شخصيات

يوسف العظمة ومعركة ميسلون التي خلدت اسمه

عندما خرج القائد العظيم يوسف العظمة (ابن الشاغور وسليل أعرق العائلات الدمشقية التركمانية) لمواجهة الفرنسيين في ٢٤ تموز ١٩٢٠ كان يعلم أنه ذاهب إلى الموت.
بعد عامين من الجهود خرج دستور وطني لم يمهله الاستعمار الفرنسي ليعيش سوى خمسة أيام ثم زحفت القوات الفرنسية لاحتلال بلاد الشام.
كانت أيد ماكرة قد وافقت على حل الجيش السوري الوليد ! وبعض البدائيين ظن أن خروج العظمة سذاجة عسكرية (مثل بعض البدائيين اليوم الذين يتكلمون فيما لايعلمون).
الفريق يوسف العظمة (الذي استشهد ولم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره) كان أحد الأدمغة العسكرية في الدولة العثمانية وتخرج من كلية الحرب في الآستانة وكلية الأركان العليا الألمانية وقاد الجيوش في القفقاس وبلغارية والنمسا وكان المرافق الأول لوزير الحربية العثماني أنور باشا .
لم يكن خروجه للشهادة سذاجة أو قلة تقدير بل موقف قيادي يهز قلوب الرجال ويبعث الحياة لعشاق الأوطان .
العظمة هو وزير الدفاع الوحيد الذي اقتحم الموت بإرادته ليبقي جذوة الاستشهاد وكرامة الأوطان أغلى من الروح والحياة والمراكز الجوفاء .

في معركة ميسلون لم يكن يوسف العظمة يبحث عن نصرٍ عسكري…
كان يبحث عن نصرٍ في الكرامة.
حين دخل الفرنسيون سوريا عام 1920
دخلوا ومعهم إنذارٌ واضح:
إما الاستسلام…
أو الزحف العسكري حتى دمشق.
وكان القرار في يد وزير الحربية السوري آنذاك:
يوسف العظمة.
كان يعلم الحقيقة كاملة:
الجيش السوري ضعيف
السلاح قليل
العدد لا يُقارن
والنتيجة العسكرية محسومة سلفًا.
كل الحسابات قالت له:
لا تقاتل… ستُهزم.
لكن يوسف العظمة لم يكن يرى الأرقام،
كان يرى شيئًا واحدًا فقط:
هل ستُسجَّل دمشق في التاريخ
كمدينة فُتحت بلا مقاومة؟
أم كعاصمة قاومت حتى آخر نفس؟
وقف وقال كلمته التي غيرت مسار الذاكرة:
«من حق الأمة أن تعرف أن لها جيشًا قاتل»
ثم خرج بنفسه على رأس الجنود،
لم يختبئ في القصور،
ولم يرسل غيره للموت.
خرج ليقاتل…
ليستشهد.
في معركة ميسلون
وقف جيش فقير في العتاد
أمام إمبراطورية كاملة.
وسقط يوسف العظمة شهيدًا،
لكن لم تسقط سوريا راكعة.
خسر المعركة…
لكنه أنقذ الكرامة.
دخل الفرنسيون دمشق بعده
لكنهم دخلوها وهم يعلمون:
أن هذه الأرض لم تُسلَّم… بل انتُزعت.
يوسف العظمة لم يكن يبحث عن نصر وقتي،
كان يؤسس لمعنى:
أن بعض الهزائم
تصنع أعظم الانتصارات في الذاكرة.

من هو يوسف العظمة

يُعتبر يوسف العظمة (1884 – 1920) رمزاً وطنياً سورياً وعربياً خالصاً، وهو القائد العسكري الذي اختار المواجهة العسكرية المشرفة رغم علمه بعدم تكافؤ القوى، دفاعاً عن استقلال بلاده، وإليك أبرز النقاط في سيرة هذا البطل التاريخي:

  1. النشأة والتعليم
    ولد في حي الشاغور بمدينة دمشق لأسرة دمشقية عريقة.
    تلقى تعليمه العسكري في المدرسة الحربية في إسطنبول، وأكمل تدريبه العالي في ألمانيا.
    خدم في الجيش العثماني في عدة جبهات خلال الحرب العالمية الأولى، واكتسب خبرة عسكرية واسعة.
  2. الدور السياسي والعسكري

بعد انهيار الدولة العثمانية، عاد إلى دمشق والتحق بالملك فيصل الأول.
عُين وزيراً للحربية في الحكومة العربية السورية بدمشق عام 1920.
كان من أشد المعارضين للانتداب الفرنسي، وعمل بجد على تنظيم “الجيش العربي السوري” الناشئ.

معركة ميسلون (يوليو 1920)
تعتبر هذه المعركة المحطة الأبرز في حياته، وتتلخص تفاصيلها في:
الإنذار الفرنسي: وجه الجنرال الفرنسي “غورو” إنذاراً للحكومة السورية بضرورة حل الجيش وقبول الانتداب.
القرار الصعب: رغم ضعف الإمكانيات، رفض العظمة الاستسلام المهين. خرج بجيش صغير من المتطوعين والجنود لمواجهة الجيش الفرنسي الزاحف نحو دمشق.
الشهادة: وقعت المعركة في منطقة ميسلون (قرب دمشق). قاتل العظمة ببسالة حتى استشهد في أرض المعركة في 24 يوليو 1920.

إرثه الرمزي
عزة النفس: يُستشهد بيوسف العظمة دائماً كمثال للقائد الذي يرفض دخول المحتل إلى عاصمته دون مقاومة، حتى لو كانت النتيجة هي الموت.
تأسيس العقيدة: يُعتبر استشهاده حجر الزاوية في العقيدة الوطنية السورية الحديثة، وضريحه في ميسلون يُزار حتى اليوم كمعلم وطني.
مقولة مأثورة: “لن يدخلوا دمشق إلا على جثثنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock