محمد أحمد الطالبي
في التاريخ اليمني الحديث، يقف يوم 21 سبتمبر 2014 كعلامة فارقة، يوم انقلبت فيه جماعة الحوثي المسلحة على التوافق الوطني، وسيطرت بالقوة على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة. لم يكن ذلك مجرد حدث عابر، بل لحظة فاصلة دشّنت مرحلة من الفوضى والانهيار الشامل، ما زالت تداعياتها تعصف بالبلاد حتى اليوم.
خلفيات وتقاطعات
لم يأتِ الانقلاب الحوثي بمعزل عن حسابات داخلية وخارجية. فقد استثمرت أطراف إقليمية ودولية حالة الاضطراب السياسي بعد 2011، كما تلاقت مصالح قوى يمنية ناقمة على خصومها، ففتحت الباب أمام المليشيا لتتمدد. لكن الثمن كان باهظًا: انهيار الدولة وتفكك مؤسساتها، ودخول اليمن في أتون حرب لا تنتهي.
تداعيات كارثية
- تفكك الدولة: تحولت مؤسساتها إلى أدوات بيد المليشيا، وتراجعت سلطة القانون لصالح سلطة السلاح.
- الأزمة الإنسانية: ملايين اليمنيين بين قتيل وجريح ونازح، فيما صار نصف السكان بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.
- لاقتصاد المنهار: موارد الدولة تحولت إلى غنائم تُجبى بالقوة، والقطاع الخاص أُنهك بالابتزاز والضرائب غير المشروعة.
٠ لمجتمع المقهور: قمع للحريات، عسكرة للحياة العامة، وتوظيف للتعليم والإعلام في خدمة مشروع طائفي مغلق.
طبيعة المشروع الحوثي
أثبتت تجربة السنوات الماضية أن جماعة الحوثي ليست حركة سياسية بالمعنى التقليدي، بل مليشيا عائلية طائفية تتغذى على الصراع وتستمد بقاءها من استمرار الحرب. خطابها يرفع شعارات كبرى، لكنه في الجوهر يقوم على النهب والجباية، وتعزيز سلطة ضيقة على حساب المصلحة الوطنية.
دلالات 21 سبتمبر
أصبح هذا اليوم في الوعي الجمعي لليمنيين مرادفًا للنكبة. فهو لم يفتح الباب فقط أمام حرب مدمرة، بل مثّل انقطاعًا لمسار الدولة المدنية التي كانت قيد التشكل بعد مؤتمر الحوار الوطني. واليمن اليوم ما يزال أسيرًا لتداعيات ذلك الحدث، من انهيار مؤسسات الدولة إلى تمزق النسيج الاجتماعي، ومن الفقر والجوع إلى الهجرة والنزوح.
الخلاصة
21 سبتمبر ليس مجرد ذكرى انقلاب، بل جذر الأزمة اليمنية الراهنة. إن تجاوز هذه المحطة السوداء يتطلب إدراكًا أن لا مستقبل لليمن مع منطق المليشيا والسلاح، وأن استعادة الدولة ومؤسساتها هو الشرط الأول لأي عملية سلام أو مصالحة. فاليمن الذي دُمّر في ذلك اليوم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مشروع وطني جامع يعيد الاعتبار لفكرة الدولة ولحقوق المواطن، بعيدًا عن عبث الجماعات ومشاريعها الضيقة.