أصل قبيلة زهران : جذور تمتد من سبأ إلى قمم سراة الحجاز

تُعد قبيلة زهران إحدى أعرق القبائل العربية التي حفرت اسمها في تاريخ الجزيرة العربية، بجذورٍ تمتد إلى قبائل الأزد الكهلانية المنحدرة من سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان. من مأرب في اليمن، إلى قمم سراة الحجاز وتهامة في السعودية، وحتى أطراف العالم العربي، حملت زهران إرثاً ثقافياً وعسكرياً جعلها رمزاً للعروبة الأصيلة.
الجذور التاريخية: أصل قبيلة زهران من اليمن إلى سراة الحجاز
تعود أصول القبيلة إلى زهران بن كعب بن الحارث، أحد أبناء شنوءة بن الأزد، الذي هاجر مع قبائل الأزد من اليمن بعد انهيار سد مأرب. استقرت القبيلة في سراة زهران (منطقة الباحة حاليًا) وتهامة، لتصبح جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي لجنوب غرب المملكة العربية السعودية.
شجرة النسب: من قحطان إلى زهران
تتصل شجرة النسب بالقبيلة عبر سلسلة مُوثّقة:
زهران بن كعب → الحارث → كعب → عبد الله → مالك → نصر → الأزد → غوث → نبت → مالك → زيد → كهلان → سبأ → يشجب → يعرب → قحطان.
ويُجمع المؤرخون أن زهران شقيق لغامد، جد قبيلة غامد المجاورة، مما يعكس التحالف التاريخي بين القبيلتين.
أفخاذ القبيلة: تنوع يعكس الثراء التنظيمي
تنقسم زهران إلى خمسة فروع رئيسية، تتفرع بدورها إلى عشرات العشائر:
- بنو يوس: وتشمل عشائر مثل بنو حسن، وبيضان، وبلخزمر.
- بنو سليم من دوس: منهم آل مقبل، وآل سهلة، والمشاييخ.
- بنو عمر: تضم الجبر، وآل سويدي، وبنو جندب.
- دوس: وتتفرع إلى بنو منهب، وآل عياش، وبنو فهم.
- بنو عمر الأشاعيب: مثل بنو عمر العلي وأهل ناوان.
الانتشار الجغرافي: من الباحة إلى العالم
تمتد فروع القبيلة عبر 5 دول عربية رئيسية:
- السعودية: الموطن الأصلي في منطقة الباحة، حيث تشكل غالبية السكان.
- عُمان: تُعد الأسرة الحاكمة (البوسعيدي) من أصول دوسية زهرانية.
- العراق: تتركز عشائر آل بو مفرج في ديالي والحويجة.
- مصر: تستوطن فروع منها في شمال سيناء وصعيد مصر.
- لبنان: تتواجد عائلات مثل البيضون والعياد في دير الزهراني.
أصل قبيلة زهران في السياق الحضاري
لعبت القبيلة أدواراً محورية عبر التاريخ:
- في الجاهلية: أسست ممالك في عُمان والعراق، واشتهرت بمواجهاتها مع الفرس والروم.
- في الإسلام: استجابوا لدعوة النبي محمد ﷺ، وانضم منهم المئات كصحابة، أبرزهم الطفيل بن عمرو الدوسي وأبو هريرة.
- في العصر الحديث: شاركوا في مقاومة الاحتلال العثماني، وبرزوا في المجالات العلمية والعسكرية.
القاب الأبطال: ما قاله الرسول عن زهران
خلّد التاريخ مواقف زهران في الأحاديث النبوية، منها:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله ﷺ: «لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي».
- دعوة النبي ﷺ لهم: «اللهم اهد دوساً وائت بهم»، فاستجاب الله وأسلمت القبيلة بأكملها.
التراث الثقافي: بين الأصالة والانتماء
تحتفظ القبيلة بعادات فريدة، مثل:
- المناطق التاريخية: حصن الزهوان في الباحة، ومدينة سبت العلايا بسوقها الشعبي.
- اللهجة الزهرانية: مزيج من مفردات السراة وتهامة.
- الألقاب العائلية: مثل “العمري” و”الدوسي”، التي تعكس الانتماء إلى فروع القبيلة.
التحديات المعاصرة: الهوية في عصر العولمة
رغم التشتت الجغرافي، حافظت زهران على وحدتها عبر:
- المجالس القبلية: التي تُنظم شؤون الأفراد وتُحافظ على العادات.
- الفعاليات الثقافية: مثل مهرجانات المنطقة التي تُبرز التراث الزهراني.
- التواصل الرقمي: مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي لربط أبناء القبيلة.
خاتمة: قبيلة كتبت مجداً من النبي زهران إلى اليوم
ليست زهران مجرد قبيلة، بل هي حضارةٌ إنسانية تجسّدت في شجاعة أبنائها، وإسهاماتهم في بناء الدولة الإسلامية، وصمودهم أمام التحديات. من مآثر ملوكهم في الجاهلية إلى إنجازات علمائهم اليوم، تظل زهران شاهدةً على أن الأصل العريق يُثمر حاضراً مشرقاً.