رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك يقدم استقالته ويوضح إنجاز حكومته

عدن/الرياض – خاص:
في تطور مفاجئ يُعمّق الأزمة السياسية في اليمن، قدّم رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك استقالته رسميًا اليوم السبت، مُعلنًا “انتهاء مهامه” عبر بيان مقتضب نشره على حساباته الرسمية، وذلك بعد أشهر من التوترات الحادة داخل أروقة الحكومة اليمنية، وضغوط متصاعدة من كبار الوزراء المطالبين بإقالته، في خطوة تُرجّح تفاقم الأزمة الاقتصادية والأمنية بالبلاد.
استقالة في ظل عاصفة سياسية: خلفيات الصراع
جاءت الاستقالة بعد توقيع 18 وزيرًا – من أصل 24 – على مذكرة تطالب بإقالة بن مبارك، في تصويت غير معلن يعكس انقسامات عميقة داخل مجلس الوزراء، وخلافات مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، خاصة حول صلاحيات رئيس الحكومة وطريقة إدارة الملفات الاقتصادية والأمنية. وبحسب مصادر مُطلعة، فإن الخلافات تفجرت بعد رفض بن مبارك التنازل عن صلاحياته الدستورية لصالح مجلس القيادة، ما عرقل – وفق مراقبين – خطط إصلاح مؤسسات الدولة.
مذكرة الاستقالة: إنجازات مُعلنة وإخفاقات مُضمرة
في وثيقة الاستقالة التي اطّلعت عليها مصادرنا، برّر بن مبارك خطوته بـ”الحفاظ على وحدة مكونات الدولة”، مُستعرضًا أبرز إنجازاته خلال عامٍ ونصف في المنصب، ومنها:
- خفض فاتورة وقود الكهرباء بنسبة قياسية وفرت 133.5 مليون دولار خلال عام.
- ترشيد الإنفاق الحكومي عبر سياسات صارمة وفرت مليارات الريالات، وفق تصريحه.
- إطلاق خمسة مسارات إصلاحية شملت الاقتصاد والأمن والخدمات.
لكن الوثيقة كشفت أيضًا عن مطالب مُعلّقة، منها فشله في إجراء “تعديل حكومي” يواكب الأزمات، وعدم تمكينه من اتخاذ قرارات إصلاحية بسبب “تقييد الصلاحيات”، في إشارة إلى تدخلات خارج إطار اختصاصه.
خلف الكواليس: ماذا لم يُعلن؟
- الهروب إلى الرياض: غادر بن مبارك العاصمة المؤقتة عدن قبل 48 ساعة من إعلان الاستقالة متوجهًا إلى الرياض، وسط تكهنات عن محاولات سعودية لاحتواء الأزمة، لا سيما مع علاقته الوثيقة بالقيادة السعودية خلال فترة عمله السابق كوزير للخارجية.
- احتجاجات شعبية غاضبة: تُزامن الاستقالة مع تصاعد الاحتجاجات في محافظات الجنوب بسبب انهيار الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار، ما يُنذر بموجة غضب قد تطيح بالمزيد من الرموز الحكومية.
- صراع النفوذ الإقليمي: تشير تحليلات إلى أن الاستقالة قد تكون جزءًا من صراع أوسع بين أطراف إقليمية ودولية حول إدارة الملف اليمني، خاصة مع اقتراب مفاوضات السلام المُزمع عقدها في عُمان.
مَن يخلف بن مبارك؟
رغم عدم الإعلان الرسمي عن قبول الاستقالة، تُشير معلومات حصرية إلى أن سالم بن بريك – وزير المالية الحالي – يُعتبر المرشح الأبرز لتولي المنصب، نظرًا لعلاقته الجيدة مع مجلس القيادة الرئاسي، وقدرته على إدارة الملف الاقتصادي المتأزم، لكنّ تعيينه قد يُعيد إنتاج الأزمات ذاتها بسبب انحيازه لسياسات التقشف.
تداعيات الاستقالة: سيناريوهات مرعبة
يُحذّر خبراء من أن الفراغ السياسي الناتج عن الاستقالة قد يؤدي إلى:
- انهيار العملة المحلية بشكل غير مسبوق، بعد أن فقد الريال اليمني 80% من قيمته خلال عام.
- تصاعد المواجهات العسكرية بين الفصائل المُتنافسة على السلطة في عدن والمناطق المجاورة.
- تأجيل خطط إعادة الإعمار وتباطؤ الجهود الدولية لإنقاذ الاقتصاد اليمني.
خاتمة: استقالة تُلخّص مأزق الدولة
لا تُعتبر استقالة بن مبارك مجرد تغيير في المناصب، بل مؤشرٌ على فشل المشروع السياسي برمته في اليمن، حيث تتحكّم التحالفات القبلية والصراعات الخارجية بمصير الشعب، بينما تبقى الحلول الاقتصادية والإصلاحات رهينة صراعات النفوذ. والآن، ينتظر اليمنيون – الذين أنهكهم الحرب – فصلًا جديدًا من الأزمات، أو فرصةً للخلاص قد لا تأتي.