أسماء قبائل المهرة : أصالة التاريخ وخصوصية الثقافة
يناقش هذا المقال أسماء قبائل المهرة ، وتعد محافظة المهرة في أقصى جنوب شرق اليمن، والمحاذية لسلطنة عُمان، موطنًا لقبائل عريقة ذات تاريخ طويل ولغة مميزة. تشتهر المهرة بتركيبتها القبلية المتنوعة، حيث تسكنها قبائل عديدة، بعضها ذو انتشار واسع وتأثير كبير، بينما يقتصر وجود البعض الآخر على مناطق محددة. هذه القبائل، بجذورها الحميرية ولغتها المهرية الفريدة، تُشكل نسيجًا اجتماعيًا متماسكًا وفعالًا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
أصل قبائل المهرة ونسبها العريق
يقال إن قبائل المهرة تنتسب إلى مَهْرَة بن حَيْدَان من حِمْيَر. وحمير هي إحدى أبرز الدول اليمنية القديمة وأكثرها شهرة في التاريخ. عند الهمداني في “الإكليل”، يُذكر نسبهم على النحو التالي: “مَهْرَة بن حَيْدَان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير”.
يعتقد أن قبائل المهرة تُعد من أقدم القبائل في اليمن والوطن العربي، حيث تنحدر من صلب رجل اسمه (مهري)، وهو أحد أبناء هود بن قحطان الذي سكن منطقة الشحر بعد هلاك قوم عاد، كما جاء في كتاب “المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام”.
أبرز أسماء قبائل المهرة وتجمعاتها
تضم المهرة عددًا كبيرًا من القبائل، تُقدر بحوالي 37 قبيلة عريقة لها جذور تاريخية عميقة، وتختلف في قوتها وحضورها وتأثيرها. من أبرز هذه القبائل المعروفة:
- بيت صموده: من كبار القبائل المهرية، يمتد وجودها في مناطق واسعة بالمهرة.
- بيت كلشات: تُعتبر من أكبر القبائل المهرية، وتُشير بعض المصادر إلى اعتماد السعودية عليها في المهرة، وتتواجد في مديريتي الغيضة وحصوين.
- بيت قمصيت: من القبائل البارزة.
- بيت زياد.
- بيت زعبنوت.
- بيت الحريزي.
- بيت محامد.
- بيت مسمار.
- بيت عرشي.
- بيت العقيد.
- بيت ثوعار.
- بيت مقفيق.
- بيت يسهول.
- بيت الجدحي.
- بالإضافة إلى هذه القبائل الكبرى، توجد العديد من القبائل الصغيرة الأخرى التي تُساهم في تكوين المجتمع المهري.
التجمعات القبلية الرئيسية:
يُقسم كتاب “المهرة، إنسانًا وتاريخًا وتضاريسًا” لمحمد سالم الحداد قبائل المهرة إلى ثلاثة تجمعات رئيسية:
- تجمع الشراوح أو الشريحي: وينقسم إلى ثلاثة أحلاف:
- أبوقي بن أحميد: ويضم قبائل كلشات، صموده، وثوعار.
- جسوس بن أحمد: ويضم قبائل يسهول، مغفيق، وقمصيت.
- قبائل متقاربة نسبيًا: الجدحي، سعتين، ونيمر.
- تجمع بن شحيح أو الشحشحي: ويضم قبائل الزويدي، زعبنوت، الحريزي، محامد، عرشي، عقيد، ومسمار.
- تجمع بن صار: وينقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: بيت أحميد، قبيلة كدة، رعفيت، ومهومد.
- القسم الثاني: قبائل السليمي، المجيبي، حيدرة، وغشواق.
بالإضافة إلى هذه الأحلاف، توجد بعض القبائل المهرية التي تقع خارج هذه التجمعات، مثل: بلحاف، القميري، بن ساهل، العوبثاني، صرفيت الهذيلي، الكثيري، والمناهيل. كما تتواجد قبائل السادة مثل: آل حفيظ، آل السيد حميد، آل باعبود، وآل باعمر، وقبائل السمر.
اللغة المهرية: إرث سامي فريد
يمتلك المهريون لغتهم الخاصة بهم، وهي لغة سامية قديمة لا يشاركهم فيها أحد بشكل كامل. تُعد هذه اللغة على صلة بلغات سامية جنوبية أخرى مجاورة مثل اللغة الشحرية والسقطرية. يمتد تاريخ اللغة المهرية إلى أزمنة بعيدة، وقد جاء ذكرهم ولغتهم في عدد من الكتابات السبئية بخط المسند.
مواضيع ذات صلة : أحلاف قبائل المهرة والتركيبة القبلية في المحافظة
التركيبة السكانية والخصائص الجينية
تُعد محافظة المهرة ثاني أكبر المحافظات اليمنية بعد حضرموت من حيث المساحة (82,405 كم2)، ولكنها تُصنف ضمن أقل المحافظات سكانًا، حيث يُقدر عدد سكانها بحوالي 0.5% من إجمالي سكان اليمن. تُظهر التحليلات الجينية أن معظم سكان سقطرى وبعض أحفاد المهرة ينتمون إلى مجموعة هابلوغروب J (Y-DNA)، بينما تظهر مجموعة هابلوغروب N القاعدية (Maternal) بأعلى تردداتها في الجزيرة، مما يُشير إلى خصوصية جينية فريدة.
المهرة: سلطنة مستقلة ودور قبلي في احتواء الصراعات
تاريخيًا، كانت المهرة كيانًا منفصلًا. فقد تشكلت سلطنة المهرة، التي ضمت المهرة الحديثة وأرخبيل سقطرى، في أوائل القرن السادس عشر (1432م). على الرغم من نمط الإدارة القبلية التقليدية، نعمت السلطنة باستقلال كامل أو جزئي لخمسة قرون، ونجحت في الحفاظ على استقلالها الذاتي حتى عام 1967م، عندما فُصلت سقطرى عنها ودُمجت في محافظة حضرموت، قبل أن يتم توحيد المهرة مع بقية محافظات اليمن لتُشكل الجمهورية الحديثة في مايو 1990م.
مدوّنة السلوك المهرية: نموذج للحوكمة القبلية
تتميز قبائل المهرة بـصلابة النسيج الاجتماعي الذي يربط أبناءها، ولا يمكن تفكيكه. يؤكد عرفات المهري (أحد سكان المحافظة) أن القبائل المهرية تقف صفًا واحدًا لنصرة أي فرد يُعتدى عليه، وفي حال الحكم القبلي، إذا لم يستطع المحكوم عليه إيفاء الغرامة، تقوم القبائل الأخرى بتوفيتها. هذا التماسك يُعد أحد أهم ما يميز قبائل المهرة.
أوضحت دراسة أحمد ناجي (2020م) بعنوان “النموذج القبلي في شرق اليمن لاحتواء النزاعات” أن قبائل المهرة تلتزمت بـمدوّنة سلوك صارمة في الحوكمة القبلية للوساطة في النزاعات واحتواء الصراعات، مما منح المحافظة قدرًا كبيرًا من الاستقرار النسبي حتى في ظل الظروف الراهنة التي فقدت فيها معظم المحافظات اليمنية استقرارها.
تستند مدوّنة السلوك المهرية على خمسة تقاليد قبلية رئيسية متعلقة بإدارة الصراع:
- التضامن العابر للقبائل: المهريون يقفون صفًا واحدًا ضد الغريب، بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية.
- حرمة الدم: الانقسامات بين القبائل لا تُبرر الانجرار إلى الفتنة، وارتكاب أعمال عنف بين أبناء جلدتهم يُعد من المحرمات.
- رمزية حمل السلاح: حمل السلاح لا يعني بالضرورة استخدامه في النزاعات الداخلية، بل قد يُستخدم لاستعراض القوة أو الردع.
- عبء المصالحة على المنتصر: في حال نشوب نزاع مسلح، لا تذهب الغنائم للطرف المنتصر، بل يقع عليه عبء تحقيق المصالحة بتقديم تعويضات مالية للخصم المهزوم.
- التوسط السريع والمباشر: ينجح التوسط الفوري من قبل مشايخ القبائل في الثني عن أعمال العنف أو تضييق نطاقها، مما يساعد على حل النزاعات قبل تفاقمها.
ختاماً : كان هذا هو عرض موجز عن أسماء قبائل المهرة في محافظة المهرة شرق اليمن.
