الصحابي الجليل شرحبيل بن السمط الكندي

نسبه ونشأته
شرحبيل بن السمط بن الأسود بن جبلة بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع الكندي، ينحدر من قبيلة كندة اليمنية ، وهي من القبائل العربية العريقة التي اشتهرت بالقوة والشجاعة. كان والده السمط بن الأسود من زعماء كندة البارزين، وكان لهذه العائلة مكانة كبيرة في المجتمع العربي قبل الإسلام، حيث كان لهم نفوذ سياسي وعسكري في مناطق اليمن وحضرموت.
نشأ شرحبيل في بيئة قبلية تهتم بالفروسية والقيادة، فشبَّ فارسًا مقدامًا، واكتسب من والده مهارات الحرب والإدارة، مما جعله مؤهلاً ليكون أحد القادة البارزين في الفتوحات الإسلامية.
إسلامه
أسلم شرحبيل مع والده السمط بن الأسود في عهد النبي محمد ﷺ، وانضم إلى صفوف المسلمين في أواخر حياة النبي. لم يُذكر له دور بارز خلال الفترة النبوية، لكنه برز كقائد عسكري في عهد الخلفاء الراشدين، خاصة في زمن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب.
دوره في الفتوحات الإسلامية
بعد وفاة النبي ﷺ، برز شرحبيل بن السمط كأحد القادة الكبار في جيوش المسلمين، خاصة خلال فتوح بلاد الشام. شارك في عدة معارك مفصلية ساهمت في توطيد الحكم الإسلامي في تلك المناطق.
- معاركه في فتوح الشام
كان شرحبيل من القادة الذين عملوا تحت إمرة خالد بن الوليد، عندما أرسله أبو بكر الصديق لقيادة الفتح في الشام.
شارك في معركة اليرموك (15هـ/636م)، والتي كانت من أهم المعارك ضد الروم، وساهم في قيادة أحد أجنحة الجيش الإسلامي، وكان له دور بارز في تحقيق النصر الساحق على البيزنطيين.
بعد الفتح، استمر في تثبيت الحكم الإسلامي في المناطق المفتوحة، وأصبح من أبرز القادة الذين حافظوا على الاستقرار في بلاد الشام.
- إمارته على حمص
بعد الانتصارات الإسلامية في الشام، تولى شرحبيل بن السمط إمارة حمص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث كان مسؤولًا عن إدارة المدينة وتأمين حدودها ضد أي هجمات محتملة من الروم.
لكن في عهد الخليفة عثمان بن عفان، تم عزله عن إمارة حمص، مما جعله ينحاز لاحقًا إلى صفوف المعارضة لحكم بني أمية، وخاصة بعد مقتل عثمان.
- موقفه من الفتنة الكبرى
عندما اندلعت الفتنة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، كان شرحبيل بن السمط من القادة الذين وقفوا إلى جانب معاوية، وكان له دور في الصراع السياسي والعسكري الذي نشأ في تلك الفترة.
وفاته
توفي شرحبيل بن السمط في عهد معاوية بن أبي سفيان، بعد أن قضى حياته في ميادين القتال، مشاركًا في بناء الدولة الإسلامية والدفاع عنها.
خاتمة
يُعد شرحبيل بن السمط الكندي أحد القادة العسكريين البارزين الذين ساهموا في تثبيت الفتح الإسلامي لبلاد الشام. فقد كان نموذجًا للقائد الشجاع، الذي حمل لواء الجهاد وواجه الروم في معارك مصيرية. ورغم قلة الروايات عنه مقارنةً ببعض الصحابة الآخرين، إلا أن دوره في الفتوحات الإسلامية جعله من الشخصيات المهمة التي يستحق ذكرها والتأمل في مسيرتها.
لقد كان شرحبيل رجلًا من رجال الإسلام العظماء الذين قدموا أرواحهم وجهودهم لنصرة هذا الدين، وتركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ الفتوحات الإسلامية.





