قبيلة جذام واحدة من القبائل العربية العريقة التي لعبت دورًا بارزًا في تاريخ الجزيرة العربية والمناطق المحيطة بها. تختلف الروايات حول نسبها، فبعض المؤرخين ينسبونها إلى مضر، بينما يرى آخرون أنها تعود إلى سبأ. وتنقسم القبائل العدنانية إلى قسمين رئيسيين: ربيعة ومضر. ومن أشهر قبائل ربيعة نجد عنزة ونمر ووائل وبكر وتغلب، بينما تشمل قبائل مضر قيسًا وتميمًا وضبة وهذيل وكنانة وقريش وعبس وذبيان وغيرها.
شجرة نسب قبيلة جذام
تعود أصول هذه القبيلة إلى جذام بن عدي بن الحارث بن مرة بن كهلان. وجذام هو لقب لعمرو بن عدي، الذي هو أخًا لعاملة ولخم. ومع مرور الزمن، استطاعت قبيلة جذام أن تحتوي القبيلتين المذكورتين (عاملة ولخم) في القرن الأول للهجرة، مما وسع نفوذها وقوتها.
قبيلة وعشائر جذام في اليمن
هاجرت جذام إلى اليمن واستقرت هناك، حيث حظيت بمكانة سياسية مرموقة خاصة في العهد الأموي. كانت منازلهم تمتد بين عمان ومعان وأذرح ومدين وغزة، واعتمدوا في معيشتهم على التجارة بين الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر. وقد ساهم موقعهم الجغرافي في تعزيز علاقاتهم التجارية والثقافية مع هذه المناطق.
مواضيع ذات صلة: قبيلة بنو الحكم
انتشرت المسيحية بين افراد وعشائر جذام في وقت مبكر بسبب اتصالهم المستمر ببلاد الشام ومصر، مما جعلهم من أوائل القبائل التي وقفت إلى جانب الروم في صراعاتهم ضد عرب الشام. ومع ذلك، بعد انتصار العرب في معركة اليرموك، انقلبت موازين القوى، فانحازت جذام إلى جانب العرب وساهمت بشكل فعال في فتح بلاد الشام.
ما قاله الرسول عن قبيلة جذام
ورد في الحديث النبوي ما يشير إلى قبيلة جذام، حيث جاء عن ابن هبيرة عن علقمة بن وعلة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن سبأ: “أبلد هو أم رجل أم امرأة؟” فأجاب: “بل هو رجل ولد له عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، والشام أربعة. أما اليمانيون، فكندة ومذحج والأزد وأنمار وحمير والأشعريون. وأما الشاميون فلخم وجذام وغسان وعاملة.” أخرجه الحاكم في المستدرك. هذا الحديث يؤكد مكانة قبيلة جذام بين القبائل العربية الكبرى.
هل جذام من عدنان؟
بحسب النسب الوارد في كتب الأنساب، فإن قبيلة جذام لا تعود إلى عدنان، بل هي من قبائل قحطان. وجذام هو ابن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، مما يعني أنها تنتمي إلى الفرع القحطاني وليس العدناني.
أبناء جذام وتفرعاتهم
تفرعت قبيلة جذام إلى عدة فروع، أشهرها حرام وحشم. ومن بني حشم بن جذام نجد بنو عتيب بن أسلم بن خالد بن شنوءة بن تديل بن حشم بن جذام، الذين ينسبون إلى بني شيبان. أما بنو حرام بن جذام، فيشملون غطفان وأفصي، ابني سعد بن إياس بن حرام. ومنهم من يقول إن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان هو من هذه الفروع.
مواضيع ذات صلة: قبيلة عسير وعشائرها القبلية
ومن بني حرام بن جذام أيضًا بنو سعد، الذين يشكلون عشائر كثيرة منتشرة في مصر، مثل بنو فضل والسلاحمة وبرشاش وجوشن وعدلان وفزارة. وقد لعب بعض أفراد هذه العشائر أدوارًا مهمة في التاريخ، مثل شاور وزير العاضد الفاطمي، الذي تنسب إليه عائلة أولاد شاور.
جذام في مصر
انتشرت فروع قبيلة جذام في مصر، حيث أسسوا مجتمعات قوية في مناطق مثل الشرقية والدقهلية. ومن أشهر عشائرهم في مصر بنو حرام، الذين كانوا مسؤولين عن درك الحاج إلى العقبة. كما برزت عشائر أخرى مثل بنو محرمة والشواكر، الذين لعبوا أدوارًا مهمة في خدمة الحجاج منذ عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي.
إرث قبيلة جذام
تُعتبر جذام من القبائل التي تركت إرثًا تاريخيًا وثقافيًا كبيرًا في المنطقة العربية. من خلال مشاركتهم في الفتوحات الإسلامية ودورهم في التجارة والعلاقات السياسية، استطاعت جذام أن تترك بصمة واضحة في تاريخ العرب. كما أن تفرعاتهم الكثيرة وتوزعهم الجغرافي الواسع جعل منهم قوة اجتماعية وسياسية لا يُستهان بها.
في الختام، تُعد قبيلة جذام نموذجًا للقبائل العربية التي نجحت في الحفاظ على هويتها وتاريخها رغم التحديات التي واجهتها عبر القرون. إن دراسة تاريخ هذه القبيلة لا تكشف فقط عن تفاصيل أنسابها، بل أيضًا عن الدور الكبير الذي لعبته في تشكيل التاريخ العربي والإسلامي.
يمكن الاطلاع على الفيديو هذا لمعرفة المزيد عن قبيلة جذام
مواضيع ذات صلة:
