أفخاذ عشيرة الدليم قصة قبيلة حكمت غرب الفرات

يتناول هذا المقال أفخاذ عشيرة الدليم العريقة، إحدى أقوى قبائل العراق، والتي استوطنت غرب نهر الفرات وشكلت تاريخ محافظة الأنبار. نتعمق في أصولها وفروعها وعشائرها المتحالفة، مرورًا بتحولاتها من حياة البداوة إلى الاستقرار، ونفوذ شيوخها في مختلف المراحل التاريخية. كما نسلط الضوء على انتشارها في مناطق واسعة من العراق وسوريا، وعلاقاتها بالقبائل الأخرى
الأصول والجذور: نسب قبيلة الدليم وامتدادها الجغرافي
في البدء، لنتتبع سلالة قبيلة الدليم، تلك العشيرة العربية الأصيلة التي ضربت بجذورها عميقًا في أرض العراق. علاوة على ذلك، يرجع نسب الدليم إلى جاسم بن دليم (ثامر) بن حسين بن مكتوم بن محجوب بن بهيج بن ذبيان الزبيدي. بشكل خاص، تجدر الإشارة إلى أن البوشعيب في البوفهد ينتسبون إلى البوسرايا من الأسلم الطائية من حلف شمر. من جهة أخرى، انتشرت هذه القبيلة القوية في مناطق واسعة، فبالإضافة إلى تمركزها الرئيسي في أعالي وغرب الفرات بالعراق، تواجدت في محافظات الأنبار وبغداد وبابل وواسط وصلاح الدين وديالى ونينوى. ليس هذا فحسب، بل امتد نفوذها إلى البوكمال والرقة وحلب في سوريا. بالمثل، كانت محافظة الأنبار تُعرف باسمهم قبل ثورة تموز 1968، مما يدل على ثقلهم التاريخي والاجتماعي في المنطقة.
نظرة المستشرق: شهادة ماكس فون أوبنهايم على قوة الدليم ونفوذها
في سياق متصل، يقدم المستشرق الألماني ماكس فون أوبنهايم شهادة قيمة عن قبيلة الدليم. إذ يرى أن الدليم كانت القبيلة الأقوى بين قبائل زبيد الثلاث، بل والأكثر من ذلك، يعتبرها الأقوى في القسم الجنوبي من الجزيرة العربية. وعلى صعيد آخر، يوضح أوبنهايم أن ربع أعضاء الدليم كانوا يعيشون كبدو رحل، بينما استقر الباقون وامتهنوا الزراعة. وعلى هذا الأساس، كان هناك تمييز بين الدليم البدو والدليم الفلاحيين. الأهم من ذلك، كانت الرمادي على نهر الفرات بمثابة المستقر الرئيسي للقبيلة. ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن الدليم سكنوا في الأصل قرب القائم، لكن نتيجة حروبهم مع العقيدات في القرن الثامن عشر، اضطروا للهجرة شرقًا حتى وصلوا إلى الفلوجة.
مواضيع ذات صلة:
عشائر بني لام: السلالة الطائية العريقة من حائل إلى العراق
قبيلة شمر الأسلم: التاريخ والنفوذ في جبل شمر والعراق
قبيلة العبيد : تقرير شامل حول التاريخ، الأصول، والانتشار الجغرافي
التركيبة العشائرية: من أربعة فروع رئيسية إلى تحالفات واسعة
في الأصل، كانت أفخاذ عشيرة الدليم تتكون من أربع عشائر رئيسية، وهي بالتحديد: البوعلوان، البوفهد، والبورديني، والمحامدة. لاحقًا، انضمت إلى هذا الاتحاد عشيرتا البوعيسى والجميلة، اللتان كانتا تسكنان جنوب الفلوجة. ويُعد هذا التغير الوحيد الذي طرأ على تركيبة القبيلة. تجدر الملاحظة، مع ذلك، أن أعداد البورديني زادت منذ ذلك الحين بشكل كبير بالمقارنة مع العشائر الأخرى، مما جعلها تتخطى إطارها كعشيرة بالمعنى التقليدي. علاوة على ذلك، مارس البوذياب حردان العيثة ومطلق الشاوس سلطتهما على الضفة اليسرى من النهر، بينما حكم علي بن سليمان البكر من البوعساف الضفة اليمنى. الجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة ينتمون جميعًا إلى البورديني.
نمط الحياة والاقتصاد: بين ضفاف الفرات وصحراء سوريا
بالنسبة للدليم المستقرين، فقد سكنوا ضفتي نهر الفرات بين هيت والفلوجة، وامتد نشاطهم الاقتصادي ليشمل بيع منتجاتهم الزراعية في هيت وبغداد والمدن الشامية. في المقابل، كان الدليم البدو الرحل يعتمدون في الغالب على تربية الأغنام. وقد اتسعت مناطق سكناهم وملكيتهم بشكل كبير بعد خروج قبيلة العبيد من الجزيرة حوالي عام 1815م. إذ بدأت مناطقهم من عانة وتجاوزت في الشرق خط سامراء-الفلوجة، ووصلت في الشمال إلى المناطق الحضرية. وفي فصل الربيع، كان الدليم الرحل يخيمون في الصحراء السورية أيضًا. على الرغم من ذلك، كانت هناك عداوة بين الدليم وشمر التي تجتاز منطقة الجزيرة في الربيع والخريف، لكن في المقابل، كانت هناك تحالفات مع العمارت من عنزة الذين كان لهم حق الرعي في مناطقهم.
النفوذ والقيادة: شيوخ الدليم في مواجهة التحديات
فيما يتعلق بالقيادة، حكم الدليم الشيخ علي بن سليمان البكر، الذي يُعتبر أعظم شيوخ الدليم نفوذًا منذ فترة ما قبل الحرب. وعلى عكس والده، حرص على عدم تحدي السلطات أيًا كانت. بينما انفرد الشيخ حردان العيثة بإثارة المتاعب في وجه الإنجليز. أما نجرس بن كعود شيخ البونمر، فقد بقي داعمًا ومواليًا للأتراك العثمانيين حتى نهاية الحرب، على الرغم من أنه كان ألد أعدائهم في الماضي. إجمالًا، لعب شيوخ الدليم أدوارًا محورية في تاريخ القبيلة وعلاقاتها مع القوى المختلفة.
مواضيع ذات صلة:
رمز قبيلة شمر : رمز العراقة وقوة النفوذ
الفروع الرئيسية والعشائر المنضوية تحت لوائها
تنقسم أفخاذ عشيرة الدليم بشكل أساسي إلى فرعين رئيسيين هما آل بورديني والمحامدة. وبالنظر إلى التعداد، تكاد تنحصر عشائر الدليم فيما يلي:
- البورديني: البوعساف، البوخليفة، البومرعي، البوهزيم، البوفراج، البوعلي الجاسم، البوجابر، البوعبيد، ألبوريشة، البوذياب، البوعيثه، البو نمر، البوسودة، البومحل، البوجليب، البوغانم، البوبالي، الملاحمة، الكرابلة، الحلابسة.
- المحامدة: الجريسات، الفلاحات، السلمان، البو خميس، البوعزام، البو سليم، البوخالد، البوشهاب، المصالحة، البوعلوان، البوفهد. يُقدر عدد عشائر المحامدة بنحو 18 عشيرة، تشمل (الشيحه، الجريسات، الفلاحات، السلمان، الرعود، المصالحة، البوعزام، البوشهاب، البوذياب، البوذويب، آل طعمة، الجحاليون (الكحلي)، البو كريفع، الملك، البوعكاش الخضر، البوخميس، دليم الخضر).
العشائر المتحالفة: شبكة العلاقات القبلية في الأنبار
إضافة إلى ذلك، هناك عدد من العشائر المتحالفة مع الدليم في منطقة الأنبار، ومن أبرزها: الجميلة، البوعيسي، زوبع، عنزة، الغرير، البوشعبان، العكيدات، الجبور، العبيد، الجنابيين، المعاضيد، الانباريين، الكبيسات، المساره. تعكس هذه التحالفات أهمية قبيلة الدليم ودورها في النسيج الاجتماعي والقبلي للمنطقة.
الدليم في كتب الأنساب والتاريخ: شهادات المؤرخين والباحثين
كما ورد في كتاب “عشائر العرب” للبسام، ينقسم الدليم وهم غربي الفرات إلى أربع فرق رئيسية: آل بو رديني، آل بو فهد، آل بو علوان، والمحامدة (مع تصحيحها إلى المحامدة). وقد ذكرت مصادر تاريخية أخرى وقائعهم المهمة خلال فترات الاحتلال في تاريخ العراق. وفي هذا السياق، يؤكد الموثقون للأنساب على أصالة هذه العشيرة العربية الكريمة.
أفخاذ وعشائر الدليم بتفصيل أوسع: تفرعات الأنساب والقيادات
للتوضيح بشكل أكبر، تتفرع أفخاذ عشيرة الدليم إلى العديد من الأفخاذ والعشائر. فعلى سبيل المثال، ينتمي البو عساف إلى سبت بن الفرز ثامر حسن الجتام الزبيدي، وهم بيت الرئاسة للدليم ويتفرعون إلى عدة فروع. وبالمثل، يتفرع البو خليفة والبو مرعي إلى فروع أخرى ولكل منها قياداتها. وينطبق الأمر نفسه على البو عيثة والبو ذياب والبو هزيم. أما قبيلة الدليم خلفة الجمعة، فتتكون من ثلاث عشائر مهمة هي آل فتله في مناطق مختلفة. وبالنسبة لقبيلة الدليم خلفة الخميس، فتعد من أوسع وأبرز قبائل الدليم ولها تفرعات عديدة. كما توجد قبائل الدليم آل فتله في مناطق المنهاوية والهندية ولها أيضًا تفرعاتها وقياداتها. ولا ننسى قبيلة الكرابل التي ترجع بنسبها إلى عشائر الدليم العريقة.
ملاحظات هامة حول الأنساب والقيادات: اختلافات في المصادر
من الضروري الإشارة إلى بعض الاختلافات في المصادر حول أنساب بعض أفخاذ عشيرة الدليم . فعلى سبيل المثال، يُقال أن علي السليمان هم من البو فهد وينتمون إلى شمر عبدة الضياغم وليس من زبيد. وبالمثل، يُذكر أن آل فرعون المشخاب هم من الشحمان وليس من آل فتلة، لكنهم شيوخ آل فتلة في المشخاب نظرًا لامتلاكهم الأراضي حاليًا. أما شيوخ البو هدلة المهناوية (آل عبادي)، فيرجعون إلى عشيرة الغزالات، وقد جعلهم امتلاكهم للأرض شيوخًا لآل فتلة في المهناوية، وذلك حسب ما ورد في مصدر القزويني “عشائر الفراق الأوسط” عام 1900. تُظهر هذه الملاحظات أهمية التدقيق في المصادر عند تتبع الأنساب القبلية.