قبائل حضرموت الاصيلة

تعتبر حضرموت من أبرز المناطق في اليمن، حيث تتميز بتاريخها الغني وتراثها الثقافي المتنوع. تتمتع هذه المنطقة بموقع جغرافي متميز يربطها بالبحر العربي، مما جعلها مركزًا حضاريًا وتجاريًا منذ العصور القديمة.
القبائل في حضرموت لها دور هام في تشكيل التاريخ والسياسة والاجتماع والاقتصاد في المنطقة. إذ تعود تأثيراتها إلى الأزمنة القديمة، حيث كانت تلعب دورًا محوريًا في التجارة والمقاومة ضد الغزوات.
يمثل التنوع القبلي في حضرموت أحد أهم جوانب الهوية الاجتماعية للمنطقة. تختلف القبائل في عاداتها وقيمها، مما يساهم في تعزيز التنوع الثقافي في حضرموت. العديد من هذه القبائل لها تاريخ طويل من الحكم الذاتي والتقاليد القبلية التي ساعدت في الحفاظ على السلام والاستقرار في مجتمعاتها. تعتبر القبائل أيضًا جزءًا رئيسيًا من النسيج الاجتماعي، حيث تتعاون في مختلف المجالات مثل الزراعة والتجارة والتحصيل العلمي.
مواضيع ذات صلة: منهم قبائل الحضارم في اليمن
تتمتع القبائل في حضرموت بتأثير كبير على النشاط السياسي، حيث تلعب دورًا في صنع القرار وتنظيم الحياة العامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تواجد القبائل يسهم في استدامة الثقافة اليمنية من خلال الحفاظ على العادات والتقاليد الشعبية. يجسد شغف القبائل بالتراث والتاريخ انتماءً عميقًا للأرض ولثقافة حضرموت. إن تاريخ حضرموت والقبائل فيها هو مشهد متشابك يمتد عبر الزمن، ويعكس قوة المجتمع المحلي واستمراره. تعتبر هذه القبائل ليست فقط عنوانًا للهوية، بل أيضًا عصبًا مهمًا في بناء مستقبل حضرموت.
تسمية قبائل حضرموت
يربط البعض بين اسم حضرموت وظهور النظام القبلي فيها، بمعنى ان (حضرموت) اسم لقبيلة طغى اسمها على اسم المكان الذي استوطنته فصار علماً على هذا المكان وكذلك هو اسماً لقبيلة. وهذه ظاهرة ليست في حضرموت وحدها وانما في مناطق اخرى في العالم، فقبائل الجرمان والوندال والتتار وغيرها اسماء لقبائل ومجموعات بشرية أطلقت اسمائها على مناطق سكناها. ويحدث العكس احياناً بان يطلق اسم المكان على اسم القبيلة او السكان القاطنين فيه كالحبشة أو اليمن وغيرها، بمعنى ان القبائل التي تسكن اليمن وتحديداً (الجمهورية العربية اليمنية سابقاً) هي ليست بقبائل يمنية وانما هي قبائل سبائية وحميرية، وانما اطلق اسم (اليمن) عليها، اي بكونها قبائل يمنية بعد ان تعمم اسم اليمن على كل سكان اليمن. وبذلك تراجعت تسميتها بكونها قبائل سبائية او حميرية لصالح تسميتها بكونها قبائل يمنية.
اما قبائل حضرموت فلم يحدث فيها ذلك التراجع في مسماها، فقد ظلت طوال التاريخ ولاكثر من خمسة آلاف عام مضى تعرف بانها (قبائل حضرمية) او (قبائل حضرموت)، وذلك رغم محاولات اليمنيين الاقدمين والاحدثين في اطلاق مسمى (اليمن) على هذه القبائل الحضرمية ضمن المشروعات والمحاولات اليمنية في الاستحواذ على حضرموت ارضاً وشعباً. ولكن هذه المحاولات فشلت ولم تنجح لا علمياً ولا عملياً، حتى وان فرضت بقوة الهيمنة والسيطرة السياسية او العسكرية. وقد ظلت قبائل حضرموت تعرف هكذا وبهذه التسمية.
وفي اجتهادنا العلمي والقائم على علم محدود ان سبب ذلك ربما يعود الى ما ذكرناه آنفاً من ان اسم حضرموت اصبح علماً على مكان وعلى بشر. وقد ظهر كليهما في زمن واحد، بينما يفصل بين ظهور مسمى القبائل السبائية ومسمى (اليمن) فاصل تاريخي يقدر باكثر من الف عام. ولذلك لم يذكر القرآن الكريم اسم (اليمن) وانما ذكرسبأ وارض سبأ. وكذلك ذكر القرآن الكريم اسم الاحقاف وهو الاسم الاقدم – كما يرجح – لارض حضرموت. وقد ذكر القرآن الكريم ارض الاحقاف باعتبارها موطن قوم عاد وهم اجداد الحضارمة ومن عاد وبقاياها أتت قبيلة حضرموت. بمعنى ان القرآن الكريم يشير غالباً الى الاقدم والاقدم للعبرة والعظة.
مواضيع ذات صلة: اسماء قبائل شبوة وانسابها
وحول العلاقة بين قبيلة حضرموت واسم المكان الذي استقرت فيه يشير الدكتور محمد عبد القادر بافقيه في صفحة 405 من الجزء الأول من (الموسوعة اليمنية) الصادرة في صنعاء عام 1992م الى ان (حضرموت قبيلة من قبائل طغى اسمها على المملكة التي اقامتها على ارضها، ثم توسعت بمد سلطانها على ما حولها من قبائل). واضاف: (فعرفت الارض التي انتشر فيها سلطان تلك الدولة باسم (ارض حضرموت)، بمعنى ارض حضرموت القبيلة وارض مملكة حضرموت).
سبب تسمية حضرموت
ولعل الدكتور محمد عبد الكريم عكاشة استاذ التاريخ بجامعة عدن (سابقاً) يطرح رأياً اضافياً في معنى اسم (حضرموت)، حيث جاء في صفحة 7 من كتابه والذي هو رسالة دكتوراه بعنوان (قيام السلطنة القعيطية والتغلغل الاستعماري في حضرموت 1839 – 1918) والصادر عن دار ابن رشد في عمان (الاردن) عام 1985، (ان اسم حضرموت مركب من كلمتي (حضرم) و(موت)، وان حضرموت هو الابن الاكبر للقبائل الحضرمية القديمة، وهو المشار اليه في الاصحاح العاشر من سفر التكوين (في التوراه) باسم هدرم، اما كلمة (موت) فهي محرفة من كلمة (متو) البابلية ومعناها الارض او المنطقة. وبذلك يكون اسم (حضرم موت) أو (حضرم متو) اي ارض حضرم او منطقة حضرم حرفت عبر العصور الى الاسم المزجي المركب لحضرموت وهو حضرم متو، ثم ادغم أحد الميمين فصارت مع تكرار التلفظ كلمة واحدة هي (حضرموت).
وهذا الرأي للدكتور عكاشة لا يبعد كثيراً عن ما اشرنا اليه آنفاً من ان حضرموت اسم لقبيلة اطلق على مكان سكناها. وترجح المصادر المتداولة ان اسم هذه القبيلة مأخوذ عن اسم شخص يدعى (حضرموت) او (حضرميت) وتشير (التوراه) المنزلة على النبي موسى عليه السلام خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد الى ان حضرموت هذا هو أحد ابناء (قحطان) والذي تسميه التوراه (يقطان). والمعروف ان قحطان هذا هو ابن النبي هود عليه السلام، وهو النبي الذي ارسل الى قوم عاد بارض الاحقاف التي ذكرها القرآن الكريم والتي يرجح انها حضرموت الحالية وما حولها.
وفي هذا الاطار تشير بعض الدراسات الى ان قحطان هذا كان له بضعة ابناء. ومن هؤلاء الابناء وكما اسلفنا حضرموت وابن آخر يدعى يعرب، ومن يعرب هذا ظهر يشجب، ومن يشجب ظهر سبأ الاكبر. وهذا يعني ان سبأ هو بمثابة حفيد لحضرموت وليس كما يدعي البعض من ان حضرموت هو حفيد لسبأ، فقد جاء في كتاب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) لابي الحسن المسعودي المتوفي عام 956م (ان حضرموت هذه سميت على اسم احد ملوكها وهو حضرموت بن قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح، والذي اقام دولته على انقاض دولة عاد وذلك قبل ثمانية عشر قرنا من ميلاد المسيح). وعابر هذا هو النبي هود عليه السلام المذكور في القرآن الكريم. اما سبأ فينسب الى يشجب بن يعرب بن قحطان كما اشار الى ذلك الدكتور محمد بافقيه في صفحة 54 من كتابه (تاريخ اليمن القديم) الصادر في بيروت عام 1985 والمستند على ما جاء في صفحة 259 من الجزء الثاني من كتاب الدكتور جواد علي (المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام) والصادر في بغداد وبيروت عام 1970. اي ان ما يجمع الجد (حضرموت) بالحفيد (سبأ) هو قحطان بن هود.
أقدم قبائل حضرموت
والمهم ان قبيلة حضرموت ) (الام) والتي اعطت اسمها لهده المنطقة منذ اكثر من خمسة آلاف عام مضى قد أنتشرت بقاياها بين وادي شبوه ومنطقة الهجرين (بل والى ابعد من ذلك) وكما جاء في صفحتي 176 و177 من كتاب الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه (توحيد اليمن القديم) الصادر في صنعاء 2007م. ومن قبيلة حضرموت هذه انحدرت قبيلة (الصدف) وقبيلة (سيبان)، وكذلك قبيلة (الحموم)، وان كان البعض يحاول ان يعبث بذلك التاريخ فيشوه جهلاً او عمداً تلك الحقائق في علاقة هذه القبائل الثلاث بقبيلة حضرموت (الام).
اما سيبان القبيلة القديمة والمنحدرة من قبيلة حضرموت (الأم) فلا يزال اسمها باقٍ الى اليوم، ولها شاهد جغرافي معروف بموطنها في هضبة حضرموت الجنوبية وهو قمة جبل (كور سيبان) والبالغ ارتفاعها حوالي (2767) متراً فوق سطح البحر. وهناك من يقول ان سيبان قد اختلطت بقبائل كثيرة اخرى وفدت عليها حتى صار لها هذا الشأن الكبير في تاريخ حضرموت القديمة والوسيطة والمعاصرة، وصار لها هذا الامتداد الجغرافي الواسع وفي النطاق الاوسط من اراضي حضرموت وخاصة في الهضبة الجنوبية لوادي حضرموت والذي تنتشر فيه الروافد الجنوبية لهذا الوادي. بل ان انتشار سيبان يمتد من منطقة نصاب شرقي بيحان غرباً الى ارض المشقاص وتخوم بادية المهرة شرقاً، حيث ظهر اسم (سيبان) في نقوش القرن السابع قبل الميلاد، اي بعد حوالي ستة قرون من نزول التوراه وذكرها لاسم حضرموت. واشارت هذه النقوش الى (شعب سيبان) دلالة على استقلاليتهم وقوتهم وكثرة عددهم واتساع نطاق انتشارهم وباعتبارهم من القبائل الحضرية المستقرة، وكما جاء في صفحتي 62 و63 من كتاب (تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الاسلام) للدكتور سرجيس فرانتسوزف وترجمة الدكتور عبدالعزيز جعفر بن عقيل والصادر في صنعاء عام 2004م. وقد ضمت سيبان الى جوارها مجموعة من القبائل الحضرمية على هيئة تحالف او اتحاد قبلي او ما يعرف محلياً بلفظة (زي).
مواضيع ذات صلة: شجرة قبائل حضرموت
اما كندة، وهي تعد من قبائل حضرموت القديمة المعروفة قبل الإسلام فهناك اقوال عدة في اصلها، وبعضهم يجعلها عدنانية الجذور. اما الارجح فيقول انها قبيلة قحطانية (سبائية) تنتسب الى (ثور بن عفير) والذي ينتهي نسبه الى كهلان بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان، كما جاء في صفحتي 19 و 20 من كتاب (قبيلة كندة في صدر الاسلام والدولة الاموية) للاستاذ بناجي العبدولي والصادر في المكلا 2010م. وقد قدمت كندة الى حضرموت من مواطنها شرقي نجران واستقرت في حضرموت وتداخلت بالمصاهرة والتحالف مع قبيلة الصدف ودون ان يكون لها نفوذ ملحوظ حينها في حضرموت، ولذلك هاجرت مرة اخرى من حضرموت الى وسط وشرقي الجزيرة العربية اي الى اراضي نجد واليمامة وكذلك على التخوم الغربية للربع الخالي، واقامت لها هناك مستوطنات معروفة، ومنها (قرية الفاو) في غربي الربع الخالي وشمال شرقي نجران. وللمزيد عن قرية الفاو هذه انظر صفحة 220 ومابعدها من كتاب الدكتور محمد عبدالقادر بافقيه (توحيد اليمن القديم) السابق ذكره.
والمهم ان كندة عادت مرة اخرى الى حضرموت قادمة من تلك المناطق في وسط وشرقي الجزيرة العربية. واقامت لها في حضرموت ملكاً ونفوذاً ظل قائماً الى ظهور الاسلام، بل انها امتزجت مع القبائل الحضرمية الاصلية حتى صارت من نسيجها. وقد انحدر من كندة بعض القبائل الحضرمية التي تلاشي اسمها مع الزمن ومنها تجيب والسكون والسكاسك.
واليوم نجد ان قبائل حضرموت المعاصرة وبجذورها القديمة المنحدرة من قبيلة حضرموت (الام) مثل سيبان والحموم وغيرها، أو من القبائل الوافدة عليها قبل الاسلام مثل كندة وهمدان وقضاعة وبني ظنة وغيرها، او الوافدة عليها بعد ظهور الاسلام مثل يافع وغيرها، او من خلال اختلاط هذه القبائل مع بعضها تعد جميعها حضرمية الهوى والهوية، وهي لا تعرف وطناً غير حضرموت، وفيها نشأت وترعرعت اجيال متعاقبة منها، بل ودافعت عنها ضد الغزاة والمعتدين، واقامت لها في حضرموت ملكاً وعزاً يحسب لحضرموت قبل ان يحسب لمواطنها الاصلية. وقد كانت لاتذكر في مواطنها الاصلية تلك واصبحت تعرف بعد ان وفدت على حضرموت واختلطت بسكانها وقبائلها واستطاعت ان تقدم شيئاً مفيداً ونافعاً لاهل حضرموت. ولذلك لا يجوز مطلقاً التفريق بينها وبكونها قديمة او وافدة او مختلطة، فكلها قد اصبحت حضرمية تسعى لخير حضرموت واهلها. وما ذكرناه آنفاً هو من قبيل المعالجة العلمية والمعرفية لتكون الصورة واضحة لمن اراد الفهم والاستيعاب والوعي، وحتى لايكون مصدراً للتشويه والتضليل كما فعل مؤرخو اليمن منذ حوالي الف عام مضى اي منذ زمن الهمداني ومن اتى بعده والذين حاولوا ان يجعلوا الحضارم يمنيين، بينما وقائع وحقائق التاريخ والنقوش والآثار والمعطيات العلمية تؤكد ان الحضارم لا علاقة لهم باليمنيين الامن خلال الجوار الجغرافي فقط، ودون استبعاد ما حدث من اختلاط بين قبائل حضرمية مع اخرى سبائية او حميرية، او وفود قبائل يمنية او غيرها واستيطانها في حضرموت. ولكن من المؤكد ان هذه القبائل اليمنية الوافدة على حضرموت قد اصبحت في نهاية الامر حضرمية الهوى والهوية، بل انها تعزز الهوية الحضرمية الجامعة التي تقوم على التفاعل الحضاري والانساني وخدمة المكان والانسان وليس على الدم أو العرق. وهذا ما تقوم عليه الهوية الحضرمية من انها ترتكز على مقومات حضارية وثقافية وقيم انسانية اكثر من كونها تقوم على دماء واعراق.
ولعله من المفيد الاشارة الى ان قبائل حضرموت اليوم تشكل حوالي60% من جملة سكان حضرموت ان لم يكن اكثر، خصوصاً مع غياب اي معطيات احصائية علمية في هذا المجال. وان ما طرحناه هو اجتهاد شخصي نتمنى ان يجد صداه لدى الباحثين في معرفة الحقائق الكمية لمجتمع حضرموت، وكما هو معروف فان مجتمعنا الحضرمي يتكون من أربع شرائح اساسية هي القبائل (60%) والهاشميين (15%) والمشائخ (15%) والحرفيين (10%). وهذه نسب تقريبة قابلة للتعديل اذا ما وجدت معطيات علمية ميدانية موثوق بها.
القبائل والسياسة
تلعب القبائل في حضرموت دورًا محوريًا في تشكيل المشهد السياسي اليمني. تاريخياً، كانت القبائل تمثل القوة الأساسية في تنظيم المجتمع وضمان الاستقرار، مما جعلها عوامل مؤثرة في اتخاذ القرارات السياسية وممارسة الحكم. إذ غالباً ما تعتمد الحكومات المحلية والوطنية على الولاءات القبلية لتقوية سلطتها، خاصة في المناطق الريفية حيث تتصل القوانين القبلية بشكل وثيق بين الناس، مما يعطي القبائل نفوذًا كبيرًا.
في السياق السياسي، نجد أن القبائل في حضرموت تسهم في تشكيل السياسات عبر التفاوض والاتفاقيات القبلية التي تتمحور حول توزيع السلطة والمنافع. فعندما تتلاقى مصالح القبائل مع مصالح الحكومة، يمكن أن تؤدي هذه الديناميات إلى تعزيز الاستقرار السياسي، بما أن القادة القبليين يلعبون دور الوسيط بين الحكومة وأفراد المجتمع. ومن ثم، يصبح للقادة القبليين تأثير غالب على مخرجات السياسة المحلية، سواء من خلال الضغط الجماعي أو التعبير عن مطالب الشعب.
مع التغيرات السياسية التي شهدها اليمن ، ازداد حجم المشاركة القبلية في العملية السياسية، حيث باتت القبائل تُعتبر شريكًا أساسيًا في أحداث التغيير. وفي حياة التفاعل بين القبائل والسياسة، يتضح أن الحكومات غالبًا ما تجد نفسها مضطرة لاستمالة النفوذ القبلي لدعم انشطتها ومشاريعها. وهذا يعكس أهمية الاندماج بين القبائل وقرارات الحكم، حيث يجب على السياسيين فهم تركيب البنية القبلية وتوجهاتها من أجل تحقيق أهدافهم.
إضافةً إلى ذلك، ينظر إلى القبائل كمرجع أساسي لاستطلاع الرأي العام، مما يمنحها دورًا محوريًا في التفاعلات السياسية. لذا، باتت الدراسات حول القبائل ودورها في السياسة ضرورة لفهم الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في حضرموت واليمن بشكل عام.
الأسرة والموروث الثقافي
تعتبر القبائل في حضرموت إحدى الدعائم الأساسية التي تُشكل النسيج العائلي وتؤثر في الثقافة المحلية. يمثل الانتماء القبلي مصدراً للفخر والهوية، حيث تُعتبر الأنساب والعلاقات العائلية أمرًا محوريًا في حياة الأفراد. تساهم القبائل في تكوين قيم المجتمع من خلال تعزيز مفهوم التعاون والتضامن بين الأفراد، مما يُعزز من تكاتف الأسر وتماسكها.
تنتقل القيم الثقافية والتقاليد بين الأجيال، حيث تُمارس الأسر في حضرموت طقوساً وعادات تُعبر عن الهوية القبلية الخاصة بهم. على سبيل المثال، يمكن أن نجد احتفالات معينة تتعلق بالأفراح والمناسبات الاجتماعية تُبرز الموروث الثقافي للقبيلة، مما يعكس قوة التقاليد في تشكيل هوية الأفراد. تُعتبر هذه التقاليد مصدراً لنقل المعرفة حول العادات والفنون الشعبية، مثل الشعر والموسيقى، التي تُعد جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الحضرمية.
علاوة على ذلك، تلعب القبائل دوراً أساسياً في أمور الزواج والمناسبات العائلية، حيث يُعتبر الزواج بين أفراد من قبائل مختلفة بمثابة وسيلة لتقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز العلاقات العائلية. ينتج عن هذا التعاون القبلي تكوين عائلات قوية ومرتبطة بروابط قوية من المحبة والاحترام. لذلك، فإن الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقات العائلية تُعزز من قوة الموروث الثقافي في حضرموت، مما يحافظ على منظومة القيم والمبادئ التي دامت لسنوات طويلة.
مواضيع ذات صلة: