حساسية اللاكتوز عند الرضع (Lactose Intolerance in Infants)
مقدمة:
عدم تحمل اللاكتوز هو حالة تحدث عندما يواجه الجسم صعوبة في هضم اللاكتوز، وهو السكر الرئيسي الموجود في الحليب ومنتجات الألبان. يحدث هذا بسبب نقص إنزيم اللاكتاز الذي تنتجه الأمعاء الدقيقة، وهو الإنزيم المسؤول عن تكسير اللاكتوز إلى سكريات أبسط (الجلوكوز والجالاكتوز) يمكن امتصاصها بسهولة في مجرى الدم.
الفرق بين حساسية الألبان وعدم تحمل اللاكتوز:
من المهم التمييز بين حساسية الألبان وعدم تحمل اللاكتوز. حساسية الألبان هي رد فعل مناعي لبروتينات الحليب، بينما عدم تحمل اللاكتوز هو مشكلة في الجهاز الهضمي ناتجة عن نقص إنزيم اللاكتاز. أعراضهما قد تتشابه ولكن آليتهما مختلفة تمامًا. حساسية الألبان يمكن أن تكون خطيرة وتسبب ردود فعل تحسسية تهدد الحياة، بينما عدم تحمل اللاكتوز يسبب أعراضًا هضمية غير مريحة ولكنه غير مهدد للحياة.
أنواع عدم تحمل اللاكتوز عند الرضع:
- عدم تحمل اللاكتوز الخلقي (Congenital Lactase Deficiency): هذه حالة وراثية نادرة جدًا حيث يولد الرضيع مع نقص كامل في إنتاج إنزيم اللاكتاز. يتطلب هذا النوع تدخلًا طبيًا فوريًا ونظامًا غذائيًا خاليًا تمامًا من اللاكتوز مدى الحياة.
- عدم تحمل اللاكتوز الأولي (Primary Lactose Intolerance): هذا النوع نادر أيضًا في الرضع الصغار وعادة ما يظهر في الأطفال الأكبر سنًا والبالغين. يحدث بسبب انخفاض تدريجي في إنتاج إنزيم اللاكتاز مع التقدم في العمر.
- عدم تحمل اللاكتوز الثانوي أو المؤقت (Secondary or Transient Lactose Intolerance): هذا هو النوع الأكثر شيوعًا عند الرضع. يحدث نتيجة تلف في بطانة الأمعاء الدقيقة، غالبًا بسبب عدوى فيروسية مثل التهاب المعدة والأمعاء (الناجم عن الفيروس العجلي – Rotavirus هو سبب شائع). يمكن أن يؤدي هذا التلف إلى انخفاض مؤقت في إنتاج إنزيم اللاكتاز. قد يحدث أيضًا بعد استخدام المضادات الحيوية لفترة طويلة أو بسبب حساسية لبروتين حليب البقر غير IgE بوساطة.
- عدم تحمل اللاكتوز التنموي (Developmental Lactose Intolerance): يصيب الأطفال الخدج (الذين ولدوا قبل الأوان) لأن أمعائهم الدقيقة قد لم تتطور بشكل كامل لإنتاج كمية كافية من إنزيم اللاكتاز. عادة ما يتحسن هذا مع نمو الطفل.
الأعراض:
عادة ما تظهر أعراض عدم تحمل اللاكتوز عند الرضع في غضون 30 دقيقة إلى ساعتين بعد تناول الحليب أو منتجات الألبان وقد تشمل: - إسهال مائي ورغوي.
- انتفاخ البطن.
- غازات مفرطة.
- ألم أو مغص في البطن.
- تهيج وسلوك غير مستقر أثناء الرضاعة.
- عدم اكتساب الوزن بشكل جيد في الحالات الشديدة والمستمرة.
- طفح جلدي في منطقة الحفاض (بسبب تهيج الجلد الناتج عن البراز الحمضي).
- قد يكون هناك أحيانًا مخاط أو آثار دم في البراز.
- التقيؤ (أقل شيوعًا ولكنه ممكن).
التشخيص:
إذا اشتبه في إصابة الرضيع بعدم تحمل اللاكتوز، فمن المهم استشارة الطبيب للحصول على تشخيص دقيق واستبعاد الحالات الأخرى مثل حساسية الألبان. قد تشمل طرق التشخيص ما يلي:- التاريخ الطبي والفحص البدني: سيقوم الطبيب بمراجعة أعراض الرضيع وتاريخه الغذائي.
- يوميات الطعام والأعراض: قد يطلب الطبيب من الوالدين تتبع طعام الرضيع والأعراض التي تظهر.
- اختبار استبعاد اللاكتوز (Lactose Elimination Test): يتضمن إزالة جميع مصادر اللاكتوز من غذاء الرضيع (أو غذاء الأم المرضعة إذا كان الرضيع يعتمد على الرضاعة الطبيعية) ومراقبة تحسن الأعراض.
- إعادة إدخال اللاكتوز (Lactose Challenge): بعد تحسن الأعراض، قد يتم إعادة إدخال اللاكتوز تدريجيًا تحت إشراف الطبيب لمراقبة عودة الأعراض، مما يؤكد التشخيص.
- اختبار حموضة البراز (Stool Acidity Test): يمكن أن يشير البراز الحمضي (انخفاض درجة الحموضة) إلى سوء امتصاص اللاكتوز حيث يتم تخميره بواسطة البكتيريا في الأمعاء الغليظة، مما ينتج أحماضًا.
- اختبار المواد المختزلة في البراز (Reducing Substances in Stool): يكشف هذا الاختبار عن وجود الجلوكوز في البراز، مما يشير إلى وجود لاكتوز غير مهضوم.
- اختبار تنفس الهيدروجين (Hydrogen Breath Test): هذا الاختبار أكثر شيوعًا في الأطفال الأكبر سنًا والبالغين. يقيس كمية الهيدروجين في النفس بعد تناول اللاكتوز. زيادة الهيدروجين تشير إلى عدم هضم اللاكتوز.
العلاج والتدبير:
يعتمد علاج عدم تحمل اللاكتوز عند الرضع على نوع وشدة الحالة: - عدم تحمل اللاكتوز الخلقي: يتطلب نظامًا غذائيًا خاليًا تمامًا من اللاكتوز مدى الحياة، باستخدام تركيبات خاصة خالية من اللاكتوز. قد تحتاج الأمهات المرضعات إلى إضافة قطرات اللاكتاز إلى حليب الثدي المعبر عنه لمساعدة الرضيع على هضمه. لا ينصح باستبعاد اللاكتوز من النظام الغذائي للأم المرضعة في هذه الحالة.
- عدم تحمل اللاكتوز الأولي: نادر في الرضع.
- عدم تحمل اللاكتوز الثانوي أو المؤقت:
- عادة ما يتحسن من تلقاء نفسه مع تعافي بطانة الأمعاء الدقيقة. قد يستغرق ذلك عدة أسابيع (6-8 أسابيع بعد التهاب المعدة والأمعاء).
- خلال فترة التعافي، قد يوصي الطبيب بتقليل كمية اللاكتوز في غذاء الرضيع باستخدام تركيبات قليلة اللاكتوز أو خالية من اللاكتوز لفترة قصيرة (1-4 أسابيع).
- بالنسبة للرضع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، غالبًا ما يُشجع على الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لأن حليب الثدي يحتوي على اللاكتوز، ولكن قد يتمكن بعض الرضع من تحمل كميات صغيرة منه. في حالات الأعراض الشديدة، قد يوصي الطبيب بتقليل مؤقت لكمية الرضعات أو استخدام قطرات اللاكتاز.
- يجب إعادة إدخال الحليب القياسي أو حليب الأم تدريجيًا بمجرد تحسن الأعراض.
- عدم تحمل اللاكتوز التنموي: عادة ما يتحسن مع نضوج الجهاز الهضمي للرضيع الخديج.
ملاحظات هامة: - الرضاعة الطبيعية مدعومة: حليب الثدي هو أفضل غذاء للرضع، وحتى في حالات عدم تحمل اللاكتوز الثانوي، قد يتمكن بعض الرضع من تحمل كميات منه. استشارة الطبيب ضرورية لتحديد أفضل مسار للعمل.
- التركيبات الخالية من اللاكتوز: تتوفر تركيبات خاصة للرضع الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز. يجب استخدامها بناءً على توصية الطبيب.
- تجنب التشخيص الذاتي: من المهم عدم تشخيص حالة الرضيع بنفسك وإجراء تغييرات في نظامه الغذائي دون استشارة الطبيب.
- مراقبة الأعراض: يجب على الوالدين مراقبة أعراض الرضيع والإبلاغ عن أي تدهور للطبيب.
- إعادة إدخال اللاكتوز: عند استخدام تركيبات خالية من اللاكتوز بشكل مؤقت، يجب محاولة إعادة إدخال الحليب القياسي أو حليب الأم تدريجيًا تحت إشراف الطبيب لتقييم تحمل الرضيع.
الخلاصة:
عدم تحمل اللاكتوز حالة شائعة نسبيًا عند الرضع، خاصة بعد التهابات الجهاز الهضمي. في معظم الحالات، يكون مؤقتًا ويتحسن مع تعافي الأمعاء. التشخيص الدقيق من قبل الطبيب ضروري لتحديد النوع المناسب من عدم تحمل اللاكتوز ووضع خطة علاجية مناسبة تضمن حصول الرضيع على التغذية الكافية مع تقليل الأعراض.