في إحاطةٍ مُفصَّلة أمام مجلس الأمن الدولي، سلَّط المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الضوء على التحديات المُعقَّدة التي تواجهها البلاد بعد أكثر من عقدٍ من الصراع الدامي والانهيار الاقتصادي المُتفاقم، مؤكداً أن الأمم المتحدة تُكرِّس جهودها لتعزيز مسارات السلام المستدام.
نداءٌ للشجاعة السياسية:
حثَّ غروندبرغ الأطراف اليمنية على “تبنّي الشجاعة والجدية” للدخول في حوارٍ سياسي شامل، مشيراً إلى أن إنهاء الحرب لن يتحقق إلا عبر تسويةٍ تفاوضية تراعي مصالح جميع الفئات. وأكد أن الدعم الدولي المُنسَّق والمُستدام ركيزةٌ أساسية لضمان نجاح أي اتفاق، داعياً المجتمع الدولي إلى توحيد الرؤى لإنقاذ اليمن من دوامة العنف.
تفاؤل حذر بفرصة التهدئة:
رحَّب المبعوث الأممي بالاتفاق الأخير لوقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة ومليشيات الحوثي، واصفاً إياه بـ”النافذة الواعدة” لتخفيف التصعيد في البحر الأحمر، وإعادة تركيز الأطراف على طاولة المفاوضات. إلا أنه حذَّر من أن استمرار الهجمات العسكرية، خاصةً تلك التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية، يُهدِّد بإفشال خطوات التهدئة، مُطالباً باحترام القانون الدولي الإنساني.
تحذيرات من كارثة إنسانية واقتصادية:
كشف غروندبرغ عن تداعيات الانهيار الاقتصادي المُتسارع، مُشدِّداً على أن استمرار تعثُّر دفع الرواتب، وانهيار الخدمات الأساسية كالكهرباء والصحة، إلى جانب القمع الممنهج في مناطق سيطرة الحوثيين، يُغذِّي معاناة المدنيين ويُعمِّق أزماتهم. ودعا إلى إطلاق مسارٍ سياسي عاجل يعيد بناء مؤسسات الدولة، ويُعيد تأهيل الاقتصاد اليمني المنهك.
مطالبة بالإفراج عن المحتجزين:
في ختام إحاطته، استنكر المبعوث الدولي استمرار احتجاز الحوثيين لموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الإنسانية، ووصف هذه الممارسات بأنها “عقبةٌ خطيرة” تُعطِّل جهود الإغاثة وتُقلِّل من فرص حصول المدنيين على المساعدات المنقذة للحياة. وطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، مُحذراً من تبعات استمرار هذه الانتهاكات على الدعم الدولي لليمن.
خارطة الطريق الأممية:
أكد غروندبرغ أن الأمم المتحدة تعمل على توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية سياسية شاملة، مع التركيز على أولوياتٍ ثلاثة: وقف إطلاق النار الدائم، ورفع الحصار عن المناطق المُتضررة، وبدء حوارٍ وطني يُشارك فيه جميع الأطراف. وجدَّد التأكيد على أن الوقت لم يفت بعد لإنقاذ اليمن، لكن ذلك يتطلب إرادةً سياسية فاعلة من الداخل، وضماناتٍ دولية جادة من الخارج.
هذا الملف المُعقَّد يبقى اختباراً لقدرة المجتمع الدولي على تحويل الخطاب الدبلوماسي إلى أفعالٍ ملموسة، في وقتٍ يُواجَه فيه اليمنيون بواقعٍ إنساني يُنذر بكارثةٍ لا تُطاق.