يستعرض هذا المقال شجرة بني عبس ، وتُعدّ قبيلة بنو عبس إحدى البطون العريقة والنافذة المنحدرة من قبيلة غطفان العربية القيسية العدنانية، التي استوطنت منطقة اليمامة في قلب الحجاز. ينتسب بنو عبس إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن نزار بن معد بن عدنان، مما يضعهم في صميم النسيج القبلي العربي الأصيل.
اعلام من شجرة بني عبس
تبوأت بنو عبس مكانة مرموقة ونفوذاً واسعاً في محيطها، لا سيما بعد أن تولى زهير العبسي إمارة اليمامة، التي كانت بمثابة حاضرة نفوذهم، وذلك بتعيين من الملك قيس الكندي. وقد أنجبت هذه القبيلة عبر تاريخها ثلة من الرجال الأفذاذ الذين حفروا أسماءهم بأحرف من نور في سجلات التاريخ، سواء في ميادين الفروسية وساحات الوغى، أو في رحاب الشعر والأدب. من بين هؤلاء الأعلام يبرز الفارس الشجاع عنترة بن شداد، والشاعر المرهف عروة بن الورد، بالإضافة إلى قصة الحب الخالدة بين عنترة ومحبوبته عبلة.
لقد أظهر شعراء بني عبس براعة فائقة وإتقاناً فريداً في نظم الشعر وقوافيه، وبرزت معلقاتهم وأبياتهم الشعرية باسترسالها وجمالها. وكان لحضورهم في سوق عكاظ، الذي كان يقام في مدينة الطائف، وهجاً لافتاً يعكس مكانتهم الأدبية الرفيعة.
عندما أشرقت شمس الإسلام، كان لبني عبس السبق في إدراك نوره واعتناقه. فكان من بين أبنائها العديد من الصحابة الكرام الذين نالوا شرف الصحبة، من أبرزهم خالد بن رباح، وبلال بن رباح المؤذن، وميسرة بن مسروق، والصحابي الجليل حذيفة بن اليمان صاحب السر، بالإضافة إلى سمية بنت حياط أول شهيدة في الإسلام. وقد شارك العديد من صحابة بني عبس في معارك فاصلة في تاريخ الإسلام كالقادسية واليرموك، وأبلوا بلاءً حسناً في فتوحات أنطاكية وأرمينيا، مُظهرين شجاعة وبسالة منقطعة النظير. كما شهد بعضهم غزوة بدر الكبرى واستشهد منهم ثلة، وكان لبعضهم شرف حضور حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم.
هل الرشايدة من عبس
وفي العصور اللاحقة، أُجريت العديد من الدراسات والتحقيقات لتحديد امتدادات قبيلة بني عبس وأحفادها في العصر الحديث. وقد كشفت هذه الجهود عن أن قبيلة الرشايدة والرشيد (الزول) في دولة الكويت تعود بأصولها إلى بني عبس وتندرج تحت فروع شجرة بني عبس. حيث تُعدّ إحدى بطونها. وقد انتشر أبناء هذه القبيلة في مناطق واسعة، فمنهم من بقي في شبه الجزيرة العربية موطنهم الأصلي، وامتد تواجدهم ليشمل مصر وليبيا والمغرب العربي والسودان. كما استقر جزء منهم في اليمن، وتحديداً في منطقة الأعبوس في تعز، حيث يُعرفون بلقب “العبسي”.
ووفقاً لرأي الباحث والخبير في أنساب العرب الدكتور محمد الجاسر المزيني، تتفرع قبيلة بني عبس والرشايدة إلى قبائل رئيسية هي: العونة، والعجارمة، والصياد.
لقد تميز بنو عبس بصفات أصيلة عُرفت بها العرب، كالبأس والشجاعة والكرم والأصالة. وحافظ أسلافهم على الأخلاق العربية الحميدة، وبرعوا في نظم الشعر وأوزانه، وكانوا يحرصون في كل مناسبة على التفاخر بنسبهم العريق.
إن تاريخ بني عبس حافل بالإنجازات والمآثر التي تركت بصمات واضحة في تاريخ العرب، وما زال إرثهم حياً وشاهداً على عراقة هذه القبيلة وأصالتها.
مواضيع ذات صلة:
