تمتلك إيران بنية تحتية للعديد من المواقع النووية الإيرانية واسعة النطاق، تتوزع على عدة مواقع نووية إيرانية حيوية، تضم منشآت بحثية متطورة، ومخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المخصب، والذي وصل جزء منه إلى مستويات قريبة جدًا من تلك المطلوبة لتصنيع الأسلحة النووية. تتوزع هذه المواقع بين أربع فئات رئيسية: منشآت تخصيب اليورانيوم، مراكز الأبحاث والمفاعلات النووية، ومناجم اليورانيوم، بالإضافة إلى مواقع يُشتبه في ارتباطها بالتصنيع النووي العسكري.
يثير هذا الانتشار وهذه القدرات قلقًا دوليًا متزايدًا، بالرغم من تأكيد طهران على سلمية برنامجها.
منشآت تخصيب اليورانيوم قلب البرنامج النووي
تعد منشآت تخصيب اليورانيوم هي الأكثر حساسية في البرنامج النووي الإيراني، نظرًا لدورها المباشر في إنتاج اليورانيوم المخصب، وهو المادة الأساسية لإنتاج الوقود النووي أو الأسلحة النووية.
مواضيع ذات صلة: مطار مهرآباد الدولي بوابة طهران التاريخية وحاضر الحركة الجوية الداخلية
مجمع نطنز النووي الركيزة الأساسية
يعتبر مجمع نطنز النووي الموقع الإيراني الأكبر والأكثر أهمية لتخصيب اليورانيوم. يقع على بُعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب العاصمة طهران، ويمتد على مساحة شاسعة تبلغ 3 كيلومترات مربعة. ما يميز هذا الموقع هو بناء جزء كبير منه على عمق نحو 3 طوابق تحت الأرض، مما يوفر له حماية كبيرة. صممت المنشأة لاستيعاب 50 ألف جهاز طرد مركزي، وهي قادرة على إنتاج اليورانيوم المخصب الذي يمكن استخدامه كوقود للمفاعلات النووية.
كان بناء نطنز سريًا حتى كشف عنه عام 2002، مما أشعل مواجهة دبلوماسية بين الغرب وإيران. وقد تعرض المفاعل لسلسلة من الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل منذ عام 2010، شملت هجمات إلكترونية وتفجيرات وتخريبًا في أنظمة الكهرباء. في يونيو 2025، أكدت إيران أن نطنز كان ضمن الأهداف التي استُهدفت في هجوم جوي إسرائيلي.
تتميز منشأة نطنز بكونها مجهزة بمنظومة دفاع جوي وأسلاك شائكة وقوات من الحرس الثوري الإيراني. تضم المنشأة مرفقين للتخصيب: أحدهما ضخم تحت الأرض، والآخر تجريبي فوق الأرض.
بحلول عام 2007، كانت إيران قد نصبت 3 آلاف جهاز طرد مركزي جديد، وبدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في عام 2009. كما اختبرت طهران أجهزة طرد مركزي متطورة من نوع “آي آر-8” في عام 2014، مما يعكس سعيها المستمر لزيادة قدرات التخصيب.
بموجب اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) لعام 2015، كان مرفق نطنز هو الموقع الوحيد المسموح فيه بتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 3.67% لمدة 15 عامًا. ومع ذلك، تظهر صور الأقمار الصناعية التي التُقطت عام 2023 أن إيران تقوم بحفر أنفاق على عمق يتراوح بين 80 و100 متر في جبل قريب من نطنز، بهدف استبدال مركز تصنيع أجهزة الطرد المركزي الذي يعتقد أن إسرائيل خربته في يوليو 2020، مما يشير إلى سعيها لتعزيز حماية وتوسعة قدراتها.
منشأة فوردو الحصن تحت الأرض
تعد منشأة فوردو ثاني مرفق لتخصيب اليورانيوم في إيران، وقد شيدت بعمق داخل الجبال القريبة من مدينة قم، على بعد 180 كيلومترًا جنوب طهران، مما يجعلها محمية بشكل أفضل من أي قصف محتمل. تقع هذه المنشأة على عمق يتراوح بين 60 و90 مترًا تحت الأرض. ضاعفت إيران عدد أجهزة الطرد المركزي في فوردو، وتمكنت من إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% فيها، وهي نسبة قريبة جدًا من الدرجة اللازمة لتصنيع الأسلحة (90%).
مواضيع ذات صلة : من هو رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري
مراكز الأبحاث والمفاعلات النووية تعدد الاستخدامات
إلى جانب منشآت التخصيب، تمتلك إيران عدة مواقع أخرى مهمة لبرنامجها النووي.
منشأة أصفهان مركز التكنولوجيا النووية
تضم إيران مركزًا كبيرًا للتكنولوجيا النووية على مشارف أصفهان، ثاني كبرى مدنها. يشمل هذا المركز مصنعًا لإنتاج ألواح الوقود ومنشأة لتحويل اليورانيوم، القادرة على معالجة اليورانيوم وتحويله إلى سداسي فلوريد اليورانيوم (UF6)، الذي يستخدم لتغذية أجهزة الطرد المركزي. كما توجد في أصفهان معدات لصنع معدن اليورانيوم، وهي عملية حساسة للغاية نظرًا لإمكانية استخدامها في تصميم قلب القنبلة النووية.
مفاعل خونداب (أراك) مخاوف البلوتونيوم
يمتلك إيران مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل، وقد بنيت أجزاء منه، وكان يُعرف في الأصل باسم “أراك” ويسمى حاليًا خونداب. تثير مفاعلات الماء الثقيل مخاوف كبيرة من الانتشار النووي؛ لأنها يمكن أن تنتج البلوتونيوم بسهولة، والذي يمكن استخدامه، شأنه شأن اليورانيوم المخصب، لصنع قلب القنبلة الذرية.
مفاعل بوشهر لتوليد الطاقة
يعد مفاعل بوشهر أحد المواقع النووية الإيرانية المعلنة، ويستخدم بشكل أساسي لتوليد الطاقة الكهربائية. تم اكتمال بنائه بمساعدة كبيرة من وكالة روساتوم الروسية الحكومية، وافتتح رسميًا في 12 سبتمبر 2011. ومع ذلك، يظل هذا المفاعل محل اهتمام دولي نظرًا لاحتمالات استخدامه في برامج أخرى. أعلنت إيران أيضًا عن نيتها إنشاء مصنع جديد للطاقة النووية في دارخوين بقدرة 360 ميجاوات.
مناجم اليورانيوم المصادر الأولية
لضمان الاكتفاء الذاتي من المواد الخام، تمتلك إيران مناجم لليورانيوم.
منجم غاشين لليورانيوم مصدر اليورانيوم الخام
يقع منجم غاشين بالقرب من ميناء بندر عباس، وكان هدفه الأساسي أن يكون مصدرًا لليورانيوم الخام للبرنامج النووي الإيراني. على الرغم من أن الإنتاج الحالي من المنجم قد لا يكون كافيًا لتلبية احتياجات مفاعل للطاقة الكهربائية بالكامل. إلا أنه يمثل جزءًا أساسيًا من سلسلة توريد الوقود النووي الإيراني.
مواقع محتملة للتصنيع النووي العسكري جدل دولي
تشير بعض التقارير الدولية إلى وجود مواقع نووية إيرانية محتملة تُستخدم في التصنيع النووي العسكري، مما يزيد من تعقيد المشهد.
مجمع بارشين العسكري: شبهات التسلح النووي
يقع مجمع بارشين العسكري جنوب طهران ويضم منشآت يُعتقد أنها استُخدمت أو لا تزال تستخدم في تطوير الأسلحة النووية. تشمل هذه المنشآت مرافق تحت الأرض يحتمل أنها مخصصة لإنتاج مكونات نووية. تزايدت هذه الشكوك بعد تقارير للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تفيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن قدرة إيران تتزايد بشكل كبير على إنتاج اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء تصل إلى 60%. وهي نسبة قريبة جدًا من الدرجة اللازمة لتصنيع الأسلحة (90%). ومع ذلك، تنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية وتصر على أن برنامجها سلمي تمامًا.
تاريخ برنامج إيران النووي من “الذرة من أجل السلام” إلى التوسع
أطلق برنامج إيران النووي في خمسينيات القرن العشرين بمساعدة من الولايات المتحدة، كجزء من برنامج “الذرة من أجل السلام”. شاركت الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية الغربية في البرنامج حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بشاه إيران.
بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أمر روح الله الموسوي الخميني بحل أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج. معتبرًا هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي. لكنه سمح لاحقًا بإجراء بحوث صغيرة النطاق في الطاقات النووية، وأعاد السماح بإعادة تشغيل البرنامج خلال الحرب الإيرانية العراقية. وقد خضع البرنامج لتوسع كبير بعد وفاة روح الله الخميني في عام 1989. وشمل هذا التوسع عدة مواقع بحث، ومنجمين لليورانيوم، ومفاعل أبحاث. ومرافق معالجة اليورانيوم، بما في ذلك محطات تخصيب اليورانيوم الثلاث المعروفة.
في نوفمبر 2011، انتقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مجلس محافظي إيران. وخلص تقريرها إلى أن إيران على الأرجح قد أجرت بحوثًا وتجارب تهدف إلى تطوير قدرات الأسلحة النووية قبل عام 2003.
أوضح التقرير تفاصيل مزاعم بأن إيران أجرت دراسات تتعلق بتصميم الأسلحة النووية. بما في ذلك وضع المفجر، ووضع نقاط متعددة من المواد شديدة الانفجار. والتجارب التي تنطوي على إمكانية حمل صواريخ نووية على مركبات ناقلة. رفضت إيران تفاصيل التقرير واتهمت الوكالة بالتحيز.
في عام 2010، أصدر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، علي الخامنئي، فتوى بتحريم إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة النووية. وأكد الخامنئي أن البرنامج النووي الإيراني هو لأغراض سلمية، وأن مبادئ الجمهورية الإسلامية تمنعها من اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية.
تظل المواقع النووية الإيرانية محور جدل دولي، حيث تتأرجح الشكوك بين استخدامها السلمي لإنتاج الطاقة وامتلاك القدرة على تصنيع الأسلحة. مما يستدعي مراقبة دولية مستمرة ودبلوماسية مكثفة.