التيماني وش يرجع ؟ كشف أسرار نسب عائلة عربية عريقة
اللغز الذي حيّر الباحثين
عندما يُسأل ” التيماني وش يرجع “، ينهض من بين رمال تيماء تاريخٌ عريقٌ يحمل أسرار قبائل شمر، وملحمة إحياء أرضٍ موات، وصعود إمارة حكمت شمال الجزيرة العربية. هذه العائلة لم تكن مجرد فرعٍ قبلي، بل صنعت بماء بئر هداج وأسنة رماحها مجدًا تُروى حكاياته في مضارب شمر من حائل إلى الجوف.
الجواب الحاسم: النسب الشمري المتجذر في الفداغة
التيمانيون فرعٌ أصيلٌ من قبيلة شمر العظيمة، وتحديدًا من فخذ الفداغة المنحدر من سنجارة – زوبع، وهذا النسب ليس مجرد ادعاءً، بل تؤكده وثائق الأنساب وشهادات كبار المؤرخين. فجدهم المؤسس هو سليمان بن غنيم الفداغي الذي هاجر من حائل إلى تيماء في القرن الثاني عشر الهجري، ليُحيي أرضًا طواها النسيان بعد فيضان مدمر.
“التيمانيون دمٌ واحدٌ يجري في عروق الفداغة.. وشمر ليست مجرد نسب، بل هوية صنعت تاريخ تيماء” – رواية الشيخ حماد الوتيد.
شجرة شمر: الجذور التي تغذي التيمانيين
قبيلة شمر – إحدى أكبر قبائل الجزيرة العربية – تتفرع إلى ثلاثة عشائر كبرى: عبدة، الأسلم، وزوبع. ومن زوبع تندرج سنجارة التي تشمل خمسة أفخاذ عريقة:
- الثابت (بطن التومان والنجم).
- الزامل (أصل الغنية والصقر).
- الزميل (ينقسم لتسعة فروع).
- الغفلية (فرع القني والرمال).
- الفداغة – وهو بيت التيمانيين.
الهجرة التاريخية: من حائل إلى تيماء.. رحلة إحياء الموتى!
بعد فيضان مدمر ضرب تيماء عام 552 هـ، تحولت المدينة إلى أطلال. هنا جاء سليمان بن غنيم الفداغي حاملًا معجزة إعادة الحياة:
- اكتشف بئر هداج المدفون تحت الرمال، وحفره بيديه ليعود الماء إلى تيماء بعد قرون من الجفاف.
- أسس أول حكمٍ قبلي في المنطقة، وتزوج من العوشق (من السويد في شمر)، ليصبح أبناؤه نواة العائلات الحاكمة.
- من ذريته تشكلت ثلاث سلالات حاكمة:
- البسيس (أصل التيمانيين في الجوف).
- المحمد (فرع البريذع والعلي).
- الرمان (الذين حكموا تيماء 80 عامًا).
التيمانيون: لماذا سُمّوا بهذا الاسم؟
اللقب جاء من هادي البسيس الفداغي (جد العائلة الأكبر). فلُقب أحفاده بـ “التيماني” نسبة إلى موطنهم الجديد في تيماء، تمييزًا عن باقي فروع البسيس في الجوف.
عائلة الرمان: حُكّام تيماء الذين تحدّوا آل رشيد!
أشهر فروع التيمانيين هم الرمان، الذين حكموا تيماء بقبضةٍ حديدية:
عبد العزيز الرمان: المؤسس الذي هز عرش إمارة جبل شمر
- استقل بتيماء عام 1880م بعد تمردٍ على حكم آل رشيد.
- حول المدينة إلى قلعة منيعة، وصد هجمات القبائل المناوئة.
عبد الكريم الرمان: الأمير الشهيد
- قتل ممثل ابن رشيد (ناصر بن عتيق) عام 1916م، منهيًا سيطرة حائل على تيماء.
- اغتيل أثناء صلاة الفجر عام 1369هـ بتدبير من ابن عمه فارس الثويني، ليدخل اسمه في سجلات الشهادة.
“حين سقط عبد الكريم في المحراب، كان آخر ما سمعه صيحة برجس الرمان: ‘خذها يا قاتل الأمير!'” – رواية كبار السن في تيماء.
سر “الفداغة”: لماذا يُلقبون بـ”أهل البلها”؟
التسمية تحمل قصتين أسطوريتين:
- أصل الاسم: من جدهم غنيمة بن زامل الذي كان يحمل عصا غليظة ويقول: “والله لأفدغ رأس من يعتدي علينا!” (الفدغ = الدق بقوة).
- لقب “أهل البلها”: من معركة شهيرة استعادوا فيها إبلًا مسروقة تسمى “البله” من قبيلة عنزة، فصاروا يرددون في حروبهم: “يا راكبين البلها!”.
مشيخة الوتيد: السلطة الخفية وراء عرش التيمانيين
لطالما كان شيوخ آل وتيد (من الفداغة) أصحاب الكلمة العليا في القبيلة، حتى سُمّوا “أبو شمر”. ومن أبرز رموزهم:
- هجر الوتيد: الذي قال فيه شيخ شمر: “هذا أبو شمر.. لو انشق انشقت وراه نصف شمر!”.
- حماد الوتيد: داهية السياسة الذي وسع نفوذ المشيخة من تيماء إلى وادي السرحان.
- ساير الوتيد: صانع التحالفات مع الدولة السعودية الحديثة.
التيمانيون اليوم: من بئر هداج إلى كراسي الوزارات
انتشرت فروع العائلة في:
- السعودية: تيماء، الجوف، القصيم، الرياض (كبار الضباط ورجال الأعمال).
- العراق والأردن: فروع من البسيس حافظت على النسب الشمري.
- الكويت: التيمانيون من رموز الأدب والتجارة.
أعلام العائلة البارزين:
- رجال الأمن: قادة في الحرس الوطني والشرطة.
- المثقفون: د. عبدالله التيماني (أكاديمي سعودي).
- رجال الأعمال: أصحاب مشاريع تنموية في شمال السعودية.
خاتمة: الدم الشمري الذي حوّل الصحراء إلى ممالك
التيمانيون ليسوا مجرد عائلة، بل ظاهرة تاريخية تجسّد قدرة القبيلة العربية على صنع المعجزات: من تحت ركام فيضان تيماء، أقاموا إمارةٍ هزّت عروشًا، ومن بئرٍ مدفونٍ صنعوا رمزًا خالدًا (هداج)، ومن نسبٍ واحدٍ نسجوا شبكةً من السلطة والنفوذ تمتد من حائل إلى قصور الرياض.
“نحن الفداغة.. إذا غنينا للحرب رجّت الأرض، وإذا غنينا للسلام أينعت الصحراء” – مثل شمري يختصر سيرة التيمانيين.
مواضيع ذات صلة:
