شجرة قبيلة الأحيوات العريقة

يناقش هذا المقال شجرة قبيلة الأحيوات التي تنتمي إلى قبيلة المساعيد العدنانية العريقة، ففي قلب صحراء سيناء ونجد والحجاز، تبرز قبيلة الأحيوات المسعودية كشاهد حي على عراقة النسيج القبلي العربي وتشابكاته المعقدة عبر القرون.

إن فهم تفرعات هذه القبيلة الكبيرة ليس مجرد رحلة في شجرة النسب، بل هو غوص في أعماق التاريخ الاجتماعي والصراعات والتحالفات التي شكلت وجه المنطقة. ينقسم الأحيوات، الذين ينتمون إلى قبيلة المساعيد العدنانية الأصيلة، إلى قسمين رئيسيين كبيرين يشكلان العمود الفقري لهذه الكتلة البشرية الممتدة: الشوافين والصفايحة، بالإضافة إلى بطون أخرى ساهمت في تشكيل خريطة القبيلة

أولاً: شجرة قبيلة الأحيوات الشوافين

يشكل الشوافين، وهم أولاد سعد صادق الوعد (المعروف أيضًا بجيد الوعد) بن علي بن معلَّى المسعودي، القسم الأكبر والأكثر شهرة وتأثيرًا في قبيلة الأحيوات. لقد اكتسبوا اسمهم هذا من جدهم علي الملقب “بشوفان”.

يمتد نسل الشوافين وينتشر في أرجاء متفرقة من سيناء وشمال الحجاز وجنوب الأردن، محافظين على نسيج اجتماعي متماسك رغم اتساع الرقعة الجغرافية.

ينقسم الشوافين بدورهم إلى ثلاثة فروع رئيسية متجذرة في التاريخ، تشكل هذه الفروع شجرة قبيلة الأحيوات فرع الشوافين، ولكل منها عشائره وفخوذه المميزة ورواياته الخاصة:

1. الحمدات: أبناء حمد بن سعد وجذورهم الضاربة

ينتسب الحمدات إلى حمد بن سعد صادق الوعد بن علي بن معلَّى المسعودي. وهؤلاء هم الفرع الاول من شجرة قبيلة الأحيوات السواقين، ولقد شكلوا عبر التاريخ كتلة بشرية ضخمة وفرسانًا مشهودًا لهم بالشجاعة، وتميزوا بتنوع فخوذهم واتساع مناطق نفوذهم. يتفرع الحمدات إلى عدة عشائر رئيسية تحمل في طياتها قصصًا من البطولة والنزوح والتحالفات:

• الطوَّال: حكايات السداح والبداري والنشاري
  يعتبر الطوال من أقدم الفروع الحمداتية، واسمهم يحمل دلالة على طول القامة أو المكانة. اشتهر منهم سدَّاح الطويل، فارس مغوار خلده تاريخ الأحيوات بأغاني الحداء بعد أن قتل طعيمة، شيخ قبيلة العليقات، قبل قرنين من الزمان تقريباً. تنقسم سلالة الطوال إلى عدة فروع حافظت على حضورها رغم تقلبات الزمن:
  • البدارة (البداري): ملحمة رباع البدري وأرض السقي. ترجع أصول البدارة إلى قصة مؤثرة. فقد عاش رجل من الطوال في العقبة مع ابنه الملقب بالبدري يعملان في صيد السمك. بعد وفاة الأب، انتقل البدري بابنه ربَّاع إلى وادي قصيب جنوبي وادي أبو مغرة. وذات يوم، حاول أحد أفراد العليقات انتزاع قدر نحاسي من ربَّاع بالقوة، فما كان من الأخير إلا أن قتله دفاعًا عن ملكيته. هرب ربَّاع حاملاً أباه العاجز عبر وديان سيناء الوعرة، متجنبًا مطاردة العليقات، حتى وصل إلى منطقة السقي في بلاد العجمة عند عرب العيايدة. هناك استقر وتزوج منهم، فأصبح أبناؤه وأحفاده يُعرفون بالبدارة، تيمنًا بالجد البدري. اتخذ البدارة وسم الأحيوات (الحنيك على الفك السفلي للبعير) ووسم العيايدة (المحلة H على ورك البعير). ظلوا في منطقة سقي البدارة (وادي العريش) بعد ارتحال العيايدة شمالاً، وصنعوا الرحايا السقاويات الشهيرة. واجهوا لاحقًا نزاعًا مع قبيلة التياها عام 1936م على أراضيهم الزراعية في منطقة بارود العيايدة (مقبرة قديمة)، فاستنجدوا بالأحيوات في وادي الحبسي، وتدخل الحاج عتيق بن الويفي شيخ العواودة لفض النزاع وكف أطماع التياها. يقيم البدارة اليوم في جنوب بلاد التيه (يرقا، المالحة، أبو متيقنا، حجية، البربري، وادي السقي) بسيناء، وعدد بيوتهم قليل (حوالي 200 بيت، نصفهم في سيناء). فخوذهم تشمل: الحوامدة، الدلاوي، الزريقات، الظقيطات، العرابدة، القطيفات، الوطوط (وهم من المساعيد أصلاً). كانت لهم مزارع في منطقة العمرو شمال شرق سيناء. وتذكر الروايات منافسة شعرية (دحية) بين أحد البدارة (الدلاوي) ورجل من الملالحة تدل على مكانتهم.
  • الدغاجنة: فرسان المعارك والارتحال. عرف الدغاجنة بالشجاعة، ويذكر التاريخ مقتل محمد الدغنجة على يد بني عطية (المعازة) في واقعة عام 1840م انتصر فيها الأحيوات (كما أورد نعوم شقير). يقيم معظمهم اليوم في الأزرق شمالي الأردن ويبلغون أكثر من 30 بيتاً.
  • النْشِّرَة: قصة النجاة والاندماج. تروي حكايات الأحيوات أن مرض الخراقي (الكوليرا) أهلك فرعًا من الطوال في منطقة البحير على ساحل خليج العقبة، ولم ينج إلا طفل صغير تكفله رجل حضري. مر بهم خضر الهلولي من الخمايسة (بني عطية – المعازة) في طريقه من مصر إلى وادي عفال (شمال غرب السعودية)، فأخذ الطفل ورباه بين قومه. نشأ الفتى (الطوَّال الأحيوي) بين بني عطية. وفي حادثة لاحقة، بينما كان معظم الخمايسة في غزو، تعرضت ديارهم في عفال لسلب. استصرخ الطوَّال الأحيوي القلة المتبقية وخطط لهم، حيث أمرهم بالانتشار في وادي الأبيض وإطلاق النار من اتجاهات متعددة ليبثوا الرعب في نفوس الغزاة، مما أفزعهم وأجبرهم على الفرار وترك المسروقات. منحه بنو عطية لقب “النشاري” (من الانتشار) تقديرًا لذكائه وشجاعته، وزوَّجه خضر الهلولي من ابنته حسينة، فأنجب منها سبعة أولاد أصبحوا أجداد فخذة “النْشِّرَة”. يحملون وسم الأحيوات (الحنيك) ووسم بني عطية (الدارع – مطرق عمودي على الذراع). رغم أن بعض المصادر (مثل بيك باشا وحمد الجاسر) عدتهم ضمن الخمايسة من بني عطية، وذكرهم الرحالة قلبي (قائلًا: دليلنا زيد من النشارة التابعة لبني عطية)، وكذلك القثامي العتيبي، إلا أن أصولهم الأحيواتية ثابتة. يقيم فريق منهم اليوم في جبل اللوز (شمال غرب السعودية – ارتفاع 2098 قدم)، وفريق آخر في الديار المصرية (القصاصين، التل الكبير، الكوع بالشرقية). فخوذهم تشمل: الربايعة، السرايعة، الظوَّة، العليات، الفراحين، المعالية.
• العواودة: نسل عواد وأساطير الشجاعة والصلح
  ينسب العواودة إلى جدهم عواد الحمدي الأحيوي المسعودي. معظم العواودة الحاليين هم من سلالة اسليم بن فراج بن عواد، باستثناء فرع الفراحين الذي حافظ على اسم العواودة وهم من سلالة فرحان بن عواد. تروي الحكايات قصة مشهورة عن شجاعة اسليم بن فراج. فقد كان يرعى على ماء المهتدي (شرقي وادي عربة) التابع للدغاجنة من الأحيوات، برفقة ابن عمار الخضيري من الحويطات. عندما منع ابن عمار غنم الأحيوات من الورود بحجة وجود غنم الخضيرات، هاجمه اسليم بن فراج. تدخل ابن عمار بطلب “حد الله” (الصلح) فتراجع اسليم. لاحقًا، زار ابن عمار الشيخ الخليفي الأحيوي وكذب عليه قائلاً إن اسليم جبن منه، مما أثار غضب الخليفي وأهان اسليم لاحقًا عند زيارته. عندما علم اسليم بالسبب، هاجم ابن عمار الخضيري وأصابه إصابات بالغة، ثم ارتحل بإبله جنوبًا إلى بني عطية في الحجاز هربًا من العواقب. ظل ابن عمار يتعالج عامًا كاملاً. في غضون ذلك، تزوج اسليم ثلاث نساء من بني عطية: سليمية (من السليمات)، سعيدانية (من السعيدانيين)، مزيدية (من المزايدة). تم لاحقًا فض النزاع بين اسليم وابن عمار، وفرضت عليه دية قدرها 40 بعيرًا، رفضها أولاً ثم قبل بدفع نصفها (10 رباعيات و10 رباع). عاد اسليم لقومه وتزوج امرأة رابعة من الدغاجنة الأحيوات. نتج عن هذه الزيجات:
  • الدغجنية: أنجبت حمد، وعقبه ابن مسعود.
  • السعيدانية (بني عطية): أنجبت هليل (جد الهلايلة) وراشد (جد الرواشدة – انقرضوا).
  • المزيدية (بني عطية): أنجبت عيد (جد القبالين – انقرضوا).
  • السليمية (بني عطية): أنجبت عنيق (جد العتايقة).
    وهكذا، فإن السلالات الباقية من اسليم بن فراج هي: الهلايلة، العتايقة، بالإضافة إلى ابن مسعود (بنو مسعود بن حميد بن مصلح… إلخ)، والعواودة (بقية الفراحين من فرحان بن عواد).
• الكبيشات: السدادحة وأسماء متجددة
  يشمل اسم الكبيشات الفروع الأخرى من الحمدات وأقاربهم. يرجع أصولهم إلى سدَّاح الطويل القديم، المعروفين أعقابه بالسدادحة، ثم اختفى الاسم لصالح أسماء جديدة. عند إعدادهم طعام التصدق على أرواح الموتى، يهبون أجره للسدادحة. فخوذهم تشمل:
  • الدلايلة: نسبهم إلى دلال. سُمّوا نسبة إلى جدتهم دلال العوادية من الحمدات، التي ترملت وتربت طفلها الوحيد الملقب بابن دلال، فأصبح أعقابه الدلايلة. يجمعهم جدهم حميد الذي تزوج من بني علي بن سعد الكبيش. شارك حميد بن دلال في حرب الأحيوات ضد التياها في النصف الأول من القرن التاسع عشر. اندثرت عائلات قديمة متصلة بهم مثل الكيايلة (ومنهم حسن أبو كيلة الذي تحدث عن تسعة أجداد بين الدلايلة والكبيشات) والمدني. من فخوذهم الحالية: الجوازية (نسبة إلى أمهم جازية القاظومية، زوجة سلامة بن دلال السابقة، وأم سليمان بن جازية جدهم).
  • العشيان: جدهم الأعشى. سُمّوا لأن جدهم كان أعشى (كفيف البصر). عاصر الأعشى حجاج جد السلاميين. ذكر نعوم شقير وفاته قبل ثمانية أجياد. اشتهروا باستمرار غاراتهم ضد السواركة شمال سيناء حتى بعد اتفاقية الصلح العام، حيث استثنيت فخذتهم وفخذ أبو الدياك من السواركة. كان رعاة السواركة يدعون على إبلهم العنيدة “جعلكي بالعشى” أو يخاطبونها “انتي بتشوفي الأعشى في الماء!؟” عند امتناعها عن الشرب.
  • العمَّرة والقرينيون: أخوة متخاصمون. كان جداهم أخوين اختلفا. فقال أحدهما للآخر: “زوج أقرن” فسُمي القريني. فرد الآخر: “زوج عمَّر” فسُمي أبو عمر، فأصبحا جد العمَّرة والقرينيين على التوالي. هم أقرب نسبًا للكبيشات من الدلايلة. من أشهر جدودهم سويلم أبو عمر (نُسبت إليه حفنة سويلم في وادي عربة، رغم إنكار الكرادمة ذلك ونسبتها لسويلم بن سعد الأقدم). سكنوا قديمًا ساحل خليج العقبة في بلاد القورة، واشتهر سالم بن سويلم بقوله: “لا تحسبونا طوَّرة … حِنَّا كبيشات وعمَّرة” مؤكدًا هويتهم الأحيواتية.
  • الكبيشات: سلالة سعد بن عبد الكبيشي. تزوج سعد من امرأة قرعانية (حويطات) فأنجب علي (عقبه بيت واحد) وعليان. أنجب عليان أربعة: مسمح (جد المسامحة)، عودة (جد العودات)، حسين (جد الحسينات)، عيد (أنجب سعد وعتيق جد العتايقة). من أبرزهم عودة بن علي الذي قُتل في واقعة “الهُّد” بالعقفي عام 1885م (ذكرها شقير)، ومسمح بن عليان شيخ الحميدات في زمانه الذي كان يتسلم “الصُرَّة” (المعونة) من مصر في عهد كرومر، وكانت دركته من قلعة النويبع إلى العقبة. لهم تاريخ حافل.

2. الكرادمة: أبناء سويلم بن سعد وفرسان الحماية

ينتسب الكرادمة إلى أولاد سويلم بن سعد صادق الوعد بن علي بن معلَّى المسعودي، واسمهم مأخوذ من جدهم كريدم. اشتهروا بشجاعتهم الفائقة وهم فرسان قبيلة الأحيوات المعدودين. يضرب بهم المثل في الحماية والتضحية، حيث يُروى عن ابن كريدم أنه كان يتأخر في مؤخرة ركب الأحيوات أثناء الغزو لصد المطاردين، ويقفز عن بعيره ثلاث مرات لمواجهتهم وإعطاء قومه الوقت للفرار بالغنائم، مما أكسبه (وذريته من بعده) حق “ثلاث نقزات في العقابة” أي ثلاث طيات إضافية من لحم البعير عند التقسيم. قولتهم الشهيرة “عادتك يا بن كريدم” تختصر هذه البطولة. ينقسمون إلى عدة فروع بارزة:

• الحواوتة: صيادو البحر وحُفاظ العلم. سُمّوا لأن جدهم كان “حوَّات” (صياد سمك). لهم تاريخ عريق ومشاركات قوية مع قومهم. من آثارهم مقبرة “مجنّة” على مرتفع في الفحَّام شمال شرق الكنتلة بوسط سيناء. عُرف جدهم الحوَّات بأنه “جيَّاب علوم” يقدم النصح المفيد في شؤون الغزو والحرب. فخوذهم: الحسنات، الرضيمات، أولاد سالم، الفريجات.
• الرمامنة: انبثاق من الحواوتة وقصة رمَّانة. انبثقوا قديمًا من الحواوتة. سُمّوا لأن جدهم كانت له ابنة ولدت “برمَّانة واحدة” (ثدي واحد)، فلقب أبوها بأبي رمانة وعُرف أعقابه بالرمامنة. ذكرهم نعوم شقير وأشار إلى مقتل حسانين النبعات (ابن الرمان الأحيوي) على يد الفرنسيين (الفرنسيس) ودفنه بحسنة عام 1212 هـ تقريبًا (أثناء الحملة الفرنسية على مصر وفلسطين). من مناطقهم وادي أبو رمانة (غربي بلاد التيه)، طور الرمامنة (شرقي التيه في النقب)، طور الرمانة (جنوب شرق التيه). فخوذهم: أولاد سعيد، أولاد سليمان.
  • ملاحظة على الربيقات: كانوا فرعًا قديمًا من الحواوتة، وكان الربيقي شيخهم. من آثارهم مرابط خيول في الردادي (شمال غرب رأس العقبة) ورأس مجيحيد (غربي العقفي). آلت حديقة نخل لهم في العقبة إلى النجادات من حويطات الجازي بسبب رهن. كانت حقوق الحواونة والرمامنة متساوية في الربيقة. توجد رواية غير مؤكدة عن بقاياهم في مساعيد البدع بالسعودية.
• الكرادمة الأساسيون (ذرية كريدم): هم صلب هذا الفرع وفيهم الفروع التالية:
  • الرتيمات: بنو رتيمة بن سالم بن عودة أبو تلبانة الكريدمي. كانوا يعرفون سابقًا بالتلابنة (نسبة لأبي تلبانة).
  • الرواشدة: بنو راشد بن سلَّام بن عبد (من ذرية محسن بن كريدم). كانوا يعرفون سابقًا بأولاد عيد (نسبة لعيد بن كريدم). من أعلامهم المهندس علي بن فريج بن راشد رئيس المجلس المحلي لشمال سيناء سابقًا.
  • أولاد سالم: بنو سالم بن سليمان (من ذرية محسن بن كريدم). فخوذهم: أولاد سالم، أولاد عيد. ومنهم تفرع المحاسنة (بنو محسن بن عيد سالم).
  • الصوالحة: بنو صالح بن اسليم بن صالح (من ذرية محسن بن كريدم). فرع صغير.
  • العمّاوية: سموا لأن جدهم لويفي كان أعمى (من ذرية كريدم).
  • المطرات: سلالة مطر بن كريدم. منهم فخذ الفريجات (صغير).
  • المقابلة: سلالة مقبل بن كريدم. فرع قديم وصغير.

3. الشوافين كاسم شامل: أولاد غانم وعشائرهم

يشمل اسم الشوافين، في معناه الأوسع، جميع أولاد سعد صادق الوعد (أي الحمدات والكرادمة) لتمييزهم عن الصفايحة. لكنه يُطلق أيضًا بشكل خاص على الفرع الثالث من أولاد سعد، وهم بنو علي (شوفان) بن سعد. ينقسم هؤلاء الشوافين (الخاصين) إلى قسمين رئيسيين هما أولاد غانم، وفيهم عشائر: الخناطلة، الكساسبة، أولاد حمد، الرضاوين، الغياثين، النجمات. (يُفصَّل عنهم أكثر في الأقسام الكاملة للشوافين).

ثانياً: الصفايحة – القسم الثاني المهم من الأحيوات

يمثل الصفايحة القسم الثاني الأساسي من قبيلة الأحيوات، مكملين بذلك الصورة الكاملة للتكوين القبلي. وكما هو حال الشوافين، فإن للصفايحة تاريخهم الغني وتفرعاتهم العميقة التي تستحق التفصيل. ينقسم الصفايحة بدورهم إلى فروع رئيسية وعشائر متعددة، لكل منها نسيجها الاجتماعي ومواقعها الجغرافية المميزة في سيناء وما حولها. لعب الصفايحة أدوارًا مهمة في التحالفات القبلية والأحداث التاريخية للمنطقة، وساهموا في تشكيل التراث الثقافي والاجتماعي للأحيوات ككل. سنتناول في القسم التالي تفصيلاً شاملاً لعشائر الصفايحة وفخوذهم، ورواياتهم، وأبرز شخصياتهم، وانتشارهم الجغرافي، لتكتمل الصورة عن هذا القسم الحيوي من قبيلة الأحيوات العريقة.

ثالثاً: بطون الأحيوات الأخرى – إثراء التنوع القبلي

إلى جانب القسمين الرئيسيين، الشوافين والصفايحة، تضم قبيلة الأحيوات بطونًا وعشائر أخرى ساهمت في إثراء نسيجها الاجتماعي وتعزيز حضورها في المنطقة. هذه البطون، وإن كانت قد لا تكون بنفس الحجم أو الانتشار الواسع للقسمين الأساسيين، إلا أنها تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية الأحيوات وتاريخهم. لكل من هذه البطون قصتها الخاصة، وجذورها، وفخوذها، ومساهماتها في الحياة القبلية والأحداث الجسام التي مرت بها المنطقة. سنستعرض في الأقسام اللاحقة أبرز هذه البطون، مثل (يُذكر هنا أسماء بطون أخرى واردة في النص الأصلي كالسلاميين وغيرهم، مع تفصيل مختصر لكل)، موضحين صلاتها بالقسمين الرئيسيين ومواقعها ودورها، ليلمس القارئ التنوع الغني والتراث المعقد الذي تتمتع به قبيلة الأحيوات.

الخاتمة: الأحيوات.. نسيج حي من التاريخ والانتماء

لا يمثل التقسيم الدقيق لفروع قبيلة الأحيوات مجرد تمرين أكاديمي في علم الأنساب، بل هو كشف للطبقات العميقة من التاريخ الاجتماعي والسياسي الذي صاغ وجه صحراء سيناء وشمال الحجاز وجنوب الأردن على مدى قرون. إن قصة الشوافين والصفايحة والبطون الأخرى، مع حكايات فرسانهم مثل سداح الطويل ورباع البدري واسليم بن فراج وابن كريدم، ومعاركهم ضد التياها والسواركة والعليقات وبني عطية، وهجراتهم من العقبة إلى وادي قصيب إلى السقي إلى جبل اللوز، واصطباغهم بوسوم الإبل المميزة، كلها تشكل تراثًا حيًا. هذا التراث ليس ملكًا للأحيوات وحدهم، بل هو جزء أصيل من الذاكرة الجماعية للبدو في هذه البقعة المهمة من العالم العربي. إن فهم تفاصيل هذه الفروع وعمق جذورها واتساع انتشارها هو فهم لحركة التاريخ البشري في مواجهة التحديات الجغرافية والسياسية، وقدرة المجتمعات على الحفاظ على هويتها وتنظيمها الاجتماعي رغم كل العواصف. تبقى قبيلة الأحيوات، بشوافينها وصفايحها وبطونها، شاهدًا حيًا على عراقة الأصل وقوة الانتماء وثراء التنظيم القبلي العربي.

مواضيع ذات صلة: