أسرة الشيخ مهدي العقربي تدعو للحشد الجماهيري في تشييع “شهيد الغدر” يوم غد الثلاثاء

تتصدر مدينة عدن المشهد اليوم ببالغ الأسى والألم مع إعلان أسرة الشهيد الشيخ مهدي سالم صالح العقربي عن الموعد النهائي لتشييع جثمانه الطاهر، وذلك بعد استكمال الجهات الأمنية الإجراءات الأولية لجمع الاستدلالات والقبض على عدد من المتهمين في جريمة الاغتيال النكراء. وقد دعت الأسرة أبناء الجنوب ورجال القبائل وكل من يؤمن بعدالة قضيته إلى المشاركة الجماهيرية الواسعة في مراسم التشييع التي ستُقام عصر يوم غدٍ الثلاثاء الموافق 21 أكتوبر 2025م.
يُعد هذا التشييع بمثابة بيان وطني وشعبي صريح، وليس مجرد مراسم دفن، حيث ترغب الأسرة والمناصرون في إرسال رسالة مدوية وواضحة إلى كل من خطط أو نفذ أو تستر على جريمة اغتيال الشيخ العقربي بأن دماء الأبرياء لن تُهدر، وأن المجتمع الجنوبي يرفض بقوة كل أشكال الغدر والاغتيالات التي تتنافى مع القيم الإنسانية والدينية والأعراف القبلية الأصيلة. وقد جاء الإعلان ليرسم مشهد الوفاء الأخير لشيخ كان صوتًا للحق وعنوانًا للشرف في زمن تلاطمت فيه أمواج الفتنة والعدوان.
تفاصيل المراسم الأليمة: وداع تحت وطأة الأزمة الإنسانية
لقد جاء قرار تحديد موعد التشييع ليوم غدٍ الثلاثاء مدفوعًا بعامل إنساني عاجل، يكشف عن عمق الأزمة التي تعيشها العاصمة عدن. حيث اضطرت أسرة الشهيد إلى اتخاذ قرار الدفن العاجل نظرًا للانقطاع المتواصل والمزمن للتيار الكهربائي عن المدينة، بما في ذلك الثلاجات الخاصة بحفظ الجثامين في مستشفى الجمهورية. هذا الانقطاع هدد جثمان الشهيد بالتلف، مما استدعى تحديد الموعد بشكل فوري وعاجل لضمان دفن الجثمان الطاهر بكرامة واحترام، بعيدًا عن أي تعرض محتمل للضرر نتيجة الأوضاع المتردية.
مكان وتوقيت الصلاة والدف
- الموعد: عصر يوم غدٍ الثلاثاء الموافق 21 / 10 / 2025م.
- الصلاة: سيُصلى على جثمان الشهيد المغدور به في مسجد سوق بئر أحمد القديم.
- الدفن: سيوارى جثمانه الثرى في مقبرة بئر أحمد الرئيسية.
تأتي هذه المراسم كفصل ختامي لحياة حافلة بالعطاء والنضال للشيخ العقربي، لكنها تفتح فصلًا جديدًا في قضية القصاص والعدالة، حيث تُوجّه أنظار الجنوبيين جميعًا نحو هذه الجنازة التي يُتوقع أن تكون حاشدة ورمزية بامتياز.
العدالة في الميدان: تأكيد على المتابعة الأمنية والقضائية
أشار بيان أسرة الشهيد إلى أن الإعلان عن موعد الدفن يأتي بعد استكمال الإجراءات الأساسية التي قامت بها إدارة أمن عدن في إطار جمع الاستدلالات والتحقيق في ملابسات الجريمة. هذه الإجراءات شملت القبض على مجموعة من المتهمين الضالعين في عملية الاغتيال، وهو ما يعكس جدية الجهود الأمنية في ملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة.
ومع ذلك، لم يُغفل البيان الإشارة إلى وجود متهم هارب، حيث أكدت الأسرة أنه تم تحرير أوامر قبض بحقه، مشددة على ضرورة استمرار الملاحقة الأمنية والضغط الشعبي حتى يتم القبض على المتهم الفار وكشف كل خيوط الجريمة وملابساتها بشكل كامل وشفاف. هذا التأكيد يمثل رسالة دعم للجهود الأمنية من جهة، ومطالبة صارمة بعدم التهاون أو التباطؤ في الوصول إلى العدالة الكاملة والناجزة من جهة أخرى. إن قضية الشيخ العقربي لم تعد مجرد جريمة جنائية، بل أصبحت قضية رأي عام، تُقاس بها مدى قوة وإرادة السلطة الأمنية في إنفاذ القانون وحماية أرواح وكرامة المواطنين. إن كل تأخير في إتمام الإجراءات أو تستر على الفاعلين سيُفهم على أنه تواطؤ يُقوض الثقة في منظومة العدالة بأكملها.
دعوة الحشد: رسالة الوفاء والرفض للغدر
وجهت أسرة الشيخ مهدي العقربي نداءً حارًا وصريحًا لكافة شرائح المجتمع للمشاركة الفاعلة والكبيرة في التشييع. لم تكن الدعوة مقتصرة على الأهل والأقارب، بل شملت أبناء الجنوب كافة، ومحبي الشهيد، ورجال القبائل، والنشطاء المدنيين والحقوقيين، وكل من يؤمن بعدالة قضيته.
إن الهدف من هذا الحشد يتجاوز مفهوم العزاء والحداد؛ إنه يهدف إلى تحقيق غرضين أساسيين: - الوفاء للشهيد: تذكيرًا بتضحياته ودوره في المجتمع، وتأكيدًا على أن ذكراه وفعله سيبقيان محفورين في ذاكرة الأجيال.
- إرسال رسالة حاسمة: التأكيد على أن “دماء الأبرياء لن تُهدر”. هذه الرسالة موجهة بوضوح إلى القتلة ومن يتستر عليهم، مفادها أن الغدر والعدوان هما فعل دخيل على ثقافة وقيم المجتمع الجنوبي، الذي يتميز بالشرف والتآزر والرفض المطلق لكل ما يتنافى مع قيم الدين والأعراف والإنسانية.
إن هذه المشاركة الواسعة المتوقعة ستكون بمثابة استفتاء شعبي يجدد رفض الاغتيالات السياسية والأمنية، ويؤكد على ضرورة تطهير عدن من بؤر الفوضى والعصابات الإجرامية التي تستهدف رموزها وقادتها. الحضور الجماهيري هو صوت الحق الذي لا يمكن إخماده، والدرع الواقي الذي يحمي الأفراد من التعدي الجبان على حياتهم.
الشيخ مهدي العقربي: أيقونة العطاء والقضية التي لا تموت
كان الشيخ مهدي سالم صالح العقربي، رحمه الله، واحدًا من الرموز التي تمثل صوت القبيلة الحكيم والواعي، والمدافع الشرس عن الحقوق المدنية والقضايا الوطنية. وقد جاء اغتياله ليمثل محاولة لكسر شوكة المجتمع وإسكات صوت الحق والاعتدال. إن الذاكرة الشعبية للشيخ العقربي، الذي عُرف بمواقفه الصلبة ضد الفساد والتجاوزات، ستتحول إلى شعلة تُضيء طريق المطالبة بالقصاص.
إن دماء الشيخ الشهيد، التي سالت ظلمًا وعدوانًا، لن تذهب سدى. فبدل أن تُسكت هذه الجريمة الأصوات، أشعلت شرارة الغضب وألهبت العزيمة لدى أهله ومحبيه، ليزداد تمسكهم بضرورة محاسبة الجناة ومن يقف وراءهم، دون استثناء أو تسويف. وقد اختتمت الأسرة بيانها بالدعاء الصادق للشهيد، سائلة المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يجعل دمه الطاهر “لعنة على القتلة حتى يوم الدين”، مقتبسة آية القصاص من كتاب الله العظيم:
﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 93)
إن هذا التأبين الرسمي والشعبي هو تعهد ضمني بضرورة العمل على بناء مجتمع تسوده العدالة والأمن، ويُحاسب فيه المجرم دون محاباة، حتى تعود عدن إلى مكانتها كعاصمة للأمن والنظام، بعيدًا عن ثقافة الغدر والاغتيالات الجبانة. هذه هي رسالة الجنازة التي تتجهز عدن لاستقبالها غدًا، رسالة رفض تام للعيش في ظل الخوف والتهديد.