الفساد خنجر في جسد الشرعية

سلطان اليفرسي
لم يكن الفساد في صفوف القيادة الشرعية مجرد خطأ عابر أو تجاوز إداري، بل تحول إلى خنجر مسموم يغرس في جسد الشرعية نفسها. فبدلاً من أن تكون هذه القيادة حاضنة للمناضلين والجنود والضباط الذين قدّموا أرواحهم وأعمارهم فداءً للوطن، تحولت إلى أداة قمع وتهميش، بل وإلى سيف مُسلَّط على رقاب الشرفاء.
اليوم نرى كيف تُحارب الكفاءات من الضباط والأفراد الذين وقفوا في الميدان وصبروا على الجوع والحرمان، بينما تتصدر المشهد شخصيات متخمة بالفساد والامتيازات.
نرى كيف تُجَوَّع أسر الشهداء والمناضلين، وتُحرم من أبسط حقوقها، في وقتٍ تُنهب فيه الأموال العامة وتوزَّع المناصب على أساس الولاءات والمحسوبية، لا على أساس الكفاءة والتضحيات.
لقد أصبح الفساد المستشري في أروقة القيادة الشرعية هو السبب الأول في ضعفها وفقدانها للثقة الشعبية. كيف يمكن أن تُكتب لها النجاة وهي تُحارب أبناءها؟ كيف يمكن أن تستعيد الشرعية قوتها وهي تُهمّش المناضلين وتكافئ الفاسدين؟
إن القيادة التي تجوّع جنودها وتقصي ضباطها وتفتح الأبواب فقط أمام المتنفذين، هي قيادة لا تختلف عن العدو في شيء، بل ربما كانت أشد خطرًا، لأنها تهدم الشرعية من الداخل وتحوّلها إلى جسد ميت لا روح فيه.
المناضلون الحقيقيون اليوم يدركون أن معركتهم ليست فقط ضد الانقلابيين، بل أيضًا ضد الفساد الذي ينخر في مؤسسات الشرعية ويحوّلها إلى أداة إضعاف بدل أن تكون وسيلة تحرير.
والتاريخ لن يرحم أحدًا… سيذكر الشرفاء الذين صبروا وقاتلوا وضحوا، كما سيذكر الفاسدين الذين طعنوا الشرعية بخنجرهم المسموم، وجوّعوا من كان يجب أن يُكرَّم ويُرفع شأنه.