الشيخ سعد حنتوس .. قصة شيخ صمد أمام ظلام السلالة

في سبتمبر 2014، كانت دار الفرقان للقرآن الكريم بصنعاء – المشهورة باسم “دار حنتوس” – أول هدف تشنه مليشيات السلالة بعد اجتياح العاصمة. لم تكن مجرد مبنىً عاديًا، بل قلعةً للعلم أنارت اليمن لأكثر من نصف قرن، خرَّجت آلاف الحُفَّاظ والعلماء من كل المحافظات، وامتدت فروعها كشجرة طيبة في المدن والأرياف. هذه الدار التي أسسها الشيخ سعد أحمد حنتوس كانت رمزًا للعلم النقي، الذي لم يُنتج سوى رجالٍ بنوا مجتمعاتهم، ولم يلوثوا أيديهم بمال حرام أو دمٍ زكيٍّ.
كيف صنع حنتوس مملكة العلم من لا شيء؟
قصة الشيخ سعد حنتوس لم تُروَ كما تستحق: رجلٌ واحدٌ حوَّل الإيمان إلى مشاريع تنويرية ملموسة. بنى عشرات المؤسسات التعليمية بجهود ذاتية وتبرعات الناس، الذين وثقوا في نزاهته وعطائه. لم يكن دار ريمة الذي اغتيل رائده البارحة – الشهيد صالح حنتوس – سوى حلقة في سلسلة إنجازاته. لقد صنع نظامًا تعليميًا متكاملًا صمد لعقود، وأثمر جيلاً عرف التعايش وقيم الخير، ورفض الانخراط في الصراعات الدموية.
مواضيع ذات صلة: مليشيا الحوثي تستهدف اختطاف النخب والمدنيين في محافظة إب
“عندما يسقط بيتٌ من بيوت الله.. يسقط معه جزء من ضمير الأمة.”
الاجتياح: يوم نهبوا حرمة القرآن
ما إن سيطرت مليشيات السلالة على صنعاء حتى انقضّت على دار حنتوس كالنسور الجارحة:
- نهبوا ممتلكات الدار ومقتنياتها النفيسة.
- صادروا منزل الشيخ الخاص وكل ما يملك، فغادر العاصمة حاملاً أوجاعه إلى مسقط رأسه في ريمة.
- لم يسمع أحد منه شكوى أو اتهاماً، فصمته كان أبلغ شهادة على عظمة روحه.
هذا لم يكن حدثاً معزولاً، بل جزءاً من خطة ممنهجة لـاقتلاع مراكز العلم السني في صعدة وعمران وحجة، وتكريس الجهل كمادة خاضعة لأيديولوجيتهم.
فاجعة ريمة: اغتيال شقيق حنتوس
البارحة، كتبت المليشيات فصلاً جديداً من جرائمها في ريمة:
اقتحمت داراً تابعاً لمشروع حنتوس التعليمي، واغتالت الشهيد صالح أحمد حنتوس شقيق الشيخ سعد وتلميذه الوفي. جريمةٌ أرادوا بها قتل إرثٍ كامل، لكنهم نسوا أن نور العلم لا ينطفئ بالرصاص. في ذات اليوم، ظهر الشيخ سعد في مكة المكرمة مستقبلاً المعزين بقلبٍ أشبه بالجبل، صامداً أمام فقدان شقيقه وضياع عمرٍ من الإنجازات، مثبتاً أن كرامة العلماء أقوى من كل غدر الغادرين.
رسالة من القلب: “منكم نستمد العزاء يا شيخنا”
للشيخ سعد وأسرته نقول:
نستلهم من صبركم قوةً توازي صمود جبال ريمة الشامخة. فاجعتكم هي جُرحٌ في خاصرة كل يمني شريف. لكن ثقوا أن ظلام السلالة زائل، وأن دم الشهيد صالح سيكون شعلةً تُضيء درب الثأر والتحرير. فالظالم مهما علت سطوته، مصيره إلى زوال:
“فأمام كل طاغوتٍ انتقام الأرض قبل انتقام السماء.”
الفرج قريب.. وستعود بيوت القرآن عامرةً بإذن الله، لتُخرّج جيلاً جديداً يحمل راية العلم التي رفعتموها.