محافظة البيضاء

مطالبات برفع القيود على حركة السكان في محافظة البيضاء

فجرت وأحرقت جماعة أنصار الله (الحوثيين)، سلطة الأمر الواقع، 9 منازل على الأقل منذ 9 يناير الماضي في منطقة حنكة آل مسعود بمحافظة البيضاء، جنوب شرق صنعاء.

كما تسببت في مقتل مجموعة من المدنيين، بينهم شابان يعانيان من اضطرابات عقلية، فضلاً عن إصابة العشرات. وما زالت الجماعة تفرض حصارًا أمنيًا يقيد حرية التنقل في المنطقة، وتواصل اعتقال المئات من سكان قرى المنطقة بشكل تعسفي.

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والائتلاف اليمني لحقوق الإنسان يطالبون الحوثيين برفع القيود المفروضة على حركة سكان منطقة حنكة آل مسعود فورًا، وإجراء تحقيق عاجل ومستقل في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في هذه الواقعة وغيرها، ومحاسبة الجناة.

في 5 يناير 2025، شنّ الحوثيون أولى هجماتهم العسكرية على منطقة حنكة آل مسعود بدعوى استهداف مسلحين يُزعم تورطهم في قتل وإصابة جنود حوثيين أثناء الهجوم على دورية عسكرية ونقطة تفتيش.

وبينما صرّح الحوثيون في 12 يناير بأنهم «قتلوا واعتقلوا العشرات من عناصر داعش»، إلا أن الشهادات والمعلومات الموثقة التي حصل عليها مركز القاهرة تشير إلى تعمد الحوثيين قتل المدنيين، والاعتداء على المنازل السكنية، وفرض عقاب جماعي على القرية بأكملها.

وبحسب مدافعان عن حقوق الإنسان وثقا العنف في البيضاء عن قرب أكدا لمركز القاهرة أن جماعة الحوثيين صّعدت عملياتها العسكرية في 9 يناير، مستخدمةً طائرات مُسيرة ودبابات وأسلحة ثقيلة لتدمير المنازل والبنية التحتية المدنية والأراضي الزراعية، في استهتار واضح بأرواح المدنيين.

كما تُظهر عدة مقاطع فيديو منشورة على الإنترنت، وأخرى تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، تصاعد الدخان من المنازل المحترقة، وسط حالة من هلع السكان.

وبحسب مصور أحد مقاطع الفيديو، هذه المنازل أُحرقت بواسطة طائرات الحوثيين المسيرة المستخدمة في الهجوم. كما اطلع مركز القاهرة على صور تُظهر الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المباني المدمرة والنوافذ المحطمة.

ووفقًا للمصادر، تم إحراق منزل سكني بالكامل، ومسجد القابل، ومدرسة قرآنية في 9 يناير. بينما خلال الأيام التالية، ارتفع العدد الإجمالي للمنازل المدمرة إلى تسعة منازل على الأقل.

كما أسفرت الهجمات عن مقتل اثنين من السكان، وإصابة أحد عشر آخرين على الأقل، بينهم ثلاث نساء. وفيما اطلع مركز القاهرة على قائمة بأسماء عشرين شخصًا لقوا حتفهم جراء هذه الهجمات؛ إلا أنه لم يتمكن من التواصل مع أسر الضحايا بسبب خوف السكان من الإدلاء بشهاداتهم.

فيما أضافت مصادر أن قوات الحوثين أخفت جثث القتلى، ومن ثم لم يتمكن ذويهم من معرفة مصيرهم. ومن بين المنازل التي تم تدميرها، تم تدمير منزل تقطنه عائلة من خمسة أفراد، بينهم شابان مصابان باضطرابات عقلية.

ورغم إبلاغ الحوثيين بحالتهما؛ إلا أنهم أصروا على تفجير عبوات ناسفة داخل المنزل، مما أسفر عن مقتل الشابين، وإصابة بقية أفراد الأسرة.

إلى جانب هذه الهجمات، فرضت قوات الحوثين حصارًا على منطقة حنكة آل مسعود، مما أدى لتعطيل الحياة اليومية بشكل بالغ.

وابتداءً من 11 يناير، منع الحوثيون دخول الغذاء والدواء وقطعوا الاتصالات السلكية واللاسلكية في المنطقة لمدة أربعة أيام على الأقل.

وقد أدى انقطاع الاتصالات، بالإضافة لحالة الرعب بين السكان، إلى عرقلة التوثيق الفعال والتحقيقات المستقلة في الواقعة بشكل كبير.

هذه الحالة ليست معزولة؛ فوفقًا لمقابلات أجراها مركز القاهرة، لجأ الحوثيون مرارًا وتكرارًا إلى تكتيكات الترهيب وقطع الاتصالات لحجب المعلومات والحيلولة دون الكشف عن الانتهاكات.

وكنتيجة مباشرة للهجمات والحصار، تضررت المنطقة، التي تضم قرى صغيرة ذات خدمات محدودة، بشكل خطير.

فخرج المجمع الطبي الوحيد الذي يخدم سكانها عن الخدمة بسبب الحصار والهجمات، مما حرم السكان من الوصول للخدمات الصحية ووحدة الطوارئ الوحيدة الموجودة به.

كما تم تعطيل المجمع التعليمي الوحيد الذي يقدم خدمات تعليمية لجميع المراحل (مدرسة عبد الله بن مسعود) نتيجة للهجمات.

واعتقلت قوات الحوثين مئات السكان بشكل تعسفي. ورغم إطلاق سراح قرابة 350 شخص؛ إلا أنه لا يزال يُعتقد أن 119 شخصًا ما زالوا رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، دون أي اتهامات أو اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ويعُتقد أنهم نٌقلوا إلى سجون في العاصمة صنعاء.

هذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها جماعة الحوثيين إلى العقاب الجماعي وهدم المنازل في المنطقة؛ ففي مايو 2024، وثق مركز القاهرة والائتلاف اليمني مقتل العديد من المدنيين في هجمات مماثلة على محافظة البيضاء.

ولم تكتف سلطات الأمر الواقع بتجاهل الدعوات العاجلة للتحقيق في هذه الهجمات في ذلك الوقت؛ وإنما شنت هجمات أكثر شراسة في المحافظة، مما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock