقف الهجمات المتبادلة، وتحّدث عن فرصةٍ مؤاتيةٍ لاستئناف تنفيذ خريطة طريق السلام التي وُضعت في نهاية العام 2023. لكنّ مسؤولين ومراقبين يجزمون بأنّ أيّ تقدّم في هذا الجانب بات مرتبطًا بتطوّرات الملف النووي الإيراني!.

الاتفاق بين الحوثيين والولايات المتحدة جاء بعد نحو شهرَيْن على تنفيذ واشنطن عشرات الغارات التي استهدفت مواقع ومخابئ أسلحة الحوثيين، ومع ذلك فإنّ المسؤولين اليمنيين يؤكّدون أنّ العودة إلى مسار السلام بين الحكومة والحوثيين بات جزءًا من الملف النووي الإيراني الذي يجري التفاوض بشأنه حاليًا، ويبيّنون أنّ أيّ تقدّمٍ في مسار التسوية مرتبط بالتوصل إلى اتفاقٍ أميركي – إيراني. ولم يستبعدوا العودة إلى التصعيد في حال وصلت المفاوضات بين طهران وواشنطن إلى طريقٍ مسدودٍ، لأنّ الحوثيين وفق تقديرهم باتوا يُشكّلون نقطة ارتكاز للنّفوذ الإيراني في المنطقة العربية بعد الضربات التي تلقّاها حلفاؤها في “حزب الله” اللبناني، وسقوط نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد.

من العاصمة السعودية الرياض، حيث يتواجد الرئيس اليمني ومعظم أعضاء مجلس القيادة والمسؤولين، استأنف المبعوث الأممي هانس غروندبرغ تحرّكاته وعقد سلسلة اجتماعات، شملت وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفيرَيْ السعودية والإمارات لدى اليمن وعددًا من أعضاء السّلك الديبلوماسي. ووصف غروندبرغ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين بأنّه “ليس مجرّد فرصةٍ لخفض التصعيد في البحر الأحمر فحسب، بل يُتيح المجال للأطراف للوفاء بالتزاماتها السّابقة بشأن وقفٍ شاملٍ لإطلاق النار، واتخاذ تدابير اقتصادية، والمضي قدمًا في العملية السياسية”.

المبعوث الأممي تحدّث للمرة الأولى منذ نحو عام ونصف العام عن مسارٍ عمليّ مُتاحٍ أمام الأطراف للسير فيه نحو سلام تفاوضي وشامل يعود بالفائدة على جميع اليمنيين، بدعمٍ من الفاعلين الإقليميين والمجتمع الدولي. وشدّد على الضرورة المُلحّة لمعالجة التدهور الاقتصادي في البلاد، والذي يؤثر بشكلٍ مباشرٍ على حياة اليمنيين اليومية في مختلف أنحاء البلاد. ورأى أنّ الاستقرار الاقتصادي يُعدّ أساسًا ضروريًا لأي تقدمٍّ سياسيّ مُستدام.

وإلى العاصمة العُمانية مسقط، حيث يقيم فريق المفاوضين الحوثيين، طار المبعوث الخاص للأمم المتحدة حيث التقى كبار المسؤولين العُمانيين، وممثلين عن الحوثيين، وآخرين من السلك الديبلوماسي، بمن فيهم مسؤولون إيرانيون كبار. وأكّد مكتبه أنّ المناقشات ركّزت على اتفاق وقف العمليات العدائية بين واشنطن وصنعاء، والحاجة إلى ترجمة ذلك إلى تقدّمٍ مُستدامٍ يعود بالنّفع على جميع اليمنيين، ويشمل ضماناتٍ للمنطقة والمجتمع الدولي.

وفي تحرّكٍ يعكس حرص الأمم المتحدة على حشد دعمٍ إقليميّ لتوجّهاتها لإحياء خريطة طريق السلام التي تَعطّل تنفيذها بسبب الحرب الاسرائيلية على غزّة ودخول الحوثيين على خطّ هذه الحرب، اجتمع غروندبرغ في العاصمة الأردنية عمّان مع وزير الخارجية المِصري بدر عبد العاطي. وتناول النّقاش الوضع في اليمن، مع التركيز على الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لدفع عملية السلام، والمشاورات التي يُجريها مع أطراف النزاع بشأن المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية.

ولأنّ القاهرة كانت أكثر الأقطار العربيّة تضرّرًا من التصعيد في جنوب البحر الأحمر، فقد ناقش الجانبان الوضع في البحر الأحمر في ظلّ التوقف الأخير للأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين وما يوفّره ذلك من فرصةٍ للبناء على التطوّرات لضمان حماية هذا الممرّ المائي الدولي الحيوي، وبما يصبّ في مصلحة المنطقة والمجتمع الدولي. وجدّد الوزير المصري التأكيد على أهمية حلّ النّزاع في اليمن ودعم بلاده لدور الأمم المتحدة في جهود الوساطة.

في ظلّ هذه الأجواء، أعلنت الحكومة اليمنية إعادة فتح طريقٍ رئيسيّ للتجارة يربط ميناء عدن بمناطق سيطرة الحوثيين في محافظة إب بعد سبعة أعوام على إغلاقه، وبعد نحو عامٍ على رفضها مبادرةٍ مماثلةٍ من الجانب الحوثيّ الذي عوّض ذلك بفتح طريقٍ رئيسيّ آخر يربط ميناء عدن بمناطق سيطرة الحوثيين في محافظة تعز. وقال الحوثيون إنّهم مستعدون لفتح طريقٍ حيويّ آخر يربط محافظة أبين الواقعة تحت سيطرة الحكومة بمحافظة البيضاء الخاضعة لسيطرتهم.

من صفحة الكاتب على الفيس بوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock