قبائل إقليم عدن : تنوعات اجتماعية وتاريخية في جنوب اليمن
تمثل قبائل إقليم عدن، الذي يضم محافظات أبين ولحج والضالع وعدن، منطقة ذات أهمية استراتيجية وتاريخية عريقة في جنوب اليمن. هذه البقعة من الأرض ليست فقط بوابة بحرية حيوية، بل هي أيضًا موطن لتنوع قبلي غني، حيث استوطنت عبر العصور العديد من القبائل اليمنية ذات الجذور العميقة في التاريخ. يسعى هذا التقرير إلى استعراض أبرز هذه القبائل في كل محافظة من محافظات الإقليم، مع إبراز جوانب من تاريخها وأنسابها وتوزيعها الجغرافي، وإضافة معلومات تساهم في رسم صورة أكثر شمولية لهذا النسيج الاجتماعي الفريد
أولًا: قبائل محافظة الضالع – معاقل العراقة والأصالة
تتميز محافظة الضالع بتضاريسها الجبلية الوعرة التي شكلت عبر التاريخ حصنًا للعديد من القبائل العريقة التي حافظت على استقلاليتها وتقاليدها. من أبرز قبائل الضالع:
- قبيلة آل أحمد الأميري: تُعد من القبائل البارزة في الضالع، وتتكون من عدة فروع رئيسية هي: بنو مساعد، وبنو شعفل، وبنو هادي، وبنو مرشد، وبنو قاسم. يُشير اسمهم إلى ارتباطهم بالإمارة الأميرية التي حكمت الضالع لفترة طويلة، مما يعكس دورهم التاريخي في المنطقة.
- قبيلة الجحافي: من القبائل الكبيرة والواسعة الانتشار في الضالع، وتضم فروعًا عديدة تشمل: الظاهري، والقطراني، والقحطاني (يُحتمل انتسابهم إلى قحطان جد القبائل اليمنية)، والهدالي، والمردعي، والزنداني، وبني النقيب، والجباري، والفتين، وبني هاشم (قد يكون لهم صلة بالأشراف)، وبني مطر، والأحسون، والشراعبه، والصبحي، والحرملي، والبركيني، والذياب، والملاوي، والسروري، والمعاكرة، وبني صلاح، والقويضي، والحداد، وآل سعيِد، والفهد. هذا التنوع في الفروع يشير إلى تاريخ طويل من التداخل والتحالفات القبلية في المنطقة.
- قبيلة الحريري: تنتشر في مناطق مختلفة من الضالع، وتتألف من آل السادة الدراويش (يُحتمل انتسابهم إلى الأشراف)، والفقهي العنسي (نسبة إلى قبيلة عنس المذحجية)، والمرفدي، والعقوري. وتتوزع مساكنهم على قرى المرافدة والحردود وحجلة والجوس والميهرة والمصنعة، والغشة، وحصن البدوي، وعسيقة، ومشيرعة، ومثعد ومرات، والمعاريض، والقبل، وعزن، ولكلمة النواب، والقرمة وعتابة. هذا التوزيع الجغرافي الواسع يدل على حضور قوي لهذه القبيلة في المنطقة.
- قبيلة الحشاء: تستوطن منطقة جبل الحشاء، وتتكون من عدد من العزل (التقسيمات الإدارية القبلية) هي الأحذوف وضوران (ويُشار هنا إلى أنها غير ضوران آنس بمحافظة ذمار)، وتقع في سفح جبل الحشاء أسفل حصن وعل، بالإضافة إلى عزلة بني صبيح وعزلة العتابي وعزلة بني عبد الله الأحيوق. طبيعة المنطقة الجبلية الوعرة ساهمت في الحفاظ على خصوصية هذه القبيلة.
- قبيلة الشعيبي: تتمركز في مناطق محددة من الضالع، وتضم فروع العوابل، والقزعة، وبخال، وحذوة، والرجبة.
- قبيلة الشاعري: من القبائل المعروفة في محافظة الضالع.
- قبيلة الأزارق: لها حضور في مناطق معينة من المحافظة.
- قبيلة الأحمدي: من القبائل التي تحمل اسمًا شائعًا في اليمن، ولها تواجد في الضالع.
- قبيلة الزُبيدي: تنتسب إلى قبيلة زبيد الكبيرة، ولها فروع في مناطق مختلفة من اليمن.
- قبيلة الخوارج: اسم قد يشير إلى تاريخ أو معتقدات معينة لأفراد هذه القبيلة في الماضي.
- قبيلة الحالمي: يُشير اسمها إلى منطقة حالمين التي تمتد بين لحج والضالع، مما يدل على صلة تاريخية أو جغرافية بالمنطقة.
- قبيلة الدكام: من القبائل التي لها تواجد في الضالع.
- قبيلة المحاربة: اسم يوحي بتاريخ من الصراعات أو القوة القتالية.
- قبيلة الحميدي: اسم شائع بين القبائل اليمنية، وقد يكون لها فروع أخرى في مناطق مختلفة.
- قبيلة بني سعيد: من القبائل التي تحمل هذا الاسم في مناطق أخرى من اليمن.
- قبيلة الضبيات: من القبائل التي لها حضور في محافظة الضالع.
ثانيًا: قبائل محافظة أبين – تنوع الأنساب والجذور التاريخية
تُعد محافظة أبين من المناطق الهامة في جنوب اليمن، وتتميز بتنوعها القبلي الذي يعكس تاريخًا حافلًا بالأحداث والهجرات. من أبرز قبائل أبين:
- قبيلة آل فضل: تنتسب إلى السلطان حيدرة بن الفضل بن أحمد بن حيدرة، ويُقال إن نسلهم يعود إلى حمير، مما يربطهم بواحدة من أعرق الحضارات اليمنية القديمة. تتكون آل فضل من فروع رئيسية هي: آل أحمد بن عبد الله، وآل ناصر بن عبد الله، وآل فضل بن عبد الله، وآل صالح بن عبد الله، وآل امهيثمي، وآل عوض امحضار، وآل أحمد بن سالم، وآل عبد الله بن حيدرة، وآل يحى. يشير لقب “سلطان” إلى دورهم التاريخي في حكم المنطقة.
- قبائل عله: يتركز وجودهم في مناطق جيشان ودثينة والوضيع والسواد وامصرة وبعض المناطق المجاورة. وهم من ذرية الجحفل بن عوف بن النخع بن عله بن مذحج، مما يربطهم بقبيلة مذحج الكبيرة. من قبائل عله: العلهين، والنخعين، وآل باليل، والمياسر، والحسني، والسعيدي، وآل فطحان، والعرولي، والحاتمي، والعلوي (بني علي)، وأهل حيدرة امنصور. هذا الانتساب إلى مذحج يعكس عمق جذورهم في التاريخ القبلي اليمني.
- قبيلة بني قاصد بن يافع: ينتسبون إلى بني قاصد بن يافع بن مالك بن قاول بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير، مما يربطهم أيضًا بحضارة حمير. يتمركزون في مناطق سباح ودثنيه ورصد وحمومه وسرار، وكذلك في زنجبار. من قبائل بني قاصد: اليزيدي، والكلدي، والسعدي، واليهري، والناخبي. يُلاحظ هنا الارتباط الوثيق بقبائل يافع التي سيتم تناولها لاحقًا.
- قبائل العوذلي: ينتسبون إلى بنو عائذ الله، وهو بطن من سعد العشيرة بن مذحج. تتمركز قبائل آل عوذله في مناطق الكور ودمان ومكيراس والمناطق المجاورة لها. من قبائل العوذلي: أهل قاسم علي، والشعوي، والذييبي، والدماني، والمخاير، والدهبلي، والبركاني، والقفعي، والمنصوري، والفدا، والبجير، والوحيش، والشهري، والجعيملان، والمرزوقي، والعسيلي، والضمج، وآل علي، والسادة والمشايخ، وقبائل وأسرى تتبع لقبائل العواذل. ومن القبائل العوذلية قبيلة آل عسيل التي تسكن واديًا يحمل اسمها، وتنقسم إلى عدة فخائذ: آل علي بن عمر، وآل سعيد، وآل خضر، وآل أمبارك، وآل جعدان، وآل مقصف، وآل فطيس. تتوزع مساكنهم في عدة قرى وأودية مثل الجزء السفلي من الخربة ووادي سحيما ووادي ذم مرو وجبل مملح (الذي يتميز بارتفاعه الشاهق والآثار الحميرية) والكشية وزيدة والعنبة ووادي طحيلة ووادي امحجله ووادي فطيس ووادي آل سعيد ووادي تخل ووادي الجناح ووادي الظاهرة ووادي العين. هذا التفصيل الدقيق يوضح الانتشار الواسع لقبيلة العوذلي وفروعها في المنطقة.
- قبيلة الكازمي: يُنسب الكوازم إلى قبيلة الأشموس من كندة أو إلى قبائل عامرية. تتمركز قبائل باكازم في المحفد وأحور وبعض المناطق المجاورة. من قبائل باكازم: آل سعد، والمنصور، وآل حتله، وآل جحرز، وآل الدولة، والمساعدة، وكذلك السادة والمشايخ كآل باعزب وآل بامرحول. هذا الانتساب إلى كندة أو عامر يعكس تنوع الأصول القبلية في أبين.
- قبيلة المراقشة: ينتسبون إلى رقوش بن أحمد من بنو الكلاع بن شراحيل بن حمير. يتمركزون في مناطق خنفر وزنجبار، وخاصة جبالهم التي تسمى جبال المراقشة. من قبائل المراقشة: آل بالعيد، وآل حوتر، وآل محمر، وآل مجلد، وآل سند، وآل عباد، وآل عمر، وآل سالم، وأهل علي، وآل امبشع. ارتباطهم بحمير يؤكد على عمق تاريخهم في المنطقة.
ثالثًا: قبائل محافظة لحج – عراقة التاريخ وأصالة النسب
تُعتبر محافظة لحج من المحافظات اليمنية ذات التاريخ العريق، حيث شهدت قيام سلطنات وإمارات لعبت أدوارًا هامة في تاريخ جنوب اليمن. وتضم لحج عددًا من القبائل اليمنية المشهورة التي شاركت في صناعة التحولات التاريخية عبر العصور:
- قبائل يافع: تُعد من أكبر وأشهر القبائل في جنوب اليمن، وتنقسم إلى قسمين رئيسيين: يافع العليا ويافع السفلى. يافع السفلى تتألف من قبائل آل اليزيدي، والكلدي، والسعدي، واليهري، والناخبي (وهي نفسها فروع بني قاصد في أبين، مما يدل على وحدة الأصل والانتشار الجغرافي). أما يافع العليا فتنقسم إلى خمسة أقسام هي الحضرمي، والبعسي، والضبي، والموسطة، والمفلحي. وتُعرف قبائل يافع بـ “قبائل سرو حمير”، مما يؤكد على انتسابها إلى مملكة حمير.
- قبائل الصبيحة: تضم مجموعة كبيرة من القبائل التي تستوطن الساحل الغربي لمحافظة لحج، وتشمل: الحميدي، والطقاطقة، والجبيري، والخزيمي، والمطرفي، والخدمي، والمنصوري، والدبيني، والزيدين، وأهل شعب، وأهل جرابي، والوحشي، والبراهمي، والبشبوشي، والشمرية، والمضاربة، والكعلولي، والشبيقي، والعلقمي، والعاطفي، والمخايا، والمحمودي، والجرتني، والكلي، والصميتة (الصماتي)، والعطيرة (العطري)، والبريمة (البريمي)، والزنقرة (الزنقري). هذا التنوع الكبير يشير إلى تحالف قبلي واسع تحت اسم الصبيحة.
- قبائل ردفان: تستوطن منطقة ردفان الجبلية، وتضم عددًا من القبائل أكبرها: القطيبي، والعبدلي (التي ينتسب إليها سلاطين لحج)، والحجيلي، والبكري، والضنبري، والداعري (بنا)، وداعري (الحجف)، والعلوي (صهيب)، بالإضافة إلى قبائل أصغر مثل المحلئي، والذيباني، والمزاحمي، والقماري، والمورعي، وأهل شيخ. لعبت قبائل ردفان دورًا بارزًا في مقاومة الاستعمار البريطاني.
- قبائل الحد: تُعرف بقبائل آل الداوودي، وتستوطن الأطراف الحدودية لمحافظة لحج مع محافظة البيضاء، في مناطق الحد التي تقع أسفل جبل العر الشهير. تمتد مساكنهم في قرى متفرقة من قرية الفرده غربًا وحتى قرية صبر شرقًا، وأبرز قراهم قرية أهل ماجُوح، وقرية الفرع، وقرية المسحر، وقرية امهوبج، وقرية الخلقة، وقرية امنقعه، وقرية الخلقة واقده امْهَضَبة، وذو امْطَلْحة. وتُعد قلعة الخلقة التاريخية من أهم معالم منطقة الحد، حيث تقع في قرية الخلقة فوق تل صخري منيع، ويعود تاريخها إلى زمن الطاهريين في القرن التاسع الهجري. وقد لعبت القلعة أدوارًا هامة في فترات تاريخية مختلفة، بما في ذلك فترة الدولة الطاهرية والحملة التركية على يافع وحملات القاسميين.
رابعًا: قبائل محافظة عدن – بوتقة الحضارات والتنوع الاجتماعي
تختلف محافظة عدن عن باقي محافظات الإقليم نظرًا لطبيعتها كمدينة ساحلية ومركز تجاري دولي عبر التاريخ. وقد استقطبت عدن موجات من الهجرات من مختلف مناطق اليمن وشبه الجزيرة العربية وخارجها، مما أدى إلى تكوين نسيج اجتماعي أكثر تنوعًا. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض القبائل ذات الجذور التاريخية في منطقة عدن وضواحيها، بالإضافة إلى تواجد فروع من القبائل الكبيرة المذكورة في المحافظات الأخرى.
تاريخيًا، كانت عدن تخضع لحكم سلطنات وإمارات مجاورة مثل سلطنة لحج وسلطنة يافع، وبالتالي كان هناك تواجد ونفوذ لهذه القبائل في مناطق قريبة من عدن. ومع تحول عدن إلى مركز حضري وتجاري رئيسي، تضاءل الطابع القبلي الصرف داخل المدينة نفسها، وبرزت فيها أسر وعائلات ذات أصول متنوعة.
ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى بعض القبائل التي لها امتدادات أو تواجد تاريخي في محيط عدن، مثل بعض فروع قبائل الصبيحة ويافع التي قد تتواجد في المناطق الريفية المحيطة بالمدينة. كما أن هناك أسرًا وعائلات في عدن تحمل أسماء قبائل من مختلف أنحاء اليمن، مما يعكس الهجرات التي شهدتها المدينة عبر تاريخها.
إضافة وتحليل:
يُلاحظ من هذا الاستعراض أن إقليم عدن يضم تنوعًا قبليًا كبيرًا، حيث تنتمي قبائله إلى أصول مختلفة، بما في ذلك حمير ومذحج وكندة، بالإضافة إلى ارتباطها بسلطنات وإمارات تاريخية مثل الإمارة الأميرية في الضالع وسلطنة لحج وسلطنة يافع. هذا التنوع يعكس تاريخًا طويلًا من الهجرات والتفاعلات القبلية في المنطقة.
كما يُلاحظ أن بعض القبائل تتواجد في أكثر من محافظة داخل الإقليم، مثل قبائل يافع التي لها فروع في أبين ولحج، مما يدل على الروابط القوية والتاريخ المشترك بين هذه المناطق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود معالم تاريخية مثل قلعة الخلقة في مناطق استيطان القبائل، يشير إلى الدور الذي لعبته هذه القبائل في الأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة.
ختامًا:
يُعد إقليم عدن فسيفساء اجتماعية فريدة بتنوع قبائله وأصولها وتاريخها. إن فهم التركيبة القبلية لهذا الإقليم يساهم في فهم أعمق للتاريخ الاجتماعي والسياسي للمنطقة، ويُبرز الدور الهام الذي لعبته هذه القبائل في تشكيل هويتها عبر العصور. ورغم التغيرات التي طرأت على المنطقة مع التحديث والتوسع الحضري، لا يزال للقبائل في إقليم عدن تأثيرها وأهميتها في النسيج الاجتماعي والثقافي.
مواضيع ذات صلة:
