قبيلة بني مليك نسبها وتفرعاتها القبلية

تُعد قبيلة بني مليك، أو ما يُعرف تاريخيًا بالأملوك، إحدى البطون العريقة والواسعة الانتشار المنحدرة من حمير، المملكة اليمنية القديمة ذات الحضارة العريقة. تتشعب من هذه القبيلة الأم فروع وقبائل عديدة تحمل أسماء مختلفة، إلا أنها تشترك في الأصل والنسب. وتنتشر تجمعات بني مليك في مناطق جغرافية متنوعة من اليمن، مما يعكس عمق تاريخها وامتداد نفوذها عبر العصور.
انتشار وتفرعات قبيلة بني مليك في اليمن:
تتوزع فروع بني مليك في العديد من المحافظات والمديريات اليمنية، حاملةً أسماءً قد تختلف ظاهريًا ولكنها تلتقي في الأصل الحميري. فمنهم بنو المليكي الذين يستوطنون عزلة دلال والملحمة وعزلة الأملوك في مديرية الشعر بمحافظة إب، وكذلك في عبدان ومشرعة وحدنان التابعة لمديرية صبر الموادم بمحافظة تعز. وفي مديرية مذيخرة بمحافظة إب، يتواجدون كفرع من أولاد الحسين بن عبدالوهاب. أما الحيادرة في جبل حبشي بمحافظة تعز، فيرجع نسبهم إلى حيدر بن عيسى المليكي. ولهم تواجد ملحوظ في مناطق تهامة والمحويت. كما يُعد بنو منصر من قبائل العوالق فرعًا منهم، بالإضافة إلى بني علي بالعذري. وتُعتبر قبيلة بني حماد، التي ينتسب إليها كافة الأملوك المتواجدين في الجعاشن (بمحافظة تعز) وبني حماد في خنوه (بمحافظة إب)، من الفروع الرئيسية لبني مليك.
كما يتواجد بنو حماد في رعاش من أولاد أحمد بن علي بن عبدالعليم، وفي ريده وريد ومعاين وذي الحود من أولاد مثنى هادي حماد. ولهم تواجد في منطقة العقرمي التابعة لبلاد مذيخرة في مديرية العدين بمحافظة إب، وكذلك في محافظات الضالع والبيضاء ويافع. ويُذكر أن قسمًا منهم استقر في حالمين بردفان التابعة لمحافظة لحج. ويؤكد النسابون أن جميع هذه الفروع والبطون تنحدر من قبائل الأملوك الحميرية.
وفي هذا السياق، يُعبر بعض المهتمين بتاريخ القبيلة عن تحفظهم تجاه بعض المؤرخين الذين قد يحصرون نسب آل المليكي في جد واحد، متجاهلين بذلك الامتداد الواسع والتفرعات العديدة للقبيلة عبر التاريخ، وكأنها نشأت في فترة زمنية قريبة.
الأملوك في كتب التاريخ: جذور ملكية ودور بارز في صدر الإسلام:
تُشير المصادر التاريخية إلى أن الأملوك كانوا من بين الأسر الحاكمة في مملكة حمير القديمة، حيث انتشروا في معظم مناطق اليمن. وقد تمركزوا بشكل خاص في منطقة مذحج، حيث كانوا من رؤسائها وقادتها، وقاموا بتأسيس الحصون والقلاع والقرى فيها. وكغيرهم من اليمنيين في تلك الحقبة، اعتمدوا في معيشتهم على الزراعة وما يحصلون عليه من غنائم الغزو، وهو نمط حياة كان شائعًا في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.
ومع ظهور الإسلام، لعبت قبيلة الأملوك دورًا هامًا في نشر الدين الجديد وحمل راية التوحيد في اليمن. وقد وردت أحاديث نبوية صحيحة تشير إلى مكانة هذه القبيلة وأهميتها في تلك الفترة. فقد رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأهل السكاسك والسكون (وهم فرع من كندة يُنسبون إلى الأملوك من حمير)، مما يدل على أنهم كانوا قبيلة كبيرة وذات نفوذ في ذلك الوقت. وفي حديث آخر، ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لأملوك ردمان، ووصفهم بأنهم “خير الناس في حمير”، وهو ثناء عظيم يعكس مكانتهم الرفيعة.
كما نُقل عن الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالة جاء فيها: “إني حاربت من عصاني من أهل اليمن بثلةٍ من الأشاعر والأملوك”. وكان معاذ بن جبل حينها واليًا على الجند في اليمن، وكانت القبائل المحيطة به في الغالب من حمير، بما في ذلك الأملوك (بني مليك) ويافع والأصابح وآل المناخي في مخلاف جعفر، الذي كان يمتد من بلاد وصاب والسحول وقفر يريم وبلاد العدين حتى نهاية السلسلة الجبلية من بلاد الجعاشن وذي السفال وصولًا إلى مخلاف الجند. ويُذكر أن من أعانوا معاذ بن جبل من قبائل مذحج هم الأشاعر وعنس وخولان وسنحان، بالإضافة إلى قبائل السكاسك والسكون، وهما فرعان من قبيلة كندة التي أقامت لها دولة في شمال حضرموت وامتد نفوذها إلى أطراف الحيرة وبلاد العراق، وكانت كندة تاريخيًا سندًا ودعمًا لبني عمومتهم من ملوك حمير.
إضافة إلى ما سبق:
يمكن إضافة المزيد حول الجوانب الاجتماعية والثقافية لقبيلة بني مليك، مثل عاداتهم وتقاليدهم الأصيلة، وأشعارهم وفنونهم الشعبية التي تعكس تاريخهم وتراثهم. كما يمكن التوسع في ذكر الأدوار التي لعبتها شخصيات بارزة من القبيلة في مختلف المراحل التاريخية لليمن، إن وجدت معلومات موثقة حول ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استعراض الأوضاع الحالية لتجمعات القبيلة في مختلف المناطق التي ذكرت، والتحديات التي تواجههم ومساهماتهم في المجتمع اليمني المعاصر.
خلاصة:
تُعد قبيلة بني مليك من القبائل اليمنية العريقة ذات التاريخ الممتد والجذور الضاربة في عمق الحضارة الحميرية. وقد تركت هذه القبيلة بصمات واضحة في تاريخ اليمن القديم والحديث، سواء من خلال دورها في مملكة حمير أو مساهمتها في نشر الإسلام. ولا يزال أبناء بني مليك ينتشرون في مختلف أنحاء اليمن، محافظين على هويتهم وتراثهم كجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد. إن دراسة تاريخ هذه القبيلة العريقة تُعد نافذة هامة لفهم جوانب أساسية من تاريخ اليمن وتطور مجتمعه عبر العصور.