يوم عاشوراء في الذاكرة الاسلامية

الجذور التاريخية ليوم عاشوراء

يمتد تاريخ يوم عاشوراء في جذوره إلى ما قبل الإسلام، حيث كان يومًا معروفًا لدى العرب في الجاهلية. فقد كانت قريش تصوم هذا اليوم وتكسو الكعبة احتفاءً به، وكان اليهود في المدينة يصومونه احتفاءً بنجاة موسى من فرعون. عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجد اليهود يصومون عاشوراء فسألهم عن السبب، فأخبروه بأنه اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه، فقال: “أنا أحق بموسى منكم” فصامه وأمر بصيامه.

التحول التاريخي: معركة كربلاء نقطة الفصل

كان الحدث الأبرز الذي غيّر مسار هذا اليوم هو معركة كربلاء في 10 محرم سنة 61هـ. ففي هذا اليوم استشهد الحسين بن علي حفيد النبي صلى الله عليه وسلم مع ثلة من أهل بيته وأصحابه على يد جيش يزيد بن معاوية. هذه الحادثة المأساوية أصبحت محورًا للانقسام في فهم يوم عاشوراء بين المسلمين، حيث تحول من يوم صيام إلى يوم حزن عند طائفة، ويوم عبادة عند أخرى.

الموقف السني: التمسك بالسنة ومحاربة البدع

يتمسك أهل السنة بالهدي النبوي في التعامل مع يوم عاشوراء، مركزين على ثلاث نقاط جوهرية:
أولاً: الصيام المستحب الذي وردت فيه أحاديث صحيحة، منها قول النبي: “صوم يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله”. ويفضلون صيام التاسع معه مخالفة لليهود.
ثانيًا: يحذرون من البدع التي انتشرت حول هذا اليوم كالاكتحال والاغتسال والتوسعة في النفقات، والتي لم يرد فيها دليل صحيح.
ثالثًا: يرفضون تحويل اليوم إلى مأتم أو عيد، مستندين إلى قول النبي: “ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية”.

الممارسة الشيعية: من الحزن إلى الطقوس

تتخذ الطائفة الشيعية من يوم عاشوراء مناسبة للحداد والعزاء، حيث تتحول المشاعر إلى طقوس متعددة:

الأبعاد العقائدية للخلاف

ينطلق الاختلاف من فهم مختلف لجوهر اليوم:

السياق التاريخي للانقسام

يمكن فهم تطور هذا الاختلاف من خلال محطات تاريخية حاسمة:
في العصر الأموي، حاولت السلطة الحاكمة تحويل اليوم إلى مناسبة فرح، بينما استخدمه المعارضون رمزًا للاحتجاج.
في العهد العباسي، تبنى الشيعة يوم عاشوراء كأحد أهم رموز هويتهم المذهبية.
أما في العصر الصفوي، فقد تم تنظيم الطقوس الشيعية بشكل مؤسسي، وتحولت كربلاء إلى مركز ديني عالمي.

النقد المتبادل بين المذهبين

ينطلق النقد السني من مخالفة هذه الممارسات للهدي النبوي:

الأبعاد المعاصرة

تتجلى تأثيرات يوم عاشوراء في واقع المسلمين المعاصر:

نحو فهم متوازن

يمكن تقريب وجهات النظر من خلال:

الخاتمة: بين الذكرى والذكر

يبقى يوم عاشوراء في الوجدان الإسلامي:

Exit mobile version