ينابيع

سلطان العراده الحارس الاخير للجمهورية على أسوار مأرب

عارف علي العمري

الحديث عن ملوك سبأ وارض بلقيس حديث ذو شجون يتشعب الحديث عن تلك الملوك التي تضرب بتاريخها في اشعاب الزمن ، ويتوارث ابنائها قيم الشجاعة وابجديات الكرامة، ويتحدون الطبيعة فيطوعونها لارادتهم ويحولونها الي جنان من النعيم يتفيأ المسافر ظلالها ويقطف المقيم ثمارها.
طيلة نصف قرن ظلت بلاد سبأ ومهد الحضارة مسلوبة من كل ابجديات الحياة المدنية بفعل سياسات النظم المتعاقبة في حقبتي الملكية والجمهورية، الا ان تلك النظم الحاكمة لم تستطيع ان تسلب مأرب وملوكها ارادتهم القوية وروحهم المتحررة من قيود العبودية وبراثن التبعية والخنوع ، فظلت مارب وابنائها رافعي الرؤس أمام بطش القوة، يعانقون السماء عزة وانفه، ويطاولون بهاماتهم الثريا صمودا وتضحية وفدا.
وبمجرد وقفه سريعة علي تاريخ بعض ابنائها الذين كان قدرهم ان يعاصروا نظم الكهنوت وادعياء الحق الالاهي نري كيف كان لابناء مارب دور في مواجهة مخلفات الامامة التي اهلكت الحرث والنسل وزرعت بذور التخلف والفقر والجهل ، فيكفي مارب في التحرر من ذلك العهد الموغل في الظلام تاريخ البطل الشهيد علي ناصر القردعي الذي خلده التاريخ في ثنايا صفحاته وطبعت علي قلوب اليمنيين محبته، حتي صار القردعي وثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة صنوان لايفترقان.

ومع ميلاد الجمهورية كان ابناء مأرب هم حراس الجمهورية ودرعها الحصين، وعندما أطلت المليشيات برأسها من جديد أعاد أبناء مأرب ذكريات الأجداد وتسلموا مهمة الدفاع عن الجمهورية وقيم الكرامة والتحرر.
والحديث عن ملك سبأ ودرع الجمهورية الشيخ سلطان بن علي العراده حديث ذو شجون لقائد عظيم امتلك عقلية جمعت في طياتها اصالة الماضي ومدنية الحاضر، فاستمد من ماضيه الشجاعة والجرأة للصدح بصوت الحق ونصرة المظلوم ومواجهة الاستبداد، ومن الحاضر الانفتاح علي قيم العلم والثقافة والتجديد .
وبرز اللواء سلطان العراده صاحب الموقف الشجاع الذي رفض اغراءات الداخل والخارج لتسليم مأرب للحوثيين، وكان الرجل الاخير الذي انقذ الشرعية من الانهيار الكبير.

لم تسلم مأرب للانقلابيين أمرها كما سلمت الكثير من المحافظات بل وقفت امام غطرسة القوة وبطش الانقلاب ، وحملت علي عاتقها الدفاع عن الجمهورية ، فاعد ملوك سبأ مطارحهم وحزموا امرهم فتحولت صحراء ووادي عبيدة الي بركان من الغضب الهادر وسالت جبال مراد برجال لايهابون الموت او يخشون العداء، وبرز القادة الذين لاحصر لاسمائهم فكان كل واحد منهم أمة في الشجاعة واسطورة في القتال.

وبرز الليث الهمام مأربي الهواء عبيدي الانتماء جبل لا يتزحزح وهامة لاتلين وقناة لاتنكسر فكانت احاديث الركبان ومنشورات الاحرار تتزين بمواقف اللواء سلطان بن علي العراده، فتحطمت علي كبرياءه معاول الانقلاب وتلاشت أمام صموده أوهام الانقلاب، وكان القائد الذي يجمع ولايفرق ويعطي ولايسأل وكانت مهاراته الادارية كفيلة بلملمة الشتات وتوحيد الجهود ومقاربة الاراء وتسوية الصفوف ، فقاد المعارك باقتدار جامعا في ذلك بين عقلية العسكري الحازم والقبيلي الذي يستوعب الجميع ، فثبت السلطان حين ولاء بعض اقرانه من محافظي المحافظات ادبارهم باستثناء الشهيد أحمد باحاج محافظ شبوه، وكانت عقلية ذلك السلطان اكبر بكثير من عقليات دولة كايران ومليشيا كالحوثي ، فكانت مأرب رائدة في البطولة وسباقة في التصدي لمشروع سلالي طائفي يهدف الي سحل الاحرار وتحريف العقيدة وطمس الهوية العربية.
اللواء سلطان العراده عرفناه قائد يضع الخطط والاولويات ويعمل بها، وينتقل بالأهداف ومراحل التنفيذ برشاقة الماهر وقوة المقتدر، ليثبت انه قائدٍ وطني من طينة الكبار، يعشق العمل بصمتٍ في ساحات المجد والخلود، بعيدًا عن الأضواء وضجيج وسائل الإعلام.

تجده ذلك الشجاع الصادق، والمخلص المتفاني، و المقاتل الصلب،  الذي يريد للشعب الخلاص من الكهنوت، وللجمهورية التحرر من اغلال الملكية، ولليمن العودة الى صف العروبة بعيداً عن المشروع الفارسي القائم على أحلام الإمبراطورية الواحدة التي تستعبد البشر وتسرق الكرامة.
لقد ثبت السلطان في معركة مارب وخاض حرباً هوجاء وأدار الهيجاء كما لو كانت أم المعارك الجمهورية وخاتمة ملحمية، خطها بالدم وبالجماجم وبالرجولة وبالتضحيات الكبيرة رجال سطروا فصولاً من البطولة والتضحية والصلابة والولاء والشموخ والتحدي والبذل، أنهكوا جحافل وزحوف الحوثة المتكالبين، على مدى ثمان سنوات، لقد ثبت السلطان المأربي ثبات الجبال يخوض المعركة ضد المليشيات كما لو كان هو آخر حراس الجمهورية على أبواب مأرب.
ووقف العراده موقفاً لا يضاهى مسانداً للدولة والجيش والشرعية وقدم تضحيات جليلة من إخوانه وأقاربه وعشيرته وأحرار مارب.
باختصار فإن اللواء سلطان العراده، هو سارية العلم وقلعة الجمهورية وابنها الأمين.
اليوم مارب في ظل السلطان السبئي تتسع للجميع تلتقي فيها باليمنيين من صعده وحتي المهرة، لا تسمع من ابناء مأرب نغمة المناطقية ولا لهجة العلو بل حالهم ( ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا … نحن الضيوف وانت رب المنزل ) وقدمت نموذجا مشرفا في الامن والتعايش، وأصبحت عاصمة اقليم سبأ الحاضنة الاولي للشرعية وقيادتها العسكرية..
وفي الختام اعتذر لمأرب ولملكها السبئي عضو مجلس الرئاسة الشيخ سلطان العراده، فلم اوفه حقه فقد عدلت عن التفصيل الي الايجاز، وماذكرته ليس الا قطرة في بحر وذرة في رمل.
فسلام علي مأرب وملوكها الابطال ولو كنت مخيرا بالعيش في مكان غير مسقط رأسي ومهبط فؤادي لقلت لمأرب ( هواك اوطاني ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock