القبائل العربية

عشائر الصفايحة المساعيد مساكنهم وتاريخهم

عندما تروي رمال سيناء حكايات البطولة، وتهمس جبال وادي عربة بأسماء العظماء، تبرز عشائر الصفايحة المساعيد كحلقات ذهبية في سلسلة النسب العربي الأصيل. هؤلاء ليسوا مجرد رحّل عابرين، بل حُماة للعرف، وقُضاة في الخصومات، وأصحاب مواقف تناقلها الرواة كأساطير تخلد شرف الصحراء. انحدارهم من سيف المسعودي – الفارس الأسطوري الذي سقط في معركة المُطَيْرية – لم يكن مجرد نسب، بل وصية حملوها: دماء تثأر، وحدود تُحمى، وكرامة لا تُمس. دعونا نكشف النقاب عن فروع هذه العشيرة التي نسجت تاريخًا من الصمود في وجه الظمأ والظلم.


الانقسام الكبير: الحنيكات والشعَّار – جذور الصراع والمجد

تنقسم الصفايحة المساعيد إلى فرعين رئيسيين يشكلان العمود الفقري للقبيلة، كل منهما يحمل روايات تذيب حدود الزمن:

الشعَّار: أسياد المعارك ورواة الدم

ارتبط اسمهم بـ عودة الشاعر، الرجل الذي حوَّل هزيمة محتملة إلى أسطورة في أوائل القرن التاسع عشر:

“حين سقط نصار أبو زور (فارس الغراقين) تحت حوافر خيول السواركة بعد قتله للعيد أبو نوار (أسطورة السواركة)، لم يتردد عودة الشاعر. أطلق رصاصاته كالصواعق، أردى اثنين من الفرسان فوق جثمان نصار، وشتت الباقين. كانت طلقاته نهاية الغزو، وبداية أسطورة جديدة تُروى حول النار”.

هذه الواقعة لم تُكتب في الكتب الرسمية، لكنها عاشت في ذاكرة الأجيال كشاهد على أن الشجاعة تُولد من رحم المأساة.

الحنيكات: سلالة الحكمة والوساطة

ينحدرون من أبو حنيك، حفيد سليمان المجَرِّب المسعودي. اشتهروا ليس فقط بالبسالة، بل بحنكة حل النزاعات. ومنهم انبثقت عشائر مثل الرشيدات (أبناء سلامة أبو رشيدة) والرصايصة (أولاد أبو رصاصة)، الذين حملوا راية المفاوضات في أصعب الأوقات.


الحجوج: عُمد القضاء وحُماة المقدسات

أشهر فروع الصفايحة، ينتمون إلى سليم بن سليمان المجَرِّب. لقب “الحجوج” ارتبط بـ الحاج سلام – القاضي الذي حوَّل خيام البدو إلى محاكم عرفية:

  • قصة الوساطة التاريخية (1885م):
    حين اشتعلت الحرب بين العيايدة والترابين، اختاره نعوم شقير أحد ثلاثة قضاة لحل النزاع. مجرد اختياره كان شهادة بأن “كلمة الحاج سلام تُساوي ألف سيف”.
  • دوره في “غزوة الظموة” (1895م):
    قاد رجال الصفايحة في حملة انتقامية ضد الشرارات، لكن الظمأ كاد يفني الجنود. هنا برزت حكمته في اتخاذ قرار العودة رغم إرادة الثأر، فأنقذ مئات الأرواح.

فروع الحجوج: نسيج من العزّ والريادة

  • عيال أبو حربة والدراوشة: حراس التقاليد.
  • الفريجات: أبناء فريج بن سلام، حملوا مشعل القيادة بعده.
  • أولاد حسين القاضي: ورثة حرفة القضاء.
  • السوالمة والعواودة والعوادات: تشعبت منهم بطون كثيرة، كلها تحمل دم المساعيد.
  • الربايعة والروَّسة: أبطال المعارك الخفية التي لم تُدوّن.

معجزة في الصحراء: أسطورة أبو سدَّانة والينبوع الغامض

خلال “غزوة الظموة” ضد الشرارات، وقع حدثٌ خارقٌ للعادة يرويه نعوم شقير:

“تخلف ثلاثون رجلاً بقيادة أبو سدَّانة (من السدادنة) وهم على وشك الهلاك عطشًا. نام أبو سدَّانة فرأى في الحلم رجلاً يقول: “قم واشرب من مشاش كبد”. عند استيقاظه، سار ست ساعات ليجد ينبوعًا غامضًا أنقذهم جميعًا. هذه المعجزة حوّلت مسار الغزوة، وأصبحت دليلاً على أن السماء تقف مع الصفايحة”.


المطيرات: بين دليل الإنجليزي وسجن الموت

ارتبط اسمهم بالمأساة الأليمة للمرشد مطير بن نصار (مواليد 1812م):

  • دليل المستكشف الإنجليزي بالمر الذي قُتل في سيناء عام 1882م.
  • اُعتقل مع سلامة بن عيد بتهمة التواطؤ، وماتا في السجن قبل المحاكمة.
  • ذكرهم الباحث “موري” في كتابه عن بدو مصر (1935م) كشاهد على ظلم الاستعمار الذي طال حتى الأبرياء.

الخواطرة: الجسر المنسي بين المساعيد والأحيوات

هؤلاء هم بقية الضمادية من المساعيد، حافظوا على هويتهم رغم الاندماج:

  • الدراوشة: ينحدرون من علي بن سرحان “الدرويش” – الرجل الصالح الذي حوّل اسمه إلى لقب قبلي.
  • القطون: حملوا اسم جدهم “ابن قطن” كشاهد على الأصول المسعودية.
  • وجودهم يثبت أن التحالفات القبلية كانت أقوى من حدود الجغرافيا.

الوافدون الجدد: دماء انصهرت في نسيج الأحيوات

الخلايفة: حراس دير سانت كاترين

  • ظن البعض أنهم من “حرب الحجاز”، لكن وثائق دير سانت كاترين (القرن 16م) تثبت أنهم فرع أصيل من الأحيوات.
  • تولوا حراسة درب الحاج والدير، وتلقوا “الصُرَّة” (أجرًا) من الحكومة المصرية.
  • شيوخهم مثل قاسم بن مصلح وسليمان بن قاسم كانوا أعمدةً في حكم العرف.

القواظمة: دماء ثائرة في واقعة الهد

  • انحدارهم من “حرب الحجاز” لم يمنعهم من الانخراط بشراسة في معارك الأحيوات.
  • سليمان بن عبد الله أبو قاظوم سقط في “واقعة الهد” (1885م) ضد بني عطية، فثار ابنه فرج وقتل زعير العطوي في وادي عربة – ثأرًا كتب بحروف من دم.

القريات والهواشلة والدراملة: أصول متشابكة، مصير واحد

  • القريات (من بلِّي) شاركوا في “واقعة ودعات” (1873م)، وسقط رفيع بن سالم شهيدًا.
  • الهواشلة (من مُزينة) حملوا اسم هويشل الذي “هشل” (أي أسرع) لنجدة الخواطرة.
  • الدراملة (من بلِّي) دافعوا عن الأحيوات ضد التياها ببسالة.

لماذا هم “الحراس المنسيون”؟ إرث يتحدى النسيان

عشائر الصفايحة المساعيد لم تُدوّن سيرهم في الكتب الرسمية، لكن حضورهم ظلّ قويًّا عبر:

  • القضاء العرفي: مثل الحاج سلام الذي حكم بين قبائل متناحرة.
  • الحدود والحمى: دافعوا عن وادي عربة في الجلسات السياسية (مثل 1931م).
  • حماية التراث: نقلوا الشعر النبطي (كأشعار عودة الشاعر) كوثائق حية.
  • الصلات الروحية: مزاراتهم المنتشرة من سيناء إلى الأردن شواهد على قداسة المكان.

تقول الحكمة البدوية: “القبيلة التي تنسى أصلها، كالشجرة بلا جذور”. الصفايحة المساعيد – بفروعهم من الحنيكات إلى الشعَّار، ومن الحجوج إلى الخواطرة – يثبتون أن جذورهم ممتدة في عمق التاريخ، وأن دماء سيف المسعودي لا تزال تجري في عروق رجال يحرسون شرف الصحراء حتى اليوم. هم حراس الذاكرة، وهم أنفسهم الذاكرة الحية التي تروي لنا: أن البطولة ليست حدثًا عابرًا، بل إرثًا يُورث.

مواضيع ذات صلة:

قبيلة بني خالد قبائل الكويت الهوله وش يرجعون
شجرة مطيررمز قبيلة مطيرفخوذ العتبان
قبيلة العجمان قبائل الدواسرالعبدلي وش يرجع 
غامد الهيلا قبيلة عتيبة قبائل نجد 
رمز قبيلة غامد قبيلة العجمينسب قبيلة حرب 
قبيلة غامد انسابها وديارهافخوذ قبيلة جهينة نسب قبيلة جهينة 
الحراجين وش يرجعون المطرفي وش يرجع قبيلة بلقرن 
قبيلة الغياثي قبيلة بني مهدي قبيلة يام الهمدانية
الجرفالي وش يرجعقبيلة هذيلاكبر قبائل الجنوب
قبيلة بني مالك قسرقبيلة شهرانالبقوم وش يرجعون
قبيلة اكلب وش ترجعشجرة قبيلة الاشراف كاملةقبيلة بلي نسبها وفروعها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock